أخبار

هكذا حاصر «الجيش الأبيض» الوباء في الكويت

بكثير من المهنية والدقة العالية في أخذ جميع المتغيّرات في عين الاعتبار، نجحت الكويت في محاصرة وباء «كورونا» منذ ظهوره مطلع العام الماضي، فلم تواجه أي انهيار في المنظومة الصحية كما حدث في دول أخرى تعد متقدمة وكبيرة، ولم تتأخر في توفير اللقاحات، أو في اتخاذ القرارات في الوقت المناسب، على الرغم من صعوبتها وانعكاساتها في كثير من الأحيان.

هذا النجاح لم يكن وليد صدفة بل نتاج تخطيط دقيق على أعلى المستويات وتنفيذ أدق من «الجيش الأبيض» الممثل بالكادر الطبي، من أطباء وممرضين ومشرفين وإداريين وخبراء وغيرهم الكثير، الذين يواصلون العمل ليل نهار لإحكام الحصار على الوباء ومنع تفشيه.

خلال مداخلات الفريق الصحي ممثلاً بالوزير الشيخ الدكتور باسل الصباح وعدد من الأطباء، في الجلسة الخاصة لمجلس الأمة الثلاثاء الماضي، تم شرح الكثير من التفاصيل التي كانت غير معروفة أو بالأحرى غير مرئية للكثيرين.

و من خلال هذا التقرير تم التسليط على جهود «الجيش الأبيض» وما فعله وما سيفعله لمواصلة مكافحة الوباء، بالتعاون والتنسيق مع مختلف الجهات الأخرى في الدولة.

الكويت سبقت دول المنطقة بإجراءاتها وحصلت على اللقاحات بعد أميركا بأيام

أكد وزير الصحة الشيخ الدكتور باسل الصباح أن كل الإجراءات في مواجهة وباء «كورونا»، في كل مرحلة من المراحل، كانت إجراءات مناسبة، وسبقنا المنطقة كلها فيها، حيث بدأت الإجراءات من 27 يناير الماضي، أي قبل وفادة المرض إلى دولة الكويت.

وبعدما تحدث عن معايير الانتقال بين مراحل العودة إلى الحياة الطبيعية، قال الوزير: «وصلنا للمرحلة الرابعة وهناك مرحلة خامسة إلى الآن لم ندخلها، وفيها نشاطان هما نشاط الصالونات والنوادي الرياضية والتي من المفروض أننا الى اليوم لم ندخل فيها ولكن تم نقل هذين النشاطين الى المرحلة الرابعة وذلك لأسباب اجتماعية واقتصادية».

وعن التحديات التي تواجه الدول في ما يتعلق بالتطعيمات، أوضح أن «هناك 130 دولة إلى هذا اليوم ليس لديها طعوم، فالكويت حصلت على الطعوم بعد الولايات المتحدة بأيام وبريطانيا وكندا، وكانت دول الخليج حصلت على الطعوم قبل دول أوروبا، وطبعاً هذا كان بإعداد وتتبع آلية ودراسات الطعوم، وأيضاً الطعوم مختلفة وجرعاتها مختلفة».

لا بديل لقساوة الإجراءات سوى الوصول للمناعة المجتمعية

أكدت الوكيل المساعد لشؤون الصحة العامة الدكتورة بثينة المضف أن العالم كله يعاني من أزمة صحية عالمية لم يسبق لها مثيل في التاريخ المعاصر، حصدت الأرواح وشلّت الحركة، وأدت إلى آثار اقتصادية وصحية ونفسية في العالم، مشيرة إلى أنه بالرغم من قساوة الإجراءات التي اتخذتها جميع دول العالم إلا أنه لا يوجد هناك حل بديل إلا بالوصول إلى المناعة المجتمعية من خلال التطعيمات أو وجود علاج ناجح نأمل أن يتم اكتشافه.

وأشارت إلى أنه للعودة الآمنة للحياة الطبيعية، كان من الضروري عمل الكثير من الاشتراطات، حيث صدر أكثر من 100 بند إرشادي للتعامل مع الأنشطة المختلفة حتى نعود بأمان للحياة الطبيعية مرة أخرى حفاظاً على الأرواح، وأيضاً تم وضع خطة للتطعيم ضد المرض وهذه كلها من التحديات التي واجهناها.

