تطور (مستمر ) للعلاقات بين أذربيجان والكويت.. بقلم سفير جمهورية أذربيجان إميل كريموف
يرتبط شعبا أذربيجان والكويت ودولتهما بالجذور التاريخية والثقافية والدينية الوطيدة.
فبعد أن استعادت أذربيجان استقلالها في عام 1991، كانت أول منظمة دولية انضمت اليها هي منظمة التعاون الإسلامي.
أقيمت العلاقات الديبلوماسية بين أذربيجان والكويت في عام 1994، وخلال هذه الفترة تم التوقيع على أكثر من 20 اتفاقية حكومية بين البلدين، ولعب قادة دولتينا دورا كبيرا في تطوير العلاقات بين بلدينا الصديقين.
وهكذا، في 13 ديسمبر 1994، التقى الزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف مع صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت أثناء زيارته للمغرب للمشاركة في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، وبالتالي تم إرساء العلاقات بين البلدين. في ذلك الاجتماع الذي عقد في ظل ظروف من التفاهم المتبادل دعا رئيسا الدولتين بعضهما البعض الى بلدهما.
وبعد ذلك، تم عقد الاجتماعين بين رئيسي الدولتين في كوبنهاغن في مارس 1995 وفي الولايات المتحدة في أكتوبر من العام نفسه، وأقيمت المناقشات بينهما.
في السنوات الأولى من الصراع، قدمت دولة الكويت مساعدات إنسانية للاجئين الأذربيجانيين وشاركت في تمويل عدد من المشاريع المنفذة في أذربيجان. تتعاون جمهورية أذربيجان ودولة الكويت بشكل وثيق على أساس ثنائي وكذلك في إطار منظمات دولية مثل الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة «أوپيك+».
في العاشر من مايو عام 2023، الذكرى المئوية لميلاد حيدر علييف الزعيم القومي للشعب الأذربيجاني مؤسس دولة أذربيجان المستقلة والشخصية السياسية البارزة والذي وضع أسس العلاقات بين دولتي أذربيجان والكويت. في هذا الصدد، تم إعلان عام 2023 «عام حيدر علييف» بموجب المرسوم ذي الصلة الصادر عن فخامة السيد إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان.
قاد الزعيم القومي حيدر علييف أذربيجان السوفيتية في عام 1969-1982، وهو متعصب كبير لشعبه الأصلي، قام بتنفيذ برنامج واسع للإصلاحات في جميع مجالات الحياة من أجل تحويل أذربيجان الى إحدى أكثر جمهوريات الاتحاد السوفيتي تقدما.
في الأعوام التي قاد أذربيجان السوفيتية، تم إنشاء المئات من المصانع والمؤسسات الإنتاجية، وإطلاق 213 مؤسسة صناعية كبيرة في أراضي الجمهورية، وبدأ تشغيل أول مصنع لإنتاج مكيفات الهواء في الاتحاد السوفيتي السابق في باكو عام 1975. كانت كوبا أكبر مستورد لمكيفات باكو، حيث كانت تستورد 700 مكيف هواء سنويا. وكانت 15 جمهورية للاتحاد السوفيتي والصين وإيران ومصر وأستراليا من الدول المصدرة أيضا.
مئات المباني السكنية والفنادق والمدارس والمستشفيات وقصور الثقافة التي تضفي اليوم جمالا على العاصمة باكو، والمصانع والمؤسسات والمنشآت الصناعية الضخمة ومجمعات الإنتاج الكبيرة وخزانات المياه وخط أنبوب نهر كور والمناطق الخضراء ومراكز الترفيه والطرق التي تشكل جوهرا لاقتصادنا، وبما في ذلك إنشاء خط سكة حديد باكو- بالاكان الذي يربط الجزء الشمالي الغربي للبلاد بالعاصمة، وكذلك إنشاء خط السكة الحديدية الى مدينة خانكندي لقره باغ، كانت نتيجة نشاط حيدر علييف الدؤوب وحبه للوطن الأم.
في ديسمبر عام 1982، تم تعيين حيدر علييف في منصب النائب الأول لرئيس مجلس وزراء الاتحاد السوفيتي.
