ماذا تعني علاقة الهند بإيران بالنسبة لأميركا؟؟
بغض النظر عن الدفء الذي صارت عليه العلاقة بين واشنطن ودلهي، يظهر التاريخ أن هناك قدرا معينا من عدم الانحياز سيشكل دائما جزءا من سياسات الهند.
ويقول لاري إم. ورتزل، وهو زميل بارز في فرع الشؤون الأمنية الآسيوية بمجلس السياسة الخارجية الأميركية في واشنطن دي سي، إنه في عام 1946 كان أول رئيس وزراء للهند بالحكومة المؤقتة جواهر لال نهرو يدعو إلى إبقاء بلاده «بعيدا عن المعترك السياسي للقوى التي كانت تنحاز ضد بعضها البعض».
وأوضح ورتزل في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، أن وزير دفاع البلاد آنذاك كريشنا مينون استخدم في وقت لاحق مصطلح حركة عدم الانحياز في خطاب له ألقاه عام 1953 أمام الأمم المتحدة، ثم استخدم نهرو المصطلح مجددا في خطاب ألقاه عام 1954 في سريلانكا.
ومنذ ذلك الحين التزمت الحكومات الهندية المتعاقبة، بغض النظر عن ميولها السياسية، سياسة عدم الانحياز رسميا، وذلك على الرغم من أن السنوات الأخيرة كانت قد شهدت دفئا واضحا للعلاقات مع الغرب، على خلفية وجود منافسة حامية الوطيس بين الهند والصين.
ويقول ورتزل إنه من المهم عدم نسيان تاريخ الهند الطويل في التعامل مع الاتحاد السوفييتي ثم مع روسيا. وقد اعتمدت الهند أثناء فترة الحرب الباردة على الاتحاد السوفييتي في أغلب عتادها العسكري، وكذلك كي يكون ذلك بمنزلة وسيلة للتحوط من العلاقات الصينية الباكستانية.
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي بعد ذلك انتهجت العلاقات بين الهند وروسيا المسار نفسه تقريبا. وفي عام 1993 وقعت الهند وروسيا معاهدة للصداقة والتعاون، ثم تلتها في وقت لاحق اتفاقية رسمية للتعاون العسكري التقني.
وفي الأعوام الأخيرة، وتحديدا عام 2018، وقعت الهند وروسيا اتفاقية بقيمة 5 مليارات دولار، من أجل شراء نظام الدفاع الجوي الروسي «إس – 400». وفي العام الماضي، سافر وزير الدفاع الهندي، راجناث سينج، إلى موسكو، حيث كان ضيف شرف رسميا في موكب «يوم النصر» الـ 75 الذي أقيم بموسكو في 24 من يونيو الماضي، بمناسبة ذكرى انتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية.
وأشار الخبير الأميركي، إلى أن هذه الروابط كانت لها تداعيات عملية، حيث تشير دراسة أجراها «مركز ستيمسون» هذا العام، إلى أن 86% من القوات المسلحة الهندية مجهزة بمعدات روسية. وبعبارة أخرى، فإن موسكو ودلهي متحالفتان عسكريا بشدة.
وكذلك الأمر بالنسبة للهند وإيران، حيث تعود العلاقة بين دلهي وطهران إلى عهد الاتحاد السوفييتي، عندما كان الجيش الهندي مشاركا في توفير الإمدادات الحيوية للسوفييت عبر إيران.
واليوم تحافظ الهند على مصالح دائمة لها في إيران. وتحتاج الهند إلى الغاز الطبيعي المسال للمساعدة في دعم نموها الاقتصادي السريع.
وكان هناك اتفاق ينص على أن تمد طهران الهند بالغاز الطبيعي المسال، وقد توقف بسبب العقوبات الأميركية في عام 2018، مما اضطر الهند إلى تنويع وارداتها من الطاقة، بالإضافة إلى شراء الغاز الطبيعي المسال والنفط من الولايات المتحدة ومن دول أخرى.
والآن، قد تعيد المؤشرات الدالة على دفء العلاقات بين واشنطن وطهران مسألة صادرات الغاز الطبيعي المسال من إيران إلى الهند إلى طاولة المفاوضات من جديد. كما تتعاون طهران وموسكو ونيودلهي بصورة مشتركة في «الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب».
وبينما يحتضر الاتفاق الذي وقعته الهند عام 2012 للسماح لإيران بالاستفادة من تكنولوجيتها العسكرية، مازالت طهران تبرز بقوة في إستراتيجية الهند الأمنية.
ويقول ورتزل إن كل ذلك له علاقة بالولايات المتحدة، حيث شهدت السنوات الأخيرة مواءمة استراتيجية متزايدة بين واشنطن ونيودلهي. وقد يستمر هذا المسار في ظل إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي – رغم كل شيء – دافع عن الانخراط الوثيق مع الهند، عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس في عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وقبل ذلك خلال فترة رئاسته للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
وفي هذا الصدد لعب بايدن دورا مهما في المساعدة على رفع العقوبات الأميركية عن الهند في عام 2001، وألقى بثقله وراء الدعم الأميركي لجهود الطاقة النووية الهندية فيما بعد. وعلى الرغم من أن سياسة إدارة بايدن في آسيا مازالت في طور التشكيل، إلا أن هذه الأولويات ستكون في صلب هذه السياسة على الأرجح.
ومن المتوقع أن تتحسن العلاقات الأمنية مع الهند بصورة أكبر، بحسب التقرير الذي نشرته المجلة الأميركية.
وفي محاولة لتحقيق التوازن مع الصين، تعمل الهند حاليا بصورة أوثق أكثر من أي وقت مضى، مع اليابان والولايات المتحدة وأستراليا فيما يسمى بالتحالف الأمني الرباعي، ومع ڤيتنام لتحسين الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