وأضافت أن من المشاريع الكبيرة التي نفذتها وزارة الصحة وبوقت قصير وبجهود منتسبي الصحة، الحلول الذكية للتعامل مع هذه الأزمة، ومنها الخط الساخن (151)، وتطبيق «شلونك»، ومن الأنظمة التي عملت خلال هذه الجائحة نظام الخرائط التحليل GIS للتعرف على وجود البؤر المختلفة لنتعامل معها.

وأوضحت المضف أنه تم أيضاً عمل منصة للتطعيم يتم فيها التسجيل لطلب الحصول على التطعيم، ومن المشاريع التي استحدثتها وزارة الصحة لرغبتها بزيادة عدد المسحات والحد من الانتشار الوبائي، هي خدمة أخذ المسحات من السيارة وتم عملها في ثلاثة مواقع، استاد جابر الأحمد الدولي ومواقف طيران الجزيرة وصبحان، بالإضافة إلى محجر مستشفى جابر والمواقع المختلفة في المستشفيات، وإضافة هذه الخدمة في القطاع الخاص تسهيلاً على المواطنين والمقيمين لإجراء المسحات.

فئة الشباب بين 20 و40 عاماً الأكثر مساهمة في نقل المرض

شرح اختصاصي الصحة العامة الدكتور محمد صالح سعيدان تفاصيل اتخاذ القرارات التي تم تنفيذها، موضحاً أنه «في بداية الخطر على المجتمع نقوم باستخدام آلية تقييم المخاطر، وهي أداة علمية تستخدمها منظمات الصحة المختلفة وهذه فيها أجزاء مهمة، منها تقييم الأثر الصحي للمشكلة، وتقييم الفئة التي قد تتأثر من المجتمع في هذه المشكلة، وتقييم فرصة انتقال المرض وتفشيه في دولة الكويت».

ولفت السعيدان إلى أن أبرز الإجراءات الخاصة بمنع حالات الوفادة، تمثلت بإيقاف الرحلات للمسافرين ثم إعادة العالقين من الخارج من دون تشكيل أي خطر على المجتمع، ثم تفعيل التقصي الوبائي النشط، وبعد ذلك بدأت تتوسع لدول أخرى وعليه وسعنا وقف الرحلات على دول عدة، وأخيرا بدأ ينتشر الوباء في بقية دول العالم وهنا أوقفنا الرحلات بشكل كامل وهنا نؤكد على أهمية الحزم في اتخاذ القرارات.

وأكد السعيدان أنه لا يوجد أي نظام صحي في العالم لديه قدرة غير محدودة وكل نظام صحي لديه قدرة خاصة فيه، ولذلك نحن مهتمون بألا يزداد عدد الحالات عن قدرة النظام الصحي في الكويت لأننا نريد تقديم الرعاية الصحية للجميع ولحماية النظام الصحي والمجتمع نضع أسساً للتعامل مع الوضع الوبائي.

ولفت إلى أن تطبيق الاشتراطات في دول العالم لها أثر وهناك دول أخرى طبقتها ومنها المملكة المتحدة، حيث طبقت الحجر المؤسسي على المسافرين وطبقت الحظر الكلي ومنع التجمعات وغلق الانشطة غير الضرورية والمطاعم والصالونات والمدارس والاندية الصحية، والأثر على تشديد هذه الإجراءات على الحالات هو عندما يتم التشديد تنخفض الحالات وبعد التخفيف من الاشتراطات تعود الموجة الثانية.

وأشار السعيدان إلى الحالات الاكثر تأثراً من الحالات الايجابية في الكويت، كاشفاً أن أهم فئة هي فئة الشباب ما بين 20 و40 عاماً وقد تكون هذه الفئة هي أكثر مساهمة في نقل المرض في المجتمع.

