( فهد الهندال ) : السرد يحتاج إلى تنويع الوسائط والوسائل
استعرض الباحث فهد الهندال الرواية في الكويت، وذلك خلال مشاركته بندوة «الرواية العربية في الألفية الثالثة… بحثاً عن أفق جديد».
شارك المقرر العام لمختبر السرديات الكويتي الناقد والباحث فهد الهندال الندوة الأولى لمختبرات السرد في العالم العربي، والذي عقد في مختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وذلك في جلسة علمية افتراضية شارك فيها عدد من الكتاب في الوطن العربي، عبر تقنية التناظر المرئي تم بثها مباشرة على مجموعة من الصفحات المتخصصة.
الندوة التي اتخذت من «الرواية العربية في الألفية الثالثة… بحثا عن أفق جديد» موضوعا لها؛ ونسّق لها الباحث سالم الفائدة.
الرواية التفاعلية
بهذا الصدد قال الهندال في كلمته: «في السابق كان لديّ اهتمام في الرواية التفاعلية لا أتحدث عنها كوسيلة نشر الكترونية، وإنما أنظر إلى بعدها الثقافي، وما يمكن أن تحققه من حضور لأدب بشكل عام، ولرواية والسرد بشكل خاص من خلال وسائل تكنولوجية جديدة، وإن كنّا لم نصل حقيقةً إلى مفهوم دقيق حول الرواية التفاعلية».
ظاهرة ثقافية
وتابع الهندال: «لكن كما نعرف أن الأدب هو ظاهرة ثقافية تنقل المشاكل التي تواجهها هذه الثقافة، لذلك لا يمكن أن نفصل الأدب عن الحقبة أو الفضاء الثقافي الذي أنتج فيهما كما يقول أدورﻧﻮ ما يتبلور فيه المجتمع، أي الثقافة، حيث توجد روابط أساسية تجمع بين الكاتب المبدع والمجتمع، وبين مضمون العمل الفني، وبين الفضاءات الذهنية للوعي الجمعي، الذي ينتمي إليه الكاتب، فيمكن قراءة العمل الفني أيضا باعتباره تعبيرا بصيغة متخيلة عن واقع يتمفصل في العمل الفني جدليا، أو من خلال الفضاءات الذهنية».
تكنولوجيا حديثة
وأضاف أن ما ذكرناه سابقا يتناول كل ما له صلة بالكتاب من الخارج كنقده وتقديم قراءة فيه، أو اللقاءات مع الكاتب والحوارات والندوات والمشاركات، وهذه نجدها الآن أكثر فاعلية عما كان عنه أدب الرواية في السنوات التي سبقت، فهذه الطفرة المعلوماتية والحضور في التواصل الاجتماعي والجسور التي خلتها هذه التكنولوجيا الحديثة، حيث اتجه الثقافة وفاعليتها أن تكون نشطة خلال فترة الحجر المنزلي، لذلك أصبحت هناك حاجة أن يكون هذا الكتاب حاضرا في زمنه، كما كان مختلفا عما كان عليه الكتاب الذي قد تكون التعليقات والكتابات النقدية هي لاحقة وليست متزامنة، واليوم نشاهد تزامنا بمجرد أن يصدر عمل سردي وروائي وقصصي، نجد هذا التفاعل الذي يحدث مع المجتمع حول هذا العمل.
وبيّن أن نص الأساس يختلف، الآن نجد الكتاب الورقي وأيضا نجد الكتاب الرقمي أو الرواية الرقمية، وهذا يأتي ضمن تفاعل غير مباشر، ولأهمية الدور التفاعلي عند بعض الكتاب، أصبحت هناك حاجة إلى تنوع الوسائط والوسائل في السرد.
وأكد أنه لدينا منظومة سردية يمكن أن تكون متكاملة وتحقق خطابا روائيا جديدا تعتمد على جميع أطراف العلاقة سواء أكان الكاتب، أو المتلقي، أو الناشر، أو المنتج إذا كان عملا صوتيا، لذلك أصبحت هناك حاجة عن وجود هذا الوسط الجديد من السرد.
الرواية في الكويت
من جانب آخر، استعرض الهندال الرواية في الكويت واخذها كنموذج قائلا: «ينحصر أمرها بثلاثة أجيال أو أربعة، وخاصة أن الساحة في الكويت شهدت تجاورا بين عدة أجيال روائية في العقد الأول من الألفية الثالثة، وفي العقد الأول من الألفية الثالثة كان هناك تزاحم كبير بين الروائيين، فنجد الروائيين الكبار، والروائيين الشباب، وحتى في العقد الثاني نجد هذا النتاج قد زاد من الزخم بأن هناك اتجاه نحو الرواية حتى لدينا مجموعة من النقاد، وكتاب القصة والشعراء اتجهوا إلى الرواية. إذن أصبحت الرواية الآن من يجمع الجميع تحت مظلتها. ولكن بتعدد هذه العوالم الروائية في هذه النتاجات الروائية أصبحنا نسمع مفاهيم جديدة تدخل مثل الرواية الجماهيرية أو الأكثر قراءة، وربما نقصد بالجماهيرية، الرواية التي تحاكي جيل الشباب، لكونه الجيل المسيطر والمحرك للمجتمع، وكما نشاهد في معارض أكثر جيل متحرك هو جيل الشباب. لذلك نجد أنه لزاما علينا بأن ننظر ونتبه لهذه الأعمال الجماهيرية أو الشبابية من خلال قراءتها وتحليلها والتعرف على كتابها.
من جانبه، أكد الكاتب السعودي معجب العدواني أن مستقبل الرواية العربية سيتجه إلى ما سماه السرد النرجسي أو ما يعرف بـ«الميتا – قص»، وذلك بسبب إيمان الروائي بأنه حين يظهر شخصيته داخل العمل، فستكون قدرته على الإقناع أكبر. وحاول الأكاديمي السعودي تتبع السرد النرجسي في الأدب من خلال قراءته لرواية «أولاد الغيتو» لإلياس الخوري، و«طقس» لأمير تاج السر، مركّزا على تبيان ملامح الميتا قص أو القص الماورائي في العمليين الأدبيين.
واعتبر أن هذا الاتجاه – الميتا قص – ليس تيارا عميقا بعد في الأدب العربي «فحتى أبرز الروائيين حين يطرق هذا الملمح يفعل ذلك على استحياء». وحسب العدواني، فإن قوة السرد النرجسي في أنه «لا يترك قرّاءه ينسون أنه تخييلي»، أي أنه كلما حاول القارئ أن يغوص إلى البعد الواقعي في العمل، فإنّ المؤلف يتدخل بهيمنته على النص ليعيده مرة أخرى إلى المتخيّل.