لاتزال ميزانية الكويت تعاني من تداعيات جائحة فيروس كورونا السلبية التي تدخل عامها الثاني، بالإضافة الى صدمة هبوط أسعار النفط التي تشكل 83% من إيرادات الميزانية، حيث تعاني أسعار النفط من التراجع والتذبذب منذ منتصف عام 2014، وهو ما دفع الميزانية لتسجيل عجز تراكمي فعلي خلال السنوات الـ 6 الماضية (بالفترة بين 2014/2015 – 2019/2020) بلغ 24.6 مليار دينار.
بينما تتوقع الحكومة تسجيل عجز تراكمي جديد خلال السنوات الخمس المقبلة (بالفترة بين 2021/2022 – 2024/2025) يبلغ بين 45 و60 مليار دينار، بالإضافة الى عجز متوقع للعام المالي (2020/2021) المنتهي في 31 مارس الماضي عند 14 مليار دينار، وهو ما يعني أن الكويت معرضة لتسجيل عجز تراكمي متواصل لـ 12عاما متتالية يبلغ بالإجمالي 98.6 مليار دينار.
وتأتي هذه التوقعات بتسجيل الميزانية لعجز كبير بالسنوات الخمس المقبلة ضمن برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي السادس عشر، حيث ترى الحكومة ان تأخر تنفيذ الإصلاح المالي والاقتصادي سيؤدي الى هذه النتيجة، مشددا على ان كلفة الإصلاح المالي والاقتصادي ستتفاقم في حال التأخر بالمعالجة.
وتظهر البيانات التي تضمنها برنامج عمل الحكومة الذي جاء تحت عنوان: «استدامة الرخاء برغم التحديات»، ان عدم التوافق بين متوسط نمو أسعار النفط مع نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العقدين الماضيين (بالفترة من 2000 إلى 2020)، يشير الى وجود اختلالات هيكلية كبيرة في الاقتصاد الوطني.
ومن بين الاختلالات الكبيرة التي تشهدها الميزانية العامة للكويت وجود فوارق كبيرة في توزيع بنود المصروفات، حيث شهد الحساب الختامي لميزانية 2019/2020 استحواذ بند الرواتب على 57% من إجمالي المصروفات، فيما استحوذت الدعوم على 18%، بينما تم تخصيص 12% فقط للإنفاق على المشاريع الرأسمالية، وأيضا 12% مصروفات تشغيلية.
وتحاول وزارة المالية تنفيذ عدد من التدابير لتدعيم السيولة منذ يوليو 2020 حين كانت السيولة غير متوافرة بصندوق الاحتياطي العام (الخزينة العامة)، لكن الحلول السهلة والمتاحة لتعزيز السيولة قد استنفدت بالكامل، وهي بيع الأصول المدرة للدخل من صندوق الاحتياطي العام إلى صندوق الأجيال القادمة، ووقف استقطاع نسبة 10% حصة «الأجيال القادمة» من إجمالي الإيرادات بالموازنة.
انخفاض إنتاجية القطاع العام
يشير برنامج عمل الحكومة الى وجود انخفاض في انتاجية القطاع العام، حيث تتداخل مهام وضع السياسات والتنظيم والتشغيل في الجهات الحكومية، مع ارتفاع مستوى مشاركة الحكومة في تقديم الخدمات، مما يحول دون مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية.
وبالرغم من تحسن قيمة مؤشر مدركات الفساد للكويت خلال عام 2020 بمقدار درجتين عن عام 2019، إلا انه لايزال المؤشر في مستويات غير ايجابية، ويشير البرنامج الى انه رغم ارتفاع قيمة مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية للكويت خلال 2020، إلا أن ترتيبها المرتبط بالتنافسية تراجع، وهو ما يدل على تقدم الدول الاخرى بالمقارنة مع ما تقدمت فيه الكويت.
ضعف الرأس المال البشري
تناول برنامج الحكومة ملف تدني جودة التعليم بالكويت والذي تسبب في فجوة تعلم تبلغ 4.8 أعوام، حيث أن مستوى خريج الصف الثاني عشر يكافئ مستوى خريج الصف السابع في دول متقاربة الدخل مع الكويت، وتتسبب نتائج التعليم المنخفضة في ضعف انتاجية الفرد الكويتي لتعادل 58% فقط من إمكاناته الإنتاجية عند دخوله سوق العمل.
كما أن مستوى الانفاق على الطالب في الكويت يتساوى مع مستوى الانفاق في دول عالية الدخل ولكن تبقى النتائج لمستوى التعليم منخفضة كثيرا بالمقارنة بدول منخفضة الدخل، ونسبة مشاركة المرأة والشباب في المناصب القيادية ومراكز صنع القرار متدنية.