أفاد الشال بأن أولى خطايا الحكومة هي سابقة وقف تحويل 10% من الإيرادات العامة لمصلحة احتياطي الأجيال القادمة، وبأثر رجعي منذ نتائج السنة المالية 2018/2019، تزامن مع ذلك تحويل أصول غير سائلة من الاحتياطي العام إلى احتياطي الأجيال القادمة.
قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إن الحكومة الكويتية المؤقتة تعمل على تصريف العاجل من الأمور. وفي الظروف العادية، العاجل من الأمور هو تصريف شؤون الدولة التي لا تحتمل الانتظار، أي تلك المستحقة على المدى القصير والتي لا ترتب حقوقا أو التزامات على المدى المتوسط أو الطويل.
ولأنها فترة إدارة استثنائية، جرت العادة على أن تكون مدتها قصيرة، ولا يفترض أن تتجاوز الأسبوعين مقاربة بالفترة التي تعقب الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة تعكس إفراز نتائج الانتخابات.
استقالت الحكومة الجديدة -الـ 37- التي أعقبت الانتخابات النيابية في 05/12/2020 بتاريخ 12/01/2021، أي بعد حوالي شهر من تشكيلها، والواقع أنها باتت بحكم المستقيلة منذ اليوم الثاني لإعلان تشكيلها بتاريخ 14/12/2020، وعليه، فواقع وضعها حصر قدرتها على التصرف بحدود تصريف العاجل من الأمور، وذلك قد يستمر حتى 18 مارس القادم.
ذلك يعني غيابا فعليا لكل من الإدارة التنفيذية والتشريعية في الكويت على مدى نحو ربع السنة، كانت تدار خلالها من قبل حكومة لتصريف العاجل من الأمور، بينما متطلبات الظروف غير المسبوقة على مستوى العالم، وبشكل أقوى على الكويت، تحتم، ليس فقط حكومة على نمط الحكومات السابقة، وإنما حكومة استثنائية قابلة وقادرة على اتخاذ قرارات جراحية على المدى القصير، ومؤثرة إيجاباً على المدى المتوسط والطويل.
ولن نخوض في البعد السياسي، ولكن، على جبهتي السياسة المالية والاقتصادية، ما تقوم به الحكومة سوف تمتد آثاره السلبية على المديين المتوسط والطويل، وتداعياتهما سوف تجعل مهمة الحكومة الحصيفة الموعـودة، إن تشكلـت، في مواجهة صعبة مع تداعيات خطايا الحكومة المؤقتة الحالية.
أولى الخطايا هي سابقة وقف تحويل 10% من الإيرادات العامة لمصلحة احتياطي الأجيال القادمة، وبأثر رجعي منذ نتائج السنة المالية 2018/2019، تزامن مع ذلك تحويل أصول غير سائلة من الاحتياطي العام إلى احتياطي الأجيال القادمة، أصل الإنقاذ الوحيد المتبقي، وإلى جانب كونه بداية تخريب لمكونات احتياطي الأجيال القادمة، فهو حتماً تطاول على المبدأ والغرض من بناء ذلك الاحتياطي.
الخطيئة الثانية، كانت بدلاً من ترجمة الضغوط المالية والاقتصادية إلى خطوات إصلاح مالي حقيقي، قامت بالعاجل والخاطئ عند الإعلان عن مشروع موازنة السنة المالية 2021/2022، مكوناتها قص ولزق لمكونات الميزانيات السابقة، ومعدل نمو نفقاتها 6.9% بدلاً من ضغطها، والحكومة تعرف بأن استمرار زيادة النفقات العامة مع تناقص الإيرادات العامة، أمر استدامته مستحيلة، وسوف يستهلك كامل احتياطي الأجيال القادمة خلال عقد من الزمن عند هذا المعدل من نمو النفقات، ليلحق بمصير الاحتياطي العام.
ثالث الخطايا، قيام حكومة تصريف العاجل من الأمور بتقديم مشروع قانون يسمح بسحب 5 مليار دينار من احتياطي الأجيال القادمة في الوقت الذي لا تملك فيه تقديم برنامج إصلاح مالي تلتزم فيه أو تلزم الحكومة القادمة بمتطلباته بخفض مبرمج للنفقات العامة وزيادة مبرمجة للإيرادات العامة، وذلك قانون لا يجب التسامح معه، ولا يندرج تحت بند العاجل من الأمور، إلا إذا كانت النية تتجه إلى استنساخ نفس التشكيل الحكومي.
وما قدمه وزير المالية من برنامج مالي حتى السنة المالية 2024/2025 ليس فيه من قواعد الإصلاح المالي والاقتصادي شيء، هو مجرد إسقاط رياضي فرضياته مجهولة ولا يختلف عما قدمته كل الحكومات السابقة شاملا وعود عام 2017 لكل العالم، ولم تلتزم به، ورغم ذلك ينتهي إسقاط الوزير بعجز تراكمي بنحو 55.4 مليار دينار في 5 سنوات.
إن ما تقوم به الحكومة المؤقتة هو العاطل من الأمور، وليس العاجل منها، لأن آثار تلك القرارات عطلها متوسط إلى طويل الأجل، ونعتقد أن الغرض من القانون الأخير هو علاج اصطناعي للعجز المالي المستدام وإطفاء مؤقت لحريق السيولة، وربما غرضه الآخر هو الإيحاء لوكالات التصنيف الائتماني بتحسين مؤقت لتصنيفات الكويت الائتمانية السيادية.
تلك كانت فقط تكلفة 3 أشهر من الفراغ الإداري، ومع ارتفاع أسعار النفط والأداء الاستثنائي المحتمل لاستثمارات الكويت في عام 2020، وكلاهما مؤقت، قد تخفت ضغوط المدى القصير وتخفت معها الحاجة إلى إدارة عامة متمكنة، وتعود الكويت إلى ممارسة كل السياسات التي أوصلتها إلى الأوضاع المالية والاقتصادية البائسة التي كابدتها قبل شهور قليلة.