من مصر

صوت شادية في رسالة ( ماجستير ) : رخيم ورنَّان ولامع

لايزال صوت الفنانة الراحلة شادية يصدح في الوجدان العربية بمئات الأغنيات الراسخة في ذاكرة الملايين من المحيط إلى الخليج.

بالتزامن مع الذكرى التسعين لميلادها، نالت بنت بلادها الباحثة في كلية التربية النوعية – قسم التربية الموسيقية بجامعة أسيوط، أميرة عادل، درجة الماجستير، في الأداء الصوتي للنجمة التي برعت كمغنية إلى جانب شهرتها الواسعة كممثلة سينمائية تنتمي إلى زمن الفن الجميل.

تعلَّق قلب الباحثة المصرية أميرة عادل، بصوت شادية، فأرادت له أن يصدح مُجدداً، ليس عبر الميكروفون في حفل غنائي أو على شريط سينمائي، بل ترددت أصداء صوتها هذه المرة في أروقة جامعة أسيوط العريقة بصعيد مصر، عبر رسالة ماجستير حملت عنوان “دراسة تحليلية لأسلوب الأداء الغنائي لشادية والاستفادة منه لدارسي الغناء العربي”.

وقالت الباحثة الشابة إنها اختارت شادية تحديداً لإجراء البحث الذي نالت عنه أخيراً درجة الماجستير، لأنها تحب النجمة الراحلة صاحبة الصوت المميز، ولأن أغنياتها تتسم بالمرح والخفة، فهي تمثل مرحلة الشباب، وتنفذ سريعاً إلى الفؤاد والأذن، كما تنوعت ألوان الغناء التي قدمتها مثل (العاطفي، والوطني، والاجتماعي، والديني)، وهي ليست نموذجاً فنياً يجب إلقاء هالة ضوء عليه فقط، بل كانت إنسانة عظيمة، فبعد اعتزلها الفن اهتمت بالأعمال الخيرية، وكانت تكفل أسراً فقيرة، وتساعد الطالبات المغتربات اللواتي يدرسن في جامعة الأزهر.

وأخضعت الباحثة مجموعة من أغنيات شادية للدراسة، منها “سيد الحبايب”، و”دبلة الخطوبة”، و”قل ادعو الله”، “يا حبيبتي يا مصر”، و”مصر اليوم في عيد”، و”حبك جننا ياسمك إيه”، و”ميكونش ده اللي اسمه الهوي”، و”زينة”، بهدف الوقوف على أهم أساليب الأداء الغنائي لدى شادية. وهكذا ركزت أميرة في عينة البحث على الأغنيات المشهورة فقط، لكونها معروفة بالنسبة إلى الطلاب، للاستفادة منها في مجال الغناء والصولفيج العربي في كلية التربية النوعية بجامعة أسيوط.

وأشارت إلى أن براعة شادية تكمن في قدرتها على أداء جميع ألوان الغناء، وتمكنها من توصيل معاني الكلمات التي تشدو بها إلى المستمع، وإجادتها التنفس السليم من موضعه الصحيح ساعدها على الأداء باحترافية شديدة، كما برعت في أداء الأغنيات الخفيفة المرحة بحليات وزخارف صوتية تنفذ إلى القلب سريعاً، فصوت شادية رنان ذو جرس مميز ومستمر، وكانت لديها قدرة على تلوين صوتها لدراتيها التامة، وتمكنها من استخدام مناطق الرنين المختلفة وأساليب الأداء (العربية والإلقائية)، كما تميزت بقدرتها الهائلة على تشخيص كل عمل غنائي تقدمه.

وأضافت: “صوت شادية رخيم ممتلئ في الدرجات المنخفضة، ورنان في الدرجات الوسطى، ولامع في المنطقة الحادة، ويصل إلى حد التطابق التام مع صوت الآلة الموسيقية، ويُصنف بأنه من الأصوات الحادة (السوبرانو الشاعري)”.

أميرة حاولت مقابلة النجمة الكبيرة قبل رحيلها في نوفمبر 2017، لكنها لم تتمكن من ذلك، وتطلب البحث العملي إجراء حصر لأعمال شادية الغنائية وأفلامها السينمائية من خلال مراجع ومواد أرشيفية كثيرة، وهو جهد كبير استغرقت فيه الباحثة نحو أربع سنوات للانتهاء من إعداد بحثها الذي تقول إنه “يفيد دارسي الغناء العربي في كليات التربية النوعية والمعاهد الموسيقية، كما يفيد في مجال تعلُم الغناء”، مؤكدة أن ثمة تقنيات في الغناء العربي يجب توافرها في أي مطرب أو مطربة مثل الحليات، والزخارف، والتنفس، والتكنيك، والمساحة الصوتية، والتعبير الغنائي، ومخارج الحروف.

وانتهى البحث إلى حزمة توصيات، أهمها ضرورة الاستفادة من أعمال شادية الغنائية في مقررات الموسيقى العربية مثل الصولفيج والتحلي، وضرورة دراسة خصائص وسمات أسلوب شادية في أداء الأغاني الوطنية والعاطفية والوصفية والاجتماعية، واستنباط تدريبات صوتية من ألحان أغنياتها كمحاولة لتذليل الصعوبات التي تواجه طلاب الغناء في الكليات المتخصصة.

أميرة أكدت أنها عاشقة للغناء، وتتمنى الانضمام إلى فرقة الموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية، لافتة إلى الحاجة الملحة لوجود مراجع عديدة عن كبار المطربين الذين يمثلون تراث بلادنا الغنائي، لكون “الأغنية هي المعيار الحقيقي لسمو الأخلاق، ووسيلة لتهذيب النفس، والأمم تُعرف من خلال الغناء، فهو مرآة لكل عصر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى