في الوقت الذي عمل فيه الإغلاق الكلي والجزئي في البلاد خلال 2020 للحد من انتشار جائحة كورونا على خفض إنفاق الأسر الكويتية على مجالات السفر والترفيه والنقل ارتفعت معدلات الادخار لدى البنوك بشكل كبير خلال العام الماضي رغم الانخفاض الملحوظ في معدلات العائدة، وبدأت تداعيات الجائحة تظهر على المواطنين من خلال اللجوء إلى الادخار والتقليل من النفقات، ولجأ كثيرون إلى التخطيط لنفقاتهم وتوجيهها وتراجع نمطهم الاستهلاكي باستثناء ما هو ضروري من الاحتياجات.
ويبدو أن هناك تفضيلا للبنوك كملاذ آمن للمدخرات خلال الأزمة الحالية، وذلك بالتزامن مع الانخفاضات التي منيت بها بورصة الكويت وأسواق الأسهم خلال 2020، وهو ما دفع القطاع الخاص (الشركات والأفراد) إلى اللجوء للقطاع المصرفي والاحتفاظ بالمدخرات به من خلال الودائع، وذلك على الرغم من انخفاض معدلات الفائدة، نتيجة خفض بنك الكويت المركزي سعر الخصم بالكويت إلى مستوى 1.5% لمواجهة تداعيات أزمة «كورونا».
هذا النمو في مدخرات وودائع القطاع الخاص وفقا لإحصائية بنك الكويت المركزي جاء بالرغم من انخفاض ملحوظ في أسعار الفائدة على الودائع إلى 1.62% بالمقارنة مع معدل 1.89% لعام 2019 (بالرغم من ان المعدل العام لسعر الفائدة السنوية على الودائع لايزال تحت مستوى الـ 2% منذ 2010)، أما خلال يناير 2021 فقد سجلت ودائع القطاع الخاص نهاية الشهر حوالي 37.12 مليار دينار، لتعود وترتفع خلال 2020 بنسبة 3% لتسجل 37.33 مليار دينار كما في 31 ديسمبر 2020.
وعند تحليل هيكل ودائع القطاع الخاص وتوزيعها حسب نوع العملات، نلاحظ ان الغالبية العظمى من ودائع القطاع الخاص هي بالدينار الكويتي، حيث شكلت الودائع بالدينار نهاية شهر يناير 2021 نحو 94% من إجمالي ودائع القطاع الخاص اي ما يعادل 35 مليار دينار مرتفعة بنسبة 4.2% على أساس سنوي (بالمقارنة مع يناير 2020)، بينما النسبة المتبقية من الودائع هي بالعملات الأجنبية وهذا دليل على تشجيع العملة الوطنية وقوتها مقابل العملات الأجنبية والسياسة المالية التي ترتكز على إبقاء هامش أسعار الفائدة لصالح الودائع بالدينار، فعلى سبيل المثال بلغ معدل الفائدة السنوية على الودائع بالدينار فترة استحقاق 12 شهرا خلال 2020 نحو 1.7% مقارنة مع معدل أسعار فائدة سنوية على الودائع بالدولار للفترة نفسها تساوي 0.8% وبهامش فائدة لصالح الودائع بالدينار بلغ 0.89%.
أما ودائع القطاع الخاص بالعملات الأجنبية فقد انخفضت خلال شهر يناير 2021 وعلى أساس سنوي بنسبة 19.6% لتسجل 2.11 مليار دينار، وذلك نتيجة التقلبات في أسعار صرف العملات الأجنبية وأسواق الصرف على عكس ودائع القطاع الخاص بالدينار التي ارتفعت بنسبة 4.2% خلال الفترة نفسها.
استحقاقات الودائع
وعند تحليل ودائع القطاع الخاص بالدينار بحسب نوعها وفترات استحقاقها يتبين ان الودائع لأجل بالدينار (ما بين استحقاق شهر وسنة) شكلت الجزء الأكبر من قاعدة ودائع القطاع الخاص، اي ما يعادل نسبة مساهمة بلغت 51% وبقيمة 17.86 مليار دينار منخفضة بنسبة 9.8% خلال يناير 2021 وعلى أساس سنوي.
بينما بلغت الودائع تحت الطلب (قصيرة الأجل) نحو 10.58 مليارات دينار او ما يعادل 30% من ودائع القطاع الخاص وجميعها ودائع قصيرة الأجل مرتفعة بنسبة 24% خلال يناير 2021 وعلى أساس سنوي.
وبالرغم من طبيعة الودائع القصيرة الأجل، فقد ارتفعت ودائع الادخار بنسبة 26% لتسجل 6.56 مليارات دينار اي ما يعادل 19% من ودائع القطاع الخاص وودائع الادخار في نمو مستمر منذ عام 2005، حيث بلغت حينها 1.78 مليار دينار وبمعدل نمو سنوي خلال الفترة (2005-2020) بلغ 9%.
أما بالنسبة لتوزيع ودائع القطاع الخاص لدى البنوك المحلية والمحررة بالدينار الكويتي بحسب أسعار الفائدة التي تدفعها البنوك للمودعين، فيتبين ان هناك 11 مليار دينار من ودائع القطاع الخاص بدون فوائد بينما هناك 20.2 مليار دينار من الودائع تدفع عليها البنوك فوائد سنوية لغاية 2% و3 مليارات دينار ودائع تدفع البنوك لها فوائد سنوية نسبتها تتراوح بين 2% و2.5% بينما 359 مليون دينار بفوائد سنوية بين 2.5% و3.5%.
وتاريخيا بلغت ودائع القطاع الخاص في البنوك نحو 36.24 مليار دينار خلال 2019.
الودائع الحكومية.. عند أعلى مستوياتها
بالنسبة للودائع الحكومية لدى القطاع المصرفي، والتي تهدف الى تعزيز قاعدة الودائع لدى البنوك والحفاظ على الاستقرار المالي وثقة المودعين وزيادة قدرة وطاقة البنوك المحلية على التمويل وضمان استمرار قوة سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، فهي لاتزال في أعلى مستوياتها بالرغم من انخفاضها خلال يناير 2021 بنسبة 4% لتسجل 7.61 مليارات دينار، بالمقارنة مع 7.94 مليارات دينار نهاية عام 2020، ما يعادل 17% من إجمالي قاعدة الودائع لدى البنوك (قطاع خاص + حكومي) التي سجلت بنهاية يناير 2021 حوالي 44.73 مليار دينار (بعد ان وصل إجمالي الودائع لدى البنوك الكويتية الى أعلى مستوى له على الإطلاق نهاية شهر سبتمبر 2020 حيث سجل 46 مليار دينار) مقارنة مع نسبة نمو خلال عام 2020 بلغت 7.5% ونسبة نمو 11.4% خلال عام 2019.
أما خلال الفترة 2005-2021 تضاعفت الودائع الحكومية بأكثر من 7 أضعاف من 996 مليون دينار نهاية عام 2005 الى مستوياتها الحالية عند 7.6 مليارات دينار بزيادة إجمالية بلغت 6.6 مليارات دينار.