واصل الدولار الأميركي أداءه الضعيف أمام غالبية أقرانه من العملات المختلفة، على الرغم من توافر العديد من البيانات الاقتصادية المتفائلة التي تم الكشف عنها في نهاية الأسبوع، وكان الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي هما الأفضل أداء مقابل الدولار الأميركي، مما يشير إلى سيطرة معنويات الاقبال على المخاطر.
والمثير للدهشة، حسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، أن أسعار السندات ارتفعت، وتراجع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى ما دون 1.6 في المئة، على الرغم من البيانات الإيجابية، وخاصة فيما يتعلق بمبيعات التجزئة، وقد يعزى ذلك إلى توقع المستثمرين انتعاشا قويا خلال مارس وأبريل، وبناء مراكزهم بالفعل على هذا الأساس.
وبالنظر إلى أداء الأسهم، نلحظ ارتفاعها في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث وصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى مستويات قياسية، وكشفت التقارير المالية الصادرة عن أكبر البنوك الأميركية عن ارتفاع أرباح القطاع المالي، مما ساهم في تعزيز مستويات التفاؤل، وأعلن بنك مورغان ستانلي ارتفاع أرباحه الفصلية بنسبة 150 في المئة، كما سجلت بنوك جي بي مورغان وغولدمان ساكس وبنك اوف أميركا أرباحا عالية عززت آمال تسريع وتيرة الانتعاش الاقتصادي.
زيادة مبيعات التجزئة
وكشفت البيانات الصادرة عن وزارة التجارة ارتفاع مبيعات التجزئة بنسبة 9.8 في المئة في مارس، بعد انخفاضها بنسبة 2.7 في المئة في فبراير، وتخطت تلك البيانات التوقعات التي أشارت إلى تسجيل نمو بنسبة 5.8 في المئة فقط، وبذلك يصبح مارس هو الأفضل لمبيعات التجزئة منذ مايو 2020 الذي شهد نموا بنسبة 18.3 في المئة في أعقاب الجولة الأولى من صرف شيكات حزمة التحفيز المالي.
أما بالنسبة لمبيعات التجزئة الأساسية، التي تستثني السيارات والبنزين ومواد البناء والخدمات الغذائية، فقد ارتفعت بنسبة 6.9 في المئة في مارس، بعد التراجع الذي شهدته بنسبة 3.4 في المئة في فبراير، وجاءت تلك الزيادة في الوقت الذي تلقى الأميركيون شيكات إضافية من الحكومة، في إطار حزمة التحفيز المالي، بينما ساهم تقدم برامج اللقاحات ضد فيروس كوفيد 19 في تحسن وتيرة تعافي الاقتصاد على نطاق أوسع، وأشار التقرير إلى ارتفاع مبيعات التجزئة بكل شرائحها مقارنة بمستوياتها السابقة المسجلة في فبراير من العام الماضي، باستثناء المطاعم.
وكشف تقرير منفصل، صادر من وزارة العمل، أن إجمالي عدد الأميركيين الذين تقدموا للحصول على إعانات البطالة انخفض إلى 576 ألفا الأسبوع الماضي، فيما يعد أدنى المستويات القياسية منذ بدء الجائحة، كما ان هذا الرقم أقل بكثير من مستوى الذروة البالغ 900 ألف طلب، والذي شهدناه في أوائل يناير، قبل أن يتراجع بعد ذلك ليستقر عند مستوى +700 ألف طلب لعدة أشهر.
كما حصل 16.9 مليون شخص على إعانات البطالة مقابل 18.2 مليونا الأسبوع السابق، إلا أن معدلات التوظيف في فبراير 2021 كانت أقل بمقدار 8.5 ملايين وظيفة مقارنة بمستويات فبراير 2020، مما عزز التوقعات بأن الأمر قد يستغرق أكثر من ثلاث سنوات للتعافي، ولا تزال الزيادة البالغة 576 ألف طلب مرتفعة مقارنة بالمستويات التاريخية، إلا أن التباطؤ يعطي إشارة مشجعة على أن انتكاسة سوق العمل الناجمة عن الجائحة آخذة في التلاشي.
مؤشر أسعار المستهلكين
وارتفع معدل التضخم في مارس على أساس سنوي، حيث تسبب فيروس كورونا في انخفاض الأسعار في هذا الوقت تقريبا من العام الماضي، إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.6 في المئة على أساس شهري، و2.6 في المئة على أساس سنوي، فيما يعد أكبر ارتفاعات يسجلها المؤشر على أساس سنوي منذ أغسطس 2018، وأعلى بكثير من مستوى 1.7 في المئة المسجل في فبراير.
ولعب البنزين الدور الأكبر في إحداث هذا النمو، إذ يعتبر مسؤولا عن حوالي نصف الزيادة الإجمالية لمؤشر أسعار المستهلكين، حيث ارتفعت أسعار البنزين بنسبة 22.5 في المئة عن العام الماضي، كما ارتفع معدل التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار السلع المتقلبة، مثل المواد الغذائية والطاقة، بنسبة 0.3 في المئة شهريا، و1.6 في المئة على أساس سنوي.
ورغم أن أرقام التضخم تبدو مرتفعة فإن توقعات صناع السياسات النقدية في مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي تشير إلى أنها زيادة مؤقتة فقط، فقد تنخفض الأرقام بمجرد تخطي فترة المقارنات بالفترات التي شهدت انخفاضات حادة العام الماضي. وأشار مسؤولو الاحتياطي الفدرالي عدة مرات إلى أن السياسة النقدية المتبعة لن يتم تعديلها على أساس القفزات قصيرة الأجل لبيانات التضخم.