هل يصمد الاقتصاد الروسي أمام طوفان العقوبات الدولية المفروضة على موسكو؟
حاولت السلطات الروسية الأربعاء وقف النزيف الاقتصادي والهلع الناجمين عن العقوبات الضخمة المفروضة على موسكو في أعقاب غزو أوكرانيا والتي تؤثر بشكل لم يسبق له مثيل على الاقتصاد الحديث الذي بُني في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي.
هل سيصمد الاقتصاد الروسي؟ ردا على سؤال من صحافي استخدم المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عبارات غامضة في “بيئة اقتصادية معادية”، لا بد من “تقليل العواقب”. باختصار روسيا “ستبقى صامدة”.
لكن الكرملين المعروف بقلة تصريحاته، اعترف بأن “ضربة قاسية” وجهت الى الاقتصاد الروسي وأن “تماسكه” مهدد.
منذ الإعلان عن عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على روسيا ردا على غزو موسكو لأوكرانيا، استيقظ الروس على اقتصاد مغاير تماما.
لقد فقدت أموالهم أكثر من ثلث قيمتها في غضون أيام قليلة، ولا يمكن لطائراتهم التوجه إلا إلى حفنة من البلدان وباتت وظائفهم ورواتبهم وقروضهم … مهددة.
انهيار قيمة أسهم أكبر بنك روسي بنسبة 95%
وصفت رئيسة مجلس النواب فالنتينا ماتفينكو العقوبات بأنها “غير مسبوقة”، ودعت “الجميع إلى التفكير وتحليل كل ما يمنع” عالم الأعمال من العمل مشددة على عدم “الهلع”.
من جهته كرر رئيس الوزراء وصفات روسية تعود إلى عشرين عاما كاستبدال الواردات بالمنتجات المحلية وتنويع مصادر الدخل.
لكن هذه التصريحات تبدو بسيطة للغاية أمام شبح الكارثة فيما ما زالت بورصة موسكو مغلقة منذ الاثنين وتعمل السلطات على زيادة القيود للحد من الأضرار.
وأعلن البنك المركزي عن إجراءات تحظر على الأجانب بيع أسهمهم الروسية وسحب الأموال من السوق المالية الروسية لمواجهة نزيف الاستثمارات الأجنبية. كما يحظر مغادرة روسيا مع أكثر من 10 آلاف دولار نقدًا.
وأيدت وزارة المالية إلغاء ضريبة القيمة المضافة على مشتريات الذهب من قبل الأفراد، مقترحة عليهم تفضيله على شراء العملات الأجنبية.
وأعلن سبيربنك أكبر بنك في روسيا، الذي كان مربحًا للغاية قبل أسابيع قليلة، انسحابه من السوق الأوروبية الأربعاء ما تسبب في انهيار بنسبة 95 % في قيمة أسهمه في بورصة لندن.
تعلن الشركات الروسية كما الأثرياء الروس تحت العقوبات عن تراجع أنشطتهم، بينما تسارع الشركات الأجنبية للإعلان عن وقف خدماتها في روسيا.
وأعلنت شركات كبرى في قطاع المحروقات مثل شل وبي بي، انسحابها من بلد استثمرت فيه المليارات.
مئات آلاف الوظائف وربما أكثر مهددة بالنسبة للروس العاملين في الشركات الأجنبية والذين يخشون أيضًا على رواتبهم مع قرب قطع علاقات المصارف الروسية مع الخارج.
قدرة شرائية في تآكل
الروس، الذين غالبًا ما يتم الإشادة بمرونتهم في مواجهة الكوارث التاريخية، يتذوقون ثمار الرأسمالية والاقتصاد المدمج دوليًا منذ عشرين عامًا.
بعيدًا عن أنقاض الإتحاد السوفياتي، اعتادت الطبقة الوسطى على السفر إلى الخارج وعلى المطاعم والمتاجر. وتعود شعبية فلاديمير بوتين المستمرة إلى حد كبير للاستقرار الاقتصادي الذي ساد البلاد منذ وصوله إلى الكرملين في عام 2000.
ومنذ عقوبات 2014، بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم قامت الدولة بتكوين احتياطيات متينة لمواجهة العقوبات.
لكن المواطنين الروس الذين رأوا قدرتهم الشرائية تتآكل في ثماني سنوات في ظل اقتصاد ساده الركود، ليسوا في نفس الوضع خاصة وأن العديد منهم مولوا رفاههم المادي بواسطة القروض، في حين أن ما يقارب ثلثيهم ليس لديهم مدخرات وفقًا لاستطلاع للرأي أجراه معهد ليفادا عام 2021.
وقال المستشار المالي سيرغي ليونيدوف للروس الاربعاء في مقابلة مع وكالة ريا نوفوستي “إذا كانت لديكم قروض أو ديون أخرى مع البنوك فيجب تسديدها بسرعة. الأزمة تزيد من مخاطر فقدان مصادر الدخل”.