«تطورات إيجابية» بين مصر وقطر
في مشهد يكرس طي القاهرة والدوحة ملف الخلافات العلنية، ناقش وزيرا الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في القاهرة أمس ، ملف العلاقات الثنائية في وقت تشهد المنطقة العربية الكثير من التحولات العميقة، واتفقا على تنفيذ الالتزامات المتعلقة ببيان «قمة العُلا» السعودية يناير الماضي، التي أنهت المقاطعة الخليجية المصرية لدولة قطر.
واستقبل شكري نظيره القطري في مقر وزارة الخارجية بميدان التحرير، لإجراء مباحثات مشتركة، وتعد هذه الزيارة الرسمية الأولى للمسؤول القطري الرفيع إلى القاهرة، منذ قمة العلا مطلع العام الحالي، وسبق أن زار بن عبدالرحمن القاهرة مطلع مارس الماضي، للمشاركة في أعمال القمة العربية على مستوى وزراء الخارجية.
المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ، صرح بأن اللقاء استهدف مناقشة ما شهدته أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين من تطور إيجابي في أعقاب التوقيع على بيان العُلا، وأهمية البناء على تلك الخطوة المهمة عبر اتخاذ مزيد من الإجراءات والتدابير التي تهدف إلى تعزيز الأجواء الإيجابية خلال الفترة المقبلة، فضلاً عن أهمية العمل على الاستفادة من الفرص الاقتصادية والاستثمارية الكبيرة المتاحة بالبلدين.
واختتمت في القاهرة، أمس، جولة جديدة من اجتماعات اللجنة القانونية ولجنة المتابعة المصرية القطرية المعنية بمتابعة التزامات البلدين في إطار بيان العلا، إذ واصل الوفدان بحث المسائل العالقة والاتفاق على دورية انعقاد اللجنتين لحين الانتهاء من كافة القضايا العالقة تنفيذاً لما تضمنه بيان العلا.
وناقش شكري مع بن عبدالرحمن، سبل دفع آليات العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات التي يشهدها المحيط العربي والإقليمي، فضلاً عن مناقشة مواقف البلدين إزاء أهم القضايا الإقليمية بما في ذلك التطورات في طاع غزة، وملف سد النهضة الإثيوبي، إذ سبق وأن أعلن الوزير القطري، خلال زيارته للخرطوم، أمس الأول، عن دعم بلاده للسودان في قضيتي سد النهضة والتوترات الحدودية مع إثيوبيا.
وعشية انطلاق التدريب العسكري المصري ـ السوداني اليوم الأربعاء، قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، إن بلاده تتابع التطورات في السودان والتدريبات العسكرية مع مصر، وأضاف: «من حق الدولتين إجراء تدريبات عسكرية… لدينا قوات مسلحة قوية وقادرة على حفظ أمن وسيادة إثيوبيا وردع أي عدوان خارجي»، وجدد