أخبارفنون

( ضوء المكان ) يستعيد عافيته ويعود إلى دمشق

توقفت شهرزاد في الحلقة السابقة، عندما خرجت نزهة الزمان لشراء الطعام لأخيها ضوء المكان، ولكنها غابت ولم تعد، وعندما اشتد الجوع والمرض على ضوء المكان، نادى على صبي الخان ليحمله إلى السوق علّه يجد مساعدة، وفي هذه الحلقة، تستكمل شهرزاد قصته مع الوقاد، الذي يعتني به حتى يسترد صحته، ويصاحبه في رحلة العودة إلى بلاده، كما تستكمل قصة نزهة الزمان التي احتال عليها البدوي، وباعها جارية لتاجر رقيق، باعها بدوره لوالي دمشق شركان.

قالت شهرزاد: لما اشتد الجوع بضوء المكان خرج من الحجرة وصاح على صبي الخان، وقال له: أريد أن تحملني إلى السوق فحمله وألقاه في السوق، فاجتمع عليه أهل القدس وبكوا عليه لما رأوه على تلك الحالة، وأشار إليهم بطلب شيء يأكله، فجاؤوا له من التجار الذين في السوق ببعض دراهم، واشتروا له شيئاً وأطعموه إياه، ثم حملوه ووضعوه على دكان، وفرشوا له قطعة برش ووضعوا عند رأسه إبريقاً.

الوقاد وضوء المكان

فلما أقبل الليل، انصرف عنه الناس وهم حاملون همه، فلما كان نصف الليل تذكر أخته فازداد به الضعف، وامتنع من الأكل والشرب وغاب عن الوجود، فقام أهل السوق وأخذوا له من التجار ثلاثين درهماً واكتروا له جملاً، وقالوا للجمال: احمل هذا وأوصله إلى دمشق وأدخله المارستان لعله يبرأ، فقال لهم: على الرأس ثم قال في نفسه: كيف أمضي بهذا المريض وهو مشرف على الموت؟ ثم خرج به إلى مكان واختفى به إلى الليل ثم ألقاه على مزبلة مستوقد حمام، ثم مضى إلى حال سبيله.

فلما أصبح الصباح، طلع وقاد الحمام إلى شغله، فوجده ملقى على ظهره، فقال في نفسه: لأي شيء ما يرمون هذا الميت إلا هنا؟ ورفسه برجله فتحرك، فقال الوقاد: الواحد منكم يأكل قطعة حشيش ويرمي نفسه في أي موضع، ثم نظر إلى وجهه فرآه لا نبات بعارضيه، وهو ذو بهاء وجمال، فأخذته الرأفة عليه، وعرف أنه مريض وغريب فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، إني دخلت في خطيئة هذا الصبي، وقد أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام الغريب، لاسيما إذا كان مريضاً، ثم حمله وأتى به إلى منزله ودخل به على زوجته، وأمرها أن تخدمه وتفرش له بساطاً، ففرشت له وجعلت تحت رأسه وسادة، وسخنت له ماء وغسلت له يديه ورجليه ووجهه، وخرج الوقاد إلى السوق وأتى له بشيء من ماء الورد والسكر، ورش على وجهه وسقاه السكر وأخرج له قميصاً نظيفاً وألبسه إياه، فشم نسيم الصحة، وتوجهت إليه العافية، واتكأ على المخدة، ففرح الوقاد بذلك، وقال: الحمد لله على عافية هذا الصبي، اللهم إني أسألك بسرك المكنون أن تجعل سلامة هذا الشاب على يدي. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

