رفع الفائدة يضع المستثمرين بين نيران الركود العنيف وتآكل أرباح الشركات
كشف تقرير حديث عن أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع بالفعل أسعار الفائدة مرة واحدة هذا العام، ومن المرجح أن يستمر في رفعها لبقية عام 2022. وقد تجاهل المستثمرون إلى حد كبير عدداً من المخاوف بشأن معدلات أعلى، على أمل أن تؤدي الزيادات إلى تخفيف ضغوط التضخم من دون إبطاء الاقتصاد أيضاً كثيراً
ومن المؤكد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان يرسل تلغرافاً عن تحركاته أخيراً، وفي الوقت نفسه، لا أحد يستطيع أن يتهم رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بالتكتم أو التحدث بشيفرة كما فعل رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق آلان غرينسبان. لهذا السبب، يتوقع المستثمرون في الوقت الحالي، وعلى نطاق واسع، قيام البنك المركزي الأميركي برفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة في الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في مايو (أيار)
وقال دين سميث، كبير المحللين الاستراتيجيين في “فوليو بيوند”، وهي شركة استثمارية تدير صندوق “إي تي أف” للمعدلات الصاعدة، “يقول باول كل الأجزاء الهادئة بصوت عالٍ”، ويستثمر الصندوق بشكل أساس في النقد والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري وسندات الخزانة كوسيلة للتحوط من مخاوف التضخم. ورجح أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مرتين هذا العام. وأضاف، “التضخم لا ينخفض من تلقاء نفسه، عليك أن تقضي عليه، إنه لا يموت لأسباب طبيعية”
ركود اقتصادي وتآكل أرباح الشركات
في خطاب ألقاه رئيس البنك المركزي الأميركي، في وقت سابق من هذا الشهر، قال إنه يأمل أن يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من تحقيق هبوط “هادئ” برفع أسعار الفائدة، ما يعني أنه لا يريد أن تؤدي المعدلات الأعلى إلى تباطؤ حاد في النمو، أو ركود، لكن التاريخ يظهر أن ذلك يمكن أن يكون صعباً. ويقول سميث، “لا يزال من الممكن أن تؤلمك لكمة ناعمة في الوجه، لن يكون هذا ممتعاً، إن السبيل لكسر التضخم، للأفضل أو للأسوأ، هو التسبب في ركود، ونأمل أن يكون ذلك ركوداً معتدلاً”. وقد لا تتسبب أسعار الفائدة المرتفعة في حدوث انكماش اقتصادي فقط، فمن المحتمل أن يؤدي إلى تراجع في نمو الأرباح أيضاً، وقد يكون هذا أمراً سيئاً بالنسبة للمستثمرين الذين اعتادوا أسعار الفائدة عند الصفر، وكل ذلك يشير إلى تآكل أرباحهم، سواء بسبب الفائدة المرتفعة أو الخسائر التي تتكبدها الأسواق في ظل استمرار حال الضبابية التي تسيطر على الأسواق في الوقت الحالي
وقال مارك يوسكو، الرئيس التنفيذي ومدير الاستثمار في “مورغان كريك كابيتال مانجمنت”، “ما عرقل سوق الأسهم خلال السنوات القليلة الماضية هو التحفيز النقدي. توقف بالكامل”، ويجب أن يدفع تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي معدلات الرهن العقاري، التي بدأت بالفعل في الارتفاع، إلى أعلى، وقد يكون ذلك مشكلة لسوق الإسكان المحموم
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعادةً ما تكون هناك فترة تأخر لبضعة أشهر بين الوقت الذي يرفع فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي المعدلات، وعندما يبدأ في إلحاق الضرر بالمستهلكين. وتقول غابرييلا سانتوس، محللة السوق العالمية في “جي بي مورغان أسيت مانجنمنت”، إن سوق الإسكان يمكن أن تتباطأ حقاً في الجزء الأخير من عام 2023، ومع وضع كل ذلك في الاعتبار، فإن هناك مخاوف متزايدة بشأن الركود التضخمي، ومزيج من ركود النمو وارتفاع التضخم
رفع الفائدة ليس كافياً لترويض التضخم المرتفع
في الوقت نفسه، يشعر البعض بالقلق من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يستطيع فعل الكثير حتى ولو ظل يرفع في أسعار الفائدة، وهو ما يرجع بشكل مباشر إلى استمرار الضغوط الناجمة عن الحرب الأوكرانية، ما يتسبب في استمرار ارتفاع أسعار النفط والسلع الأخرى، في ظل استمرار اضطرابات سلسلة التوريد من الوباء، بحسب ما أكد واين ويكر، رئيس الاستثمار في “ميشن سكوير ريتيرمنت”، لكنّ هناك آخرين يأملون أن يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من التعامل مع الحبل المشدود الدقيق والبدء في إبطاء ضغوط التضخم من دون سحق طلب المستهلكين. ويقول أندرو هيزينجر، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “كيوانت داتا”، “ما يفعله الاحتياطي الفيدرالي هو الأفضل بالنسبة للاقتصاد”. وأضاف، “قد يستغرق الأمر عاماً حتى تؤثر رفع أسعار الفائدة على السوق، إذا لم يكن بنك الاحتياطي الفيدرالي شديد العدوانية، فقد يكون هناك رد فعل إيجابي لارتفاع أسعار الفائدة”. وتابع، “إذا لم تكن هناك صدمة ورهبة من الاحتياطي الفيدرالي، فيمكن أن يتمتع الاقتصاد بنمو مستدام”
في المقابل، فإن سوق العمل نقطة مضيئة للاقتصاد، وقد تعتمد قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي المستقبلية بشأن معدل الفائدة إلى حد كبير على ما يحدث في سوق العمل، وتباطؤ نمو الأجور، وهو المحرك الرئيس للتضخم، في فبراير (شباط) الماضي، على الرغم من أن الاقتصاد أضاف نحو 678 ألف وظيفة وهو رقم أفضل من المتوقع وانخفض معدل البطالة إلى 3.8 في المئة
قصة مماثلة
ويرغب المستثمرون والاقتصاديون في رؤية قصة مماثلة عندما تعلن الحكومة عن أرقام الوظائف لشهر مارس (آذار) الحالي، يوم الجمعة. وتتوقع “وول ستريت” أن يتباطأ نمو جداول الرواتب قليلاً، مع توقعات بازدياد قوة العمل بمقدار 488 ألف وظيفة، ومن المتوقع أن ينخفض معدل البطالة إلى مستوى 3.7 في المئة
وطالما أن سوق العمل لا تزال قوية، يجادل الخبراء بأن الاقتصاد يجب أن يستمر في نشر نمو مطرد، حتى أثناء رفع الاحتياطي الفيدرالي المعدلات. وفي مذكرة بحثية حديثة، تقول ليندا دوسيل، كبيرة محللي الأسهم في “فيدريتد ميرميس”، “حتى يكون هناك ركود تضخمي، يحتاج الاقتصاد في البداية إلى أن يدخل في ركود، وفي الوقت الحالي، هناك القليل من الأدلة على ذلك”