أولى حيدر علييف دائما اهمية كبيرة لتنمية العلاقات مع الدول الاسلامية والتضامن الاسلامي. فحين عمله بقيادة الاتحاد السوفييتي كانت زياراته الى مصر وسورية والاردن وليبيا والعراق واليمن وباكستان ودول اسلامية أخرى في 1982 – 1987، الأمر الذي جعله معروفا كأحد السياسيين البارزين في العالم الإسلامي بأسره.
الزعيم القومي حيدر علييف هو مهندس ومؤسس أذربيجان الحديثة والجديدة ايضا.
كما هو معروف انه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي نالت جمهوريات هذا الاتحاد استقلالها، ومن جملتها جمهورية اذربيجان ايضا استعادت استقلالها في 18 اكتوبر 1991. ولكن، في السنوات الأولى لاستقلالنا، كانت في الجمهورية أزمة اجتماعية واقتصادية حادة وعنف وفوضى، وكان البلد على شفا حرب اهلية، ومن ناحية أخرى، تم احتلال 20% من اراضينا.
وفي هذا الوضع المعقد رأى الشعب مخرجا في عودة حيدر علييف الى السلطة، وتلبية لنداء شعبه عاد الزعيم القومي في عام 1993 الى السلطة قاد أذربيجان المستقلة لمدة 10 سنوات، وخلال فترة قيادته هذه تم إرساء تنمية أذربيجان المستقلة وتنفيذ العديد من النجاحات فيها. وفي بداية الأمر، منع العنف والحرب الأهلية وتم تحقيق الاستقرار في البلاد واتخاذ اجراءات جادة لتحسين رفاهية السكان.
اتخذ حيدر علييف خطوات مهمة نحو جذب الاستثمارات الاجنبية الى قطاع النفط، بحيث انه، وعلى الرغم من العقبات الكبيرة، توصل الى التوقيع على «اتفاقية القرن» في 20 سبتمبر 1994. اصبح مشروع خط انابيب النفط باكو – تبيليسي – جيهان المسمى بـ «اسطورة البحار الثلاثة» والذي يحمل اسم القائد العظيم حقيقة واقعة، ويسهم اليوم ايضا في تحسين الرفاهية المادية لشعبنا وجعل وطننا اذربيجان دولة قوية.
منذ الايام الأولى لقيادته جدد الزعيم القومي حيدر علييفا السياسة الخارجية لاذربيجان واعاد بناؤها على اساس المصالح الاستراتيجية للبلاد.
ونتيجة المفاوضات التي اجريت مع جهود منظمة الامن والتعاون في اوروبا والوسطاء الآخرين، تم التوصل الى وقف اطلاق النار بين ارمينيا واذربيجان في مايو 1994. وزيارات فخامة السيد حيدر علييف رئيس جمهورية اذربيجان لعدد من الدول الاجنبية ولقاءاته فيها ومفاوضاته مع ممثلي مختلف دول العالم الذين قاموا بزيارات لجمهوريتنا، لعبت دورا مهما في نقل الحقائق حول عدوان ارمينيا على اذربيجان للعالم الدولي.
أقيمت علاقات تعاون نشطة مع المنظمات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الامن والتعاون في أوروبا ومنظمة حلف شمال الاطلسي ومجلس اوروبا ومنظمة المؤتمر الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية.
وفي حياة الزعيم القومي حيدر علييف المزدحمة وفي حصوله على الانجازات، لعبت السيدة ظريفة علييفاا قرينته الوفية والحنون دورا كبيرا. وفي هذا العام، في شهر ابريل عام 2023 مرت الذكرى المئوية لميلاد السيدة ظريفة عزيز قيزي علييفا ايضا، وهي العالمة البارزة لأذربيجان، العالمة المكرمة، الدكتوراه في علوم الطب، والبروفيسورة، والعضو الحقيقي في اكاديمية العلوم لاذربيجان، ولدت السيدة ظريفة علييفا في 28 ابريل 1923 في قرية شاهتختي لمنطقة شرور في جمهورية ناختشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي، وهي من أجمل المناطق في اذربيجان.
قدمت الاكاديمية ظريفة علييفا مساهمات كبيرة في تطوير مجال الطب في بلدنا من خلال نشاطها العلمي الشامل، ومؤلفاتها القيمة التي احرزتها نتيجة أبحاثها العلمية الطويلة الامد حول قضايا طب العيون الموضعية. وحظيت دائما بتقدير عال. وخدماتها العلمية للدولة والشعب، تم تقديرها بتقدير عال وانها منحت اوسمة وميداليات، وحصلت على لقب«العالم المكرم» الفخري لأذربيجان.
تم إنشاء المختبر المتخصص للبحوث العلمية بمبادرة من الاكاديمية ظريفة علييف، وذلك المختبر هو اول مركز بحثي لمدرسة طب العيون في اذربيجان، وخلال انشطتها العلمية والتربوية ركزت ظريفة علييف على اخلاقيات الطب وعملت بجد لتدريب الكوادر المؤهلين تأهيلا عاليا في الجمهورية وحضرت جيلا كبيرا من العلماء والاطباء الشباب في مجال طب العيون.
ألّفت الاكاديمية ظريفة علييفا 14 دراسة علمية وما يصل الى 200 عمل علمي، وفي العام 1981 منحت البروفيسورة ظريفة علييف أعلى جائزة في طب العيون، جائزة «الاكاديمية أفيرباخ» لأكاديمية العلوم الطبية في الاتحاد السوفييتي، وذلك لمساهمتها الكبيرة في تطوير طب العيون لأبحاثها العلمية في مجال الامراض المهنية لجهاز الرؤية. تجدر الإشارة الى ان البروفيسورة ظريفة علييف هي اول امرأة حصلت على هذه الجائزة.
مسار فن الدولة لحيدر علييف يواصل اليوم بنجاح ابنه إلهام علييف رئيس جمهورية اذربيجان، مع الزيارة الرسمية التي قام بها إلهام علييف رئيس جمهورية اذربيجان الى الكويت في 10 فبراير 2009، دخلت العلاقات الثنائية بين بلدينا الى مستوى جديد، وفي لقائه مع الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، تم التشديد على ان العلاقات بين البلدين تتطور وان العلاقات السياسية على مستوى عال، وتمت بينهما مناقشة تطوير العلاقات الاذربيجانية ـ الكويتية في مجالات الاقتصاد والتجارة والسياحة والاستثمار، وتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الحكومية، كما تبادل رئيسا الدولتين وجهات النظر حول القضايا الدولية والاقليمية.
وقدم الأمير الراحل للرئيس الأذربيجاني إلهام علييف وسام «مبارك الكبير»، وهو أعلى وسام بلاده، كما قدم الرئيس الاذربيجاني للأمير الراحل وسام «حيدر علييف» وهو اعلى وسام لأذربيجان.
انه لمن دواعي السرور ان العلاقات بين بلدينا تتطور اليوم على خط تصاعدي، العلاقات البرلمانية تحمل سمة مكثفة، كما تنشط اللجنة الحكومية المشتركة.
يزداد عدد السياح الكويتيين الذين يزورون اذربيجان من سنة الى اخرى، يتعلق ذلك بتنفيذ اجراءات تأشيرة سهلة للمواطنين الكويتيين، وكذلك تنفيذ رحلات مباشرة بين باكو والكويت من قبل شركات طيران «الجزيرة» و«الكويتية» «والخطوط الجوية الاذربيجانية» (أذال).
كذلك، اقيمت بنجاح في مدينتي باكو والكويت ايام ثقافية بشكل متبادل وغيرها من التدابير الثقافية، وفي مجال التعليم يمكننا القول انه حتى في القرن الماضي خلال الحكم السوفييتي درس الطلاب الكويتيون في اذربيجان، ويستمر هذا التقليد الجيد، وهناك حاليا طلاب اذربيجانيون يدرسون في جامعة الكويت.
وفي الختام، أود ان اشدد على ان اذربيجان اليوم هي دولة رائدة في المنطقة، وفي الوقت نفسه دولة منتصرة حررت اراضيها على حساب قوتها من الاحتلال الذي استمر 30 عاما، وان الرئيس إلهام علييف يواصل بنجاح المسار السياسي للقائد العظيم حيدر علييف، وطالما هناك دولة اذربيجان المستقلة وشعب اذربيجان سيعيش حيدر علييف في القلوب دائما، ولن تُنسى اعمال الاكاديمية ظريفة علييف في مجال العلوم.
يصادف العام المقبل الذكرى الـ 30 لإقامة العلاقات الديبلوماسية بين أذربيجان والكويت، نعتقد ان العلاقات الودية الصادقة القائمة بين رئيسي بلدينا ستساعدنا في توسيع علاقاتنا وتحقيق انجازات جديدة في المستقبل القريب.