وأضاف: «عندما رأينا الحالات من أول سبتمبر الى الآن تقريباً، 65 في المئة من الحالات المؤكدة هي من فئة الكويتيين، وعندما عدنا للمسح الميداني العشوائي وجدنا النتيجة نفسها أن فئات الكويتيين هي أعلى الحالات الإيجابية وقد تصل الى 9 في المئة، أما غير الكويتيين فقد تصل الى 3 في المئة مع العلم ان جزءاً كبيراً من غير الكويتيين كان من خدم المنازل».

وفي شأن خطورة الحالات القادمة من السفر على المجتمع الكويتي، أكد أنه في حال تطبيق الحجر بشكل جيد ستكون المخاطر شبه معدومة لأن الحالات التي تصل الكويت يتم حجرها من دون مخالطة الآخرين ولا تشكّل أي خطر، أما في حال عدم تطبيق الحجر بشكل جيد فيمكن إيفاد نوع جديد من الفيروس.

الكويت تحصي كل الحالات سواء مع أعراض أو من دونها

تحدّث رئيس قسم مكافحة الأمراض المعدية الدكتور حمد محمد بستكي عن أنواع الفحوصات، وهي فحص «البلمرة» وهو pcr وفحص «مولد المضاد»، وفحص «الأجسام المضادة».

وأشار إلى آليات التبليغ عن الحالات الايجابية، حيث تقوم الكويت بإحصاء جميع الحالات الايجابية سواء كانت لديهم أعراض أم لا، فيما اعتمدت بعض دول الاقليم إحصاء الحالات الايجابية ممن لديهم أعراض فقط ولا يبلغون عن الحالات التي ليس لديها أعراض.

وأوضح أن ذلك أدى إلى اختلاف في المنحنى الوبائي في هذه الدول.

زيادة أجهزة التنفس الاصطناعي 360 في المئة

تحدّثت استشاري الأمراض الباطنية، مدير الادارة الفنية رئيس فريق المحاجر الدكتورة ليلى العنزي عن البنية التحتية والجهوزية الميدانية، مشيرة إلى 3 محاور هي المستشفيات الحكومية والمحاجر الصحية ومراكز الرعاية الاولية.

وقالت العنزي انه في المستشفيات الحكومية، وضعت آلية منذ بداية الجائحة لزيادة أقسام الطوارئ وفقا للمؤشر الوبائي من وجود حالات فردية أو عنقودية إلى التفشي الوبائي المحدود أو التفشي الوبائي الواسع.

ولفتت العنزي إلى انه في وقت الذروة في نهاية شهر مايو وصل معدل استقبال الحالات في اقسام الطوارئ التنفسية الى 500 حالة في اليوم الواحد للمستشفى الواحد، وهنا تمت زيادة سعة الأسرّة في أقسام الطوارئ من 431 سريراً الى 618، وبعد شهر يوليو وانخفاض الحالات كان معدل الزيادة من 50 الى 100 حالة في اليوم الواحد للمستشفى الواحد، وساهم ذلك في ارتفاع معدلات زيارة أقسام الطوارئ من قبل الامراض غير التنفسية.

وأشارت إلى أنه قبل الجائحة كان متوسط السعة السريرية في أقسام الباطنية 200 سرير للمستشفى الواحد ومتوسط أعداد الدخول كان 25 مريضاً يومياً، ولكن خلال الجائحة تمت زيادة السعة السريرية إلى 500 سرير، أي بنسبة زيادة بلغت 250 في المئة للمستشفى الواحد، حيث ان متوسط اعداد الدخول ازدادت الى 60 مريضاً يومياً لاقسام الطوارئ للمستشفى الواحد، أما العناية المركزة فكانت السعة السريرية قبل الجائحة 331 سريراً وتمت زيادتها بنسبة 260 في المئة لتصبح السعة السريرية 886 سريراً في جميع المستشفيات.

وبيّنت العنزي انه قبل الجائحة كان لدينا 436 من أجهزة التنفس الاصطناعي وتمت زيادة ذلك بمعدل 360 في المئة وذلك لمواكبة الاعداد المتزايدة لدخول أقسام العناية المركزة، والحمد لله انه لم يدخل عندنا مريض لا يوجد له جهاز تنفس اصطناعي كما حدث في معظم الدول والمتقدمة منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى