واشنطن تتخوّف من «عسكرة» القطب الشمالي
كشفت صور للأقمار الاصطناعية أن روسيا تحشد قوة عسكرية غير مسبوقة في القطب الشمالي، وتختبر أحدث أسلحتها في منطقة جليدية خالية حولتها إلى قاعدة عسكرية، في خطوة تهدف من ورائها إلى محاولة تأمين ساحلها الشمالي وفتح طريق شحن رئيسي من آسيا إلى أوروبا.
في تحركات مثيرة تهدف من ورائها إلى محاولة تأمين ساحلها الشمالي، وفتح طريق شحن رئيسي من آسيا إلى أوروبا، بخلاف أنها تشير إلى الأولوية الكبيرة التي تمنحها موسكو لتعزيز وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي، التي يُعتقد أنها تحتوي على ما يصل إلى ربع احتياطيات النفط والغاز غير المكتشفة على الأرض، نشرت شبكة “سي إن إن” الاخبارية الأميركية، أمس الأول، صوراً التقطتها أقمار اصطناعية كشفت ما يبدو أنه حشد روسي غير مسبوق لتعزيز الوجود العسكري في منطقة القطب الشمالي، فضلاً عن أنها تختبر أحدث أسلحتها عالية التقنية بمنطقة جليدية خالية حوَّلتها إلى قاعدة عسكرية، في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها تراقب “عن كثب” النشاط العسكري الروسي في القطب الشمالي.
وقال الناطق باسم “البنتاغون” جون كيربي رداً على سؤال، في مؤتمر صحافي، عن مدى قلق وزارة الدفاع الأميركية بشأن تقارير عن اختبار أسلحة وصور للقواعد روسية جديدة: “نحن نراقب ذلك عن كثب، ولا أحد مهتم برؤية عسكرة القطب الشمالي”.
وأضاف كيربي، أن للولايات المتحدة مصالح أمنية وطنية في القطب الشمالي، وتعتبر المنطقة حيوية للدفاع الوطني و”كممر استراتيجي محتمل” بين المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا والولايات المتحدة.
ويُعتقد أن كميات هائلة من النفط والغاز موجودة هناك، وأدى وجود الموارد المعدنية القيّمة مراراً إلى نشوب نزاعات إقليمية.
ونقلت “سي إن إن” الاخبارية عن متحدث آخر باسم “البنتاغون” توماس كامبل قوله، إن “روسيا تعيد تجديد المطارات ومنشآت الرادار التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، وبناء موانئ جديدة ومراكز بحث وإنقاذ، وبناء أسطولها من كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية والتقليدية”.
وأوضح كامبل أن موسكو تعمل أيضاً على توسيع شبكتها من أنظمة الدفاع الصاروخي الجوي والساحلي في محاولة لتعزيز قدرتها على صد الهجمات والدفاع عن الأراضي في أجزاء رئيسية من القطب الشمالي.
حشد غير مسبوق
وكانت صور الأقمار الاصطناعية، كشفت أن روسيا تحشد قوات عسكرية غير مسبوقة في القطب الشمالي وتختبر أحدث أسلحتها في منطقة خالية من الجليد، في محاولة لتأمين ساحلها الشمالي وفتح طريق شحن رئيسي من آسيا إلى أوروبا، حسب “سي إن إن”.
وأوضحت الصور أن تراكماً صارخاً ومستمراً للقواعد العسكرية الروسية والأجهزة على ساحل القطب الشمالي، إضافة إلى إنشاء مراكز تخزين تحت الأرض ومن المحتمل أن تكون لطوربيد “بوسيدون” وأسلحة أخرى عالية التقنية. وتشتمل المعدات الروسية في المنطقة على قاذفات وطائرات “MiG31BM” وأنظمة رادار جديدة قرب ساحل ألاسكا.
وأعرب خبراء الأسلحة والمسؤولون الغربيون عن قلقهم بشكل خاص بشأن سلاح طوربيد “بوسيدون” الذي يسير بسرعة، مع طلب الرئيس فلاديمير بوتين إجراء مزيد من الاختبارات هذا العام على السلاح، وفقاً لتقارير متعددة في وسائل الإعلام الحكومية.
ويتم تشغيل هذا “الطوربيد الشبح” غير المأهول بواسطة مفاعل نووي، ويهدف إلى إطلاق رأس حربي بعدة ميغا طن، وفقاً للمسؤولين الروس، مما يتسبب في حدوث موجات مشعة تجعل مساحات شاسعة من الساحل المستهدف غير صالحة للسكن لعقود.
وفي نوفمبر الماضي، قال كريستوفر إيه فورد، مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الأمن الدولي ومنع الانتشار، إن “بوسيدون مصمم لإغراق المدن الساحلية الأميركية بموجات المد المشعة.
تحدٍّ عسكري
ويتّفق الخبراء على أن السلاح “حقيقي جداً” ويؤتي ثماره بالفعل.
وقال رئيس المخابرات النرويجية، الأدميرال نيلز أندرياس ستينس، إن وكالته قيّمت “بوسيدون” على أنه “جزء من النوع الجديد من أسلحة الردع النووي وهو في مرحلة الاختبار، لكن تأثيره يتجاوز المنطقة التي يختبرونه فيها حالياً”.
ونقلت شبكة “سي إن إن”، عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، أنه “من الواضح أن هناك تحدياً عسكرياً من الروس في القطب الشمالي، بما في ذلك تجديدهم لقواعد الحرب الباردة القديمة وبناء منشآت جديدة في شبه جزيرة كولا قرب مدينة مورمانسك”.
وأضاف: “هذا له تداعيات على الولايات المتحدة وحلفائها، لأسباب ليس أقلها إنه يخلق القدرة على عرض القوة حتى شمال الأطلسي”.
وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية التعزيز البطيء والمنهجي للمطارات والقواعد “ثلاثية الفصوص” ومزينة بالعلم الروسي في عدة مواقع على طول الساحل المتجمد الشمالي لروسيا خلال الخمسة أعوام الماضية.
وهذه القواعد موجودة داخل الأراضي الروسية وهي جزء من دفاع مشروع عن حدودها وسواحلها. ومع ذلك، أعرب المسؤولون الأميركيون عن قلقهم من احتمال استخدام القوات لفرض سيطرة فعلية على مناطق القطب الشمالي البعيدة، والتي ستصبح قريباً خالية من الجليد.
وتعد صواريخ “تسيركون “و”بوسيدون” جزءاً من جيل جديد من الأسلحة التي تعهد بها بوتين في 2018 لتغيير قواعد اللعبة.
وقال رئيس المخابرات النرويجية إن “تسيركون” تقنية جديدة بسرعات تفوق سرعة الصوت.
يذكر أن حالة الطوارئ المناخية أزالت العديد من الدفاعات الطبيعية لروسيا في شمالها، مثل جدران الجليد، بمعدل غير متوقع. وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية: “الذوبان يتحرك أسرع مما توقعه العلماء أو اعتقدوا أنه ممكن قبل عدة سنوات. سيكون تحولاً دراماتيكياً في العقود المقبلة من حيث الوصول المادي”.
كما أعرب المسؤولون الأميركيون عن قلقهم إزاء محاولة موسكو الظاهرة للتأثير على “طريق البحر الشمالي”، وهو ممر ملاحي يمتد من النرويج وألاسكا، على طول الساحل الشمالي لروسيا عبر شمال الأطلسي.