مشاورات روسية – إسرائيلية حول «حل سورية» و«نووي إيران»
ناقش وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي سبل التوصل لتسوية في ملفي سورية وإيران، في وقت تكثف موسكو جهودها لإعادة ترتيب أوراقها بالشرق الأوسط، في حين اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني خصومه بمحاولة عرقلة رفع العقوبات الأميركية، كاشفاً عن تلقيه رسالة من «البيت الأبيض» عبر وسيط أوروبي.
في خضم تحركات دبلوماسية محمومة لإعادة ترتيب أوراق موسكو بالمنطقة ومحاولة الإمساك بأكبر قدر ممكن من ملفات الضغط والمساومة بمواجهة استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة بالشرق الأوسط، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي ملفي سورية وإيران، بالإضافة إلى عدة قضايا أخرى.
وأكد لافروف، خلال مؤتمر مشترك عقده في موسكو مع أشكنازي، استعداد روسيا للعمل ضمن صيغة موسعة حول التسوية في سورية، بشرط تمسك كل أطرافها بقرار 2254 لمجلس الأمن الدولي، والسماح للسوريين بتقرير مصيرهم بأنفسهم.
وعلّق الوزير الروسي على اقتراح المبعوث الدولي للملف السوري، غير بيدرسن، بإشراك أطراف أخرى، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في عملية التسوية، موضحا أن المراد من اقتراحات بيدرسن هو جمع أطراف «مسار أستانا»، روسيا وإيران وتركيا، و»المجموعة المصغرة» حول سورية، والتي تشارك فيها أبرز الدول الغربية وثلاث دول عربية. وأوضح أن بلاده تركز على «دعم اللجنة الدستورية السورية».
ولفت إلى أنه بحث مع نظيره الإسرائيلي الملف النووي الإيراني، في ضوء إعلان البيت الأبيض سعيه إلى إحياء العمل به مع طهران، في حين أعربت متحدثة باسم الخارجية الروسية عن قلق موسكو بعد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن بدء إيران تخصيب اليورانيوم بأجهزة متطورة محظورة في منشأة نطنز تحت الأرض.
وتعارض إسرائيل، حتى الآن، عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، وهي تريد مواصلة الضغوط على طهران للتوصل الى اتفاقات واسعة تشمل برنامج ايران البالستي وأنشطتها الإقليمية.
تقدير ودعوة
من جهته، صرح أشكنازي بأن «روسيا لاعب رئيسي في الشرق الأوسط. وهي تؤدي دوراً مهماً جداً في الاستقرار الإقليمي. نحن نقدر عالياً موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الداعم لإسرائيل والتزامه العلني بأمنها».
وأشار إلى أن «منطقة الشرق الأوسط تشهد تغيرات كبيرة بعد اتفاقات السلام مع الإمارات والمغرب والسودان».
ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي، نظيره الروسي، لزيارة إسرائيل التي تستعد لإجراء انتخابات مبكرة، تعد الرابعة خلال أقل من عامين، في 23 مارس الجاري.
ومساء أمس الأول، بحث وزير الخارجية الروسي، في اتصال هاتفي مع نظيره السوري فيصل المقداد، سبل تعزيز عملية التسوية السياسية في سورية بدون تدخل خارجي، وأطلعه على نتائج جولته الخليجية الأخيرة التي شملت الإمارات والسعودية وقطر وركزت على ضرورة إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية.
وكانت إسرائيل أظهرت أخيراً إشارات الى انها مستعدة للموافقة على بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة بل ومستعدة للعمل معه، كما حصل في صفقة لتبادل الاسرى جرت قبل اسابيع ومفاوضات حول العثور على جثة طيار إسرائيلي يعتقد أنه دفن بسورية قبل عقود.
قصف وتصدٍ
وجاء اللقاء الروسي- الإسرائيلي في وقت أفادت دمشق بأن دفاعاتها الجوية تصدت لعدد من الضربات الصاروخية الإسرائيلية على العاصمة دمشق والجولان المحتل مساء أمس الأول.
وذكر «المرصد السوري»، ومقره بريطانيا، أن الضربات الجوية «استهدفت مستودعين للذخيرة تابعين لميليشيات إيرانية تقاتل إلى جانب حكومة دمشق على بعد كيلومترات قليلة من مطار دمشق جنوبي العاصمة».
التعاون الروسي- الأميركي
في سياق قريب، كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن روسيا والولايات المتحدة، تحافظان على اتصالات وثيقة في سورية على المستويين العملياتي والتكتيكي.
وأضاف شويغو، في تصريحات أمس: «لن أخفي عليكم، أنه توجد لدينا اليوم في سورية، على المستوى العملياتي وعلى المستوى التكتيكي، اتصالات وثيقة للغاية مع الزملاء الأميركيين. قد يكون ذلك سراً، وأنا أكشفه: تجري الاتصالات عدة مرات في اليوم، في إدارة المجال الجوي، وتنفيذ التدابير في الجو لمكافحة الإرهاب».
جولة ورسالة
في هذه الأثناء، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني معارضيه بالتيار المتشدد بـ «عرقلة» رفع العقوبات الأميركية، على أمل تحقيق مكاسب في الانتخابات الرئاسية المقررة في يوليو المقبل.
وقال روحاني: «نأمل أن تتراجع الأقلية التي تعمل على عرقلة رفع العقوبات خلال شهر شعبان الجاري»، مشيراً إلى أن معارضيه يعملون على تأخير رفع العقوبات بسبب المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، واصفاً ذلك بأنه «خيانة كبرى».
وأكد أن «أي فصيل أو جماعة أو تيار يؤخر رفع العقوبات لمدة ساعة، سيبقى تصرفه وصمة عار أبدية في تاريخ إيران».
وأوضح أن شروط رفع العقوبات «مهيأة بشكل أفضل من أي وقت مضى»، وأن العام الإيراني الجديد سيكون عام رفع العقوبات والسيطرة على «كورونا».
في موازاة ذلك، ذكرت الرئاسة الإيرانية أنها تسلمت رسائل من واشنطن عبر دول أوروبية والسفارة السويسرية التي تقوم بإدارة المصالح الدبلوماسية الأميركية في طهران، في حين كرر رئيس مكتب الرئاسة الإيرانية محمود واعظي، نفي بلاده إجراء أي مفاوضات مع الولايات المتحدة حتى بعد مجيء بايدن إلى سدة الحكم، مشيراً إلى وجود قنوات لنقل الرسائل الخاصة عبر سويسرا.
انتهاك جديد
في غضون ذلك، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير حصلت «رويترز» على نسخة منه، أمس الأول، أن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز تحت الأرض باستخدام نوع ثان من أجهزة الطرد المركزي المتطورة «آي.آر-4»، في انتهاك جديد لاتفاق طهران مع القوى الكبرى.