طالبان تتراجع عن تنفيذ التزاماتها وبايدن مطالب بألا يسمح لها باستعادة السيطرة على ( أفغانستان )
رغم اتفاق السلام الذي وقعت عليه حركة طالبان مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب العام الماضي، بدأت الحركة في استغلال فرصة انتهاء قدرة ترامب على فرض السياسة الأميركية بشأن أفغانستان، لزيادة زخم جهودها الرامية للسيطرة على البلاد.
وكانت طالبان، قد وافقت بموجب شروط ذلك الاتفاق مع الولايات المتحدة، على أن تتفاوض من أجل التوصل إلى حل سلمي للحرب الأهلية التي تدور رحاها منذ فترة طويلة في هذا البلد الذي يعاني من التخلف نظير موافقة واشنطن على سحب كل قواتها المتبقية.
وعلاوة على ذلك، وافقت طالبان على قطع علاقاتها مع المنظمات الإرهابية مثل القاعدة.
وفي تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي قال المحلل السياسي والباحث البريطاني كون كوفلن إنه وفقا لما شهده أفغانستان من أحداث في الآونة الأخيرة، تظهر طالبان قدرا ضئيلا من الرغبة في الالتزام بشروط الاتفاق.
وأضاف كوفلن، وهو أحد كبار الزملاء بمعهد جيتستون، أنه بينما أوفى ترامب بالتزاماته المنصوص عليها في الاتفاق، وخفض عدد القوات الأميركية من نحو 13 ألف في الوقت الذي تم فيه توقيع الاتفاق في فبراير الماضي إلى2500 فقط عندما ترك منصبه، هناك دليل ضئيل على أن تفي طالبان بالتزاماتها بموجب شروط الاتفاق.
وعلى النقيض من ذلك، كان هناك منذ بداية العام الحالي تصعيد ملحوظ في مستوى العنف حيث يتم اتهام طالبان بأنها تكثف حملتها الإرهابية في محاولة لاستعادة السيطرة على أفغانستان، بدلا من أن تسعى للتوصل لحل سلمي للنزاع الذي تشهده البلاد، وإضافة إلى ذلك، تحتفظ قيادة حركة طالبان بعلاقاتها مع الجماعات الإرهابية مثل القاعدة.
وبناء على لذلك، تجد أفغانستان نفسها في أزمة أمنية كبيرة، يركز فيها الارهابيون هجماتهم على قطاع عريض من المجتمع الأفغاني، حيث يتم استهداف القضاة والنشطاء والصحافيين ورجال الدين المعتدلين والطلاب وغيرهم.
وتتمثل إحدى السمات الأكثر اثارة للاحباط لهذا الارتفاع في مستوى العنف في أنه دفع الشباب الأفغان المتعلمين الذين تمتعوا بأسلوب حياة أكثر ليبرالية في السنوات الأخيرة وبشروا بمستقبل براق لبلادهم، إلى التخلي عن وطنهم للفرار من العنف المتفاقم.
ويعتقد المسؤولون الأفغان أنه لم يكن لدى حركة طالبان أي نية على الإطلاق للوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق، وأطالت أمد المفاوضات مع إدارة ترامب حتى تتمكن من تأمين الإفراج عما يقدر بخمسة آلاف مسلح كانت تحتجزهم قوات الأمن الأفغانية، والذين قامت السلطات الأفغانية بإطلاق سراحهم في نهاية المطاف في الخريف الماضي.
واتهم حمد الله محب، مستشار الأمن القومي الأفغاني في مقابلة اجرتها معه صحيفة «تايمز أوف لندن» البريطانية في الاسبوع الماضي، طالبان باستغلال الاتفاق ببساطة لتأمين إطلاق سراح مقاتلي طالبان من السجون الأفغانية.
وقال «الشيء الوحيد الذي حصلت عليه طالبان من هذا الاتفاق هو الإفراج عن سجنائها، ثم شن هجوم ضد الحكومة الأفغانية وقواتها، وكانت هذه، على ما يبدو، خطتهم من البداية».
ودفع الوضع الأمني الأخذ في التدهور بسرعة الآن قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى الأمر بإجراء مراجعة بشأن ما إذا كان يتعين سحب كل القوات المتبقية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والمنتشرة في أفغانستان بحلول أول مايو المقبل، حسب ما تضمنه اساسا اتفاق ترامب المبرم مع طالبان.
وتم عقد مؤتمر افتراضي على مدار يومين الأسبوع الماضي لوزراء دفاع الناتو ـ وهي المرة الأولى التي شارك فيها مسؤولون من إدارة بايدن الجديدة. وقد ناقش المؤتمر بالتفصيل ما إذا كان يجب أن يستمر الانسحاب، لكن تقرر تأجيل اتخاذ قرار بشأن ذلك بينما يجري الرئيس الأميركي جو بايدن مراجعة شاملة للاتفاق الذي أبرمه ترامب.
ورغم أن إدارة بايدن لم تقرر بعد ما إذا كانت ستدعم اتفاق ترامب، هناك مقاومة متزايدة داخل حلف الناتو لسحب القوات بينما لاتزال طالبان تواصل حملتها العنيفة ضد الشعب الأفغاني.
وفي كلمة له في ختام اجتماع الناتو، قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج إن الحلف لايزال ملتزما بالاتفاق، لكنه أعرب عن رغبته في أن تثبت طالبان جديتها في السعي لإحلال السلام.
وقال «عملية السلام هي أفضل فرصة لإنهاء سنوات من المعاناة والعنف وتحقيق سلام دائم»، مضيفا «هذا أمر مهم بالنسبة للشعب الأفغاني وأمن المنطقة وأمننا».
وأوضح كوفلن أن مبعث القلق الرئيسي هو الاحتمال بأنه إذا ما تم السماح لحركة طالبان بالسيطرة على أفغانستان التي كانت تحكمها قبل هجمات 11 سبتمبر، فإنها سوف تسمح مجددا بأن تصبح البلاد ملاذا أمنا للجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، التي ستستخدم عندئذ الاراضي الأفغانية كقاعدة لشن هجمات مدمرة ضد الغرب.
وذكر كوفلن في نهاية تقريره أنه في ضوء ذلك، يحتاج بايدن، عند اتخاذ قراره بشأن مستقبل القوات الأميركية في أفغانستان، إلى أن يحذر من أن يكون مسؤولا عن التسبب في موجة جديدة من الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم حركة طالبان الأفغانية ذبيح الله مجاهد في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الحركة ترفض بشدة أي تأجيل محتمل لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. وأضاف قائلا: «مقاتلونا لن يوافقوا أبدا على التمديد».