( جنوبيون ) يحاصرون الحكومة اليمنية في عدن
دخل محتجون غاضبون قصر معاشيق الرئاسي في العاصمة اليمنية المؤقتة وحاصروا وزراء داخله احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، في حين حذر مسؤول استخباراتي من أن المعارك الشرسة حول مدينة مأرب بين قوات الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين تسمح لتنظيم “القاعدة” بالعمل على رص صفوفه وتجنيد عناصر جديدة.
غداة دعوة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المنظمات الدولية للانتقال إلى العاصمة المؤقتة للعمل منها، اقتحم متظاهرون غاضبون البوابة الأولى لقصر معاشيق الرئاسي، مقرِ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في مدينة عدن.
وحاصر المتظاهرون رئيس الوزراء معين عبدالملك وبعض الوزراء داخل مقر سكنهم في القصر الرئاسي بالعاصمة المؤقتة.
وذكرت مصادر أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن أغلب وزراء الحكومة لم يكونوا داخل القصر إبان اقتحام المتظاهرين له، بل كانوا في مقرّات عملهم.
وأظهرت صور بُثت على “فيسبوك” تجوّل متظاهرين داخل القصر، وكان لافتاً أن عدداً منهم كانوا يحملون شعارات “المجلس الانتقالي الجنوبي”، المشارك بحكومة هادي وفقاً لـ “اتفاق الرياض”، وقد خلا المكان من قوات الحراسة والأمن.
عمل مدبّر
ونقلت وكالة “الأناضول” عن مسؤول يمني أن اقتحام معاشيق “عمل مسلح تمّ التخطيط له”، بينما وصل مدير أمن عدن اللواء مطهر الشعيبي إلى القصر ونجح في إقناع مئات المتظاهرين بالخروج منه.
وكان متظاهرون من عدن ومحافظات جنوبية أخرى تجمعوا في الأيام القليلة الماضية في ساحة البنوك وسط المدينة، واتجهوا نحو القصر الرئاسي، احتجاجاً على ما سموه سياسة الحكومة تجاه تردّي الخدمات وارتفاع الأسعار وتدهور سعر صرف العملة المحلية.
وجاءت الاحتجاج استجابة لدعوة الهيئة العسكرية العليا للجيش، من أجل الاحتجاج على انقطاع مرتبات العسكريين وقوات الأمن منذ 9 أشهر.
يشار إلى أن العاصمة اليمنية المؤقتة عدن تشهد منذ أسابيع احتجاجات متكررة على تدهور الخدمات والأوضاع المعيشية، تطالب الحكومة بسرعة العمل على حلها، وهي الحكومة التي شكلت في 18 ديسمبر الماضي، مناصفة بين الشمال والجنوب، وحاز المجلس الانتقالي الجنوبي 5 حقائب فيها من أصل 24.
وقبل أحداث أغسطس 2019 وسيطرة المجلس الانتقالي على عدن، كانت قوات الحماية الرئاسية هي التي تتولى حماية معاشيق، لكن عقب عودة الحكومة اليمنية قبل بضعة أسابيع، تولت قوات من المجلس الانتقالي حماية القصر.
ويأتي توتر الأوضاع بعدن بالتزامن مع احتدام المعارك بين القوات الموالية لحكومة هادي وقوات حركة “أنصار الله” الحوثية المتمردة المسيطرة على العاصمة صنعاء بشمال البلاد، رغم تكثيف الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية بهدف إنهاء الأزمة اليمنية.
وأفشلت قوات الجيش اليمني مسنودة بالمقاومة الشعبية هجوماً للميليشيات الحوثية المتحالفة مع إيران في جبهة الكسارة غرب محافظة مأرب، وأجبرتها على التراجع والفرار بعد تكبيدها قتلى وجرحى في صفوفها فجر أمس.
كما استهدفت مقاتلات “تحالف دعم الشرعية”، بقيادة السعودية، تعزيزات للمتمردين الحوثيين في الجبهة ذاتها، مما أسفر عن تدمير 4 عربات ومصرع وجرح من كان على متنها، كما استهدفت الغارات مواقع وتجمعات للميليشيات في جبهتي المخدرة والمشجح بالمحافظة. ودمرت مقاتلات “التحالف” قاذفة صواريخ، وتعزيزات تابعة للميليشيا كانت قادمة من العاصمة صنعاء باتجاه محافظة مأرب آخر معاقل الحكومة المعترف بها دوليا في الشمال.
وكثفت ميليشيا الحوثي أخيرا هجماتها على مدينة مأرب، وسط تنديد دولي بهذه الهجمات، التي تشكل تهديدا كبيرا لحياة المدنيين.
وعلى جبهة حجة استهدفت مقاتلات “التحالف” عربات مدفعية ومضادات طائرات. وأفادت مصادر أمنية وطبية بارتفاع عدد قتلى الحوثيين في حجة إلى 100.
استهداف السعودية
في السياق، ذكر “تحالف دعم الشرعية” أن الحوثيين أطلقوا صاروخين بالستيين صوب مدينة خميس مشيط السعودية. وقال التحالف، مساء أمس الأول، إنّ الصاروخين سقطا في منطقتين حدوديتين غير مأهولتين.
وأعلن تلفزيون “الإخبارية” السعودي، في وقت لاحق، أن “التحالف” دمّر مخبأً محصناً للصواريخ البالستية ومنصات إطلاق في صعدة، التي قال إنّ الصواريخ أطلقت منها.
وفي وقت مبكر أمس، قال “التحالف” إنه اعترض طائرة مسيّرة ملغومة أطلقت باتجاه خميس مشيط.
ويتزامن التصعيد العسكري مع تحركات دولية لوقف إطلاق النار في اليمن، على الرغم من التصلب الحوثي الأخير في رفض الخطة الأميركية التي قدمها المبعوث تيموثي ليندركينغ، وتضمنت مقترحات إنسانية واقتصادية لبناء الثقة قبل الدخول في عملية سياسية.
من جانب آخر، أكد مسؤول في أجهزة الاستخبارات الحكومية أن المعركة الشرسة حول مدينة مأرب، عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه والتي اندلعت فبراير الماضي، بدأت تخلق فراغاً أمنياً يستغله الجهاديون الساعون إلى استعادة نفوذ وتجنيد المزيد من المقاتلين لمصلحة “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”.
وقال المسؤول الاستخباراتي إنّ “قاعدة اليمن اتخذ من محافظة مأرب أبرز معاقله خلال السنوات الأخيرة”. وفي حين يتكبّد الطرفان الرئيسيان المتقاتلان في حرب اليمن المستمرة منذ ست سنوات، خسائر فادحة في معركة مدينة مأرب، فإن التنظيم المتطرف “يستفيد من الفوضى والحرب ليتمدد ويتحرك بحرية” في مناطق أخرى من المحافظة الغنية بالنفط.
وتابع أن عناصر “القاعدة” يعودون “إلى تدريب مقاتلين، ويخططون لإعادة بناء العلاقات” مع القبائل، ويسعون للحصول على “دعم مالي” محلياً.
ومنذ نشأته قبل 12 سنة، اعتُبر “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” الأكثر فتكاً في شبكة الجماعة المتطرفة على مستوى العالم، إلا أنّه عانى في السنوات الثلاث الماضية من هزائم متعدّدة فخسر أراضي ومقاتلين، بينما يلف الغموض مصير قياداته. في سياق منفصل، اتّهمت منظمة “هيومن رايتش ووتش” الحقوقية الحوثيين بإطلاق “مقذوفات مجهولة” على مركز احتجاز لمهاجرين أفارقة في صنعاء خلال تظاهرة للمطالبة بتحسين ظروف اقامتهم، مما تسبب في وفاة عشرات منهم.
ونشرت المنظمة روايات مروعة نقلا عن ناجين تحدثوا عن التعرض للضرب والشتم ومشاهدة عشرات الجثث المتفحمة في الغرفة التي سجنوا فيها قبل اندلاع الحريق عقاباً لهم على احتجاجهم.