رعاية الوقاد

ولما كانت الليلة الـ38 بعد الستمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، ان الوقاد ظل يتعهده ثلاثة أيام، وهو يسقيه السكر وماء الورد، ويتعطف عليه ويتلطف به حتى عادت الصحة في جسمه وفتح عينيه، ثم إن الوقاد دخل عليه فرآه جالساً وعليه آثار العافية، فقال له: ما حالك يا ولدي في هذا الوقت؟ فقال ضوء المكان: بخير وعافية، فحمد الوقاد ربه وشكره، ثم نهض إلى السوق واشترى له عشر دجاجات وأتى إلى زوجته، وقال لها: اذبحي له في كل يوم اثنتين، واحدة في أول النهار وواحدة في آخره، فقامت وذبحت له دجاجة وسلقتها، وأتت بها إليه وأطعمته إياها وسقته مرقتها، فلما فرغ من الأكل قدمت له ماء مسخناً فغسل يديه، واتكأ على الوسادة وغطته بملاءة فنام إلى العصر، ثم قامت وسلقت دجاجة أخرى وأتته بها وفسختها وقالت له: كل يا ولدي فبينما هو يأكل وإذا بزوجها قد دخل فوجدها تطعمه، فجلس عند رأسه، وقال له: ما حالك يا ولدي في هذا الوقت؟ فقال: الحمد لله على العافية جزاك الله عني خير.

وقالت شهرزاد: لما رأى الوقاد التحسن على ضوء المكان قال له: قل لنا ما سبب مجيئك إلى هذه المدينة، ومن أنت؟ فقال له ضوء المكان: قل لي أنت كيف وقعت بي حتى أخبرك بحديثي؟ فقال له الوقاد: أما أنا فإني وجدتك مرمياً على القمامة في المستوقد حين لاح الفجر لما توجهت إلى أشغالي، ولم أعرف من رماك. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

تاج الملوك يبوح بسره

ولما كانت الليلة الـ39 بعد الستمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، ان الوقاد قال: لم أعرف من رماك فأخذتك عندي وهذه حكايتي، فقال ضوء المكان: سبحان من يحيي العظام وهي رميم، إنك يا أخي ما فعلت الجميل إلا مع أهله، وسوف تجني ثمرة ذلك، ثم قال للوقاد: وأنا الآن في أي بلاد؟ فقال الوقاد: أنت في مدينة القدس فعند ذلك تذكر ضوء المكان غربته وفراق أخته وبكى حيث باح بسره إلى الوقاد وحكى له حكايته، ثم أنشد هذه الأبيات:

لقد حملوني في الهوى غير طاقتي

ومن أجلهم قامت علي قيامتي

ألا فرقّوا يا هاجرين بمهجـتـي

فقد رق لي من بعدكم كل شامت

ولا تمنعوا أن تسمحوا لي بنظـرة

تخفف أحوالي وفرط صبابتي

سألت فؤادي الصبر عنكم فقال لي

إليك فإن الصبر من غير عادتـي

ثم زاد بكاؤه، فقال له الوقاد: لا تبك، واحمد الله على السلامة والعافية، فقال ضوء المكان: كم بيننا وبين دمشق؟ فقال: ستة أيام، فقال ضوء المكان: هل لك أن ترسلني إليها؟ فقال له الوقاد: يا سيدي كيف أدعك تذهب وأنت شاب صغير، فإن شئت السفر إلى دمشق فأنا الذي أذهب معك، وإن أطاعتني زوجتي وسافرت معي أقمت هناك فإنه لا يهون علي فراقك، فقال الوقاد لزوجته: هل لك أن تسافري معي إلى دمشق الشام أو تكوني مقيمة هنا، حتى أوصل سيدي هذا إلى دمشق الشام وأعود إليك فإنه يطلب السفر إليها، فإني والله لا يهون علي فراقه وأخاف عليه من قطاع الطرق، فقالت له زوجته: أسافر معكما فقال الوقاد: الحمد لله على الموافقة، ثم ان الوقاد قام وباع أمتعته وأمتعة زوجته. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفاة زوجة الوقاد

ولما كانت الليلة الأربعين بعد الستمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، ان الوقاد اتفق هو وزوجته على السفر مع ضوء المكان، وعلى أنهما يمضيان معه إلى دمشق، ثم إن الوقاد باع أمتعته وأمتعة زوجته، ثم اكترى حماراً وأركب ضوء المكان إياه، وسافروا ولم يزالوا مسافرين ستة أيام إلى أن دخلوا دمشق، فنزلوا هناك في آخر النهار، وذهب الوقاد واشترى شيئاً من الأكل والشرب على العادة، ومازالوا على ذلك الحال خمسة أيام، وبعد ذلك مرضت زوجة الوقاد أياماً قلائل، وانتقلت إلى رحمة الله تعالى، فعظم ذلك على ضوء المكان، لأنه قد اعتاد عليها وكانت تخدمه، وحزن عليها الوقاد حزناً شديداً، فالتفت ضوء المكان إلى الوقاد، فوجده حزيناً فقال له: لا تحزن فإننا كلنا داخلون في هذا الباب، فالتفت الوقاد إلى ضوء المكان، وقال له: جزاك الله خيراً يا ولدي، فالله تعالى يعوض علينا بفضله ويزيل عنا الحزن، فهل لك يا ولدي أن تخرج بنا ونتفرج في دمشق لنشرح خاطرك.

قافلة الوالي

قال له ضوء المكان: الرأي رأيك، فقام الوقاد ووضع يده في يد ضوء المكان، وسارا إلى أن أتيا تحت إصطبل والي دمشق، فوجدا جمالاً محملة صناديق وفرشاً وقماشاً من الديباج، وجنائب مسرجة، ونجاتي وعبيداً ومماليك والناس في هرج، فقال ضوء المكان: يا ترى لمن تكون هؤلاء المماليك والجمال والأقمشة، وسأل بعض الخدم عن ذلك، فقال له المسؤول: هذه هدية من أمير دمشق يريد إرسالها إلى الملك عمر النعمان مع خراج الشام، فلما سمع ضوء المكان هذا الكلام تغرغرت عيناه بالدموع، وأنشد يقول:

إن شكونا البعاد ماذا تـقـول

أو تلفنا الشوق فكيف السبـيل

أو رأينا رسلاً تترجـم عـنـا

ما يودي شكوى لمحب رسول

أو صبرنا فما من الصبر عندي

بعد فقد الأحبـاب إلا قـلـيل

وقال أيضاً:

رحلوا غائبين عن جفن عيني

وهم في الفؤاد منّي حلول

غاب عني جمالهم فحياتي

ليس تحلو ولا اشتياقي يحول

شعر وبكاء

ولما فرغ من شعره بكى، فقال له الوقاد: يا ولدي نحن ما صدقنا أنك جاءتك العافية فطب نفساً ولا تبك، فإني أخاف عليك من النكسة، ومازال يلاطفه ويمازحه وضوء المكان يتنهد ويتحسر على غربته وعلى فراقه لأخته ومملكته ويرسل العبرات، ثم أنشد هذه الأبيات:

تزود من الدنيا فـإنـك راحـل

وأيقن بأن الموت لا شك نـازل

نعيمك في الدنيا غرور وحسـرة

وعيشك في الدنيا محل وابل

ألا إنما الدنيا كمـنـزل راكـب

أناخ عشياً وهو في الصبح راحل.

ثم إن ضوء المكان جعل يبكي وينتحب على غربته، وكذلك الوقاد صار يبكي على فراق زوجته إلى أن أصبح الصباح، فلما طلعت الشمس، قال له الوقاد: كأنك تذكرت بلادك؟ فقال له ضوء المكان: نعم ولا أستطيع أن أقيم هنا، وأستودعك الله فإني مسافر مع هؤلاء القوم وأمشي معهم قليلاً قليلاً حتى أصل بلادي، فقال له الوقاد: وأنا معك فإني لا أقدر أن أفارقك، فإني عملت معك حسنة، وأريد أن أتممها بخدمتي لك، فقال له ضوء المكان: جزاك الله عني خيراً، وفرح ضوء المكان بسفر الوقاد معه، ثم إن الوقاد خرج من ساعته واشترى حماراً وهيأ زاداً، وقال لضوء المكان: اركب هذا الحمار في السفر فإذا تعبت من الركوب فانزل وامش، فقال له ضوء المكان: بارك الله فيك وأعانني على مكافأتك فإنك فعلت معي من الخير ما لا يفعله أحد مع أخيه، ثم صبرا إلى أن جن الظلام فحملا زادهما وأمتعتهما على ذلك الحمار وسافرا، هذا ما كان من أمر ضوء المكان والوقاد.

نزهة الزمان

وأما ما كان من أمر أخته نزهة الزمان، فإنها لما فارقت أخاها ضوء المكان، خرجت من الخان الذي كانا فيه في القدس بعد أن التفت بالعباءة لأجل أن تخدم أحداً وتشتري لأخيها ما اشتهاه من اللحم المشوي، وصارت تبكي في الطريق وهي لا تعرف إلى أين تتوجه، وصار خاطرها مشغولاً بأخيها وقلبها مفتكر في الأهل والأوطان، فصارت تتضرع إلى الله تعالى في دفع هذه البليات، وأنشدت هذه الأبيات:

جن الظلام وهاج الوجد بالسـقـم

والشوق حرك ما عندي من الألم

ولوعة البين في الأحشاء قد سكنت

والوجد صيرني في حالة العـدم

والحزن أقلقني والشوق أحرقنـي

والدمع باح بحب أي مكـتـتـم

وليس لي حيلة في الوصل أعرفها

حتى تزحزح ما عندي من الغمم

فنار قلبي بـالأشـواق مـوقـدة

ومن لظاها يظل الصب في نقـم

يا من يلوم على ما حل بي وجرى

إني صبرت على ما خط بالقلـم

أقسمت بالحب مالي سلـوة أبـداً

يمين أهل الهوى مبرورة القسـم

يا ليل بلغ رواة الحب عن خبري

واشهد بعلمك أني فيك لـم أنـم

ثم إن نزهة الزمان صارت تمشي وتلتفت يميناً ويساراً، وإذا بشيخ مسافر من البدو ومعه خمسة أنفار من العرب قد التفت إلى نزهة الزمان فرآها جميلة وعلى رأسها عباءة مقطعة، فتعجب من حسنها وقال في نفسه: إن هذه جميلة ولكنها ذات قشف، فإن كانت من أهل المدينة أو كانت غريبة فلابد لي منها، ثم إنه تبعها قليلاً قليلاً حتى تعرض لها في الطريق في مكان ضيق وناداها ليسألها عن حالها، وقال لها: يا بنية هل أنت حرة أم مملوكة؟ فلما سمعت كلامه نظرت إليه، وقالت له: بحياتك لا تجدد علي الأحزان.

حيلة البدوي

فقال لها: إني رزقت 6 بنات مات لي منهن 5 وبقيت واحدة، وهي أصغرهن، وأتيت إليك لأسألك هل أنت من أهل المدينة أو غريبة؟ لأجل أن آخذك وأجعلك عندها لتؤانسيها، فتتشغل بك عن الحزن على إخواتها، فإن لم يكن لك أحد جعلتك مثل واحدة منهن وتصيرين مثل أولادي، فلما سمعت نزهة الزمان كلامه قالت في سرها: عسى أن آمن على نفسي عند هذا الشيخ، ثم أطرقت برأسها من الحياء، وقالت: يا عم أنا بنت غريبة ولي أخ ضعيف، فأنا أمضي معك إلى بيتك بشرط أن أكون عندك بالنهار وبالليل أمضي إلى أخي، فإن قبلت هذا الشرط مضيت معك لأني غريبة، وكنت عزيزة فأصبحت ذليلة، وجئت أنا وأخي من بلاد الحجاز، وأخاف أن أخي لا يعرف مكاناً لي.

فلما سمع البدوي كلامها قال في نفسه: والله إني فزت بمطلوبي، ثم قال لها: ما أريد إلا لتؤانسي بنتي نهاراً وتمضي إلى أخيك ليلاً، وإن شئت فانقليه إلى مكاننا، ولم يزل البدوي يطيب قلبها ويلين لها الكلام إلى أن وافقته على الخدمة، ومشى قدامها وتبعته، ولم يزل سائر إلى جماعته وكانوا قد هيئوا الجمال ووضعوا عليها الأحمال، ووضعوا فوقها الماء والزاد، وكان البدوي قاطع طريق وخائن رفيق وصاحب مكر وحيل، ولم يكن عنده بيت ولا ولد، اإنما قال ذلك الكلام حيلة على هذه البنت المسكينة لأمر قدره الله، ثم إن البدوي صار يحدثها في الطريق إلى أن خرج من مدينة القدس، واجتمع برفاقه فوجدهم قد جهزوا الجمال فركب البدوي وأردفها خلفه وساروا معظم الليل، فعرفت نزهة الزمان أن كلام البدوي كان حيلة عليها وأنه مكر بها، فصارت تبكي وتصرخ وهم في الطريق قاصدين الجبال خوفاً من أن يراهم أحد، فلما صاروا قرب الفجر نزلوا عن الجمال، وتقدم البدوي إلى نزهة الزمان وقال لها: يا مدنية ما هذا البكاء، والله إن لم تتركي البكاء ضربتك إلى أن تهلكي يا قطعة حضرية.

غلظة البدوي

فلما سمعت نزهة الزمان كلامه كرهت الحياة وتمنت الموت، فالتفتت إليه وقالت له: يا شيخ السوء يا شبيهة جهنم كيف استأمنتك وأنت تخونني وتمكر بي؟ فلما سمع البدوي كلامها قال لها: يا قطعة حضرية لك لسان تجاوبينني به، وقام إليها ومعه سوط فضربها، وقال: إن لم تسكتي قتلتك، فسكتت نزهة ثم تفكرت أخاها وما هو فيه من الأمراض فبكت سراً، وفي ثاني يوم التفتت إلى البدوي، وقالت له: كيف تعمل على هذه الحيلة حتى أتيت بي إلى هذه الجبال القفرة، وما قصدك مني؟ فلما سمع كلامها قسا قلبه وقال لها: يا قطعة حضرية ألك لسان تجاوبينني، وأخذ السوط ونزل على ظهرها إلى أن غشي عليها فانكبت على رجليه وقبلتهما، فكف عنها الضرب وصار يشتمها ويقول لها: إن سمعتك تبكين قطعت لسانك، فعند ذلك سكتت ولم ترد جواباً، وآلمها الضرب فقعدت على قرافيصها وجعلت رأسها في طوقها وصارت تتفكر في حالها وفي حال أخيها، وفي ذلها بعد العز، وفي مرض أخيها ووحدته واغترابهما وأرسلت دموعها على الوجنات، وأنشدت هذه الأبيات:

من عادة الدهـر إدبـار وإقـبـال

فمايدوم لـه بـين الـورى حـال

وكل شيء من الـدنـيا لـه أجـل

وتنقضي لجمـيع الـنـاس آجـال

كم أحمل الضيم والأهوال يا أسفـي

من عيشة كلـهـا ضـيم وأهـوال

لا أسعد الله أيامـاً عـززت بـهـا

دهراً وفي طي ذاك الـعـز إذلال

قد خاب قصدي وآمالي بها انصرمت

وقد تقطع بالـتـغـريب أوصـال

يا من يمر على دار بها سـكـنـي

بلغه عنـي أن الـدمـع هـطـال.

قرص شعير

فلما سمع البدوي شعرها عطف عليها ورثى لها ورحمها، وقام إليها ومسح دموعها وأعطاها قرصاً من شعير، وقال لها: أنا لا أحب من يجاوبني في وقت الغيظ وأنت بعد ذلك لا تجاوبينني، وأنا أبيعك لرجل جيد مثلي يفعل معك الخير مثل ما فعلت معك، قالت: نعم ما تفعل، ثم إنها لما طال عليها الليل وأحرقها الجوع أكلت من ذلك القرص الشعير شيئاً يسيراً، فلما انتصف الليل أمر البدوي جماعته أن يسافروا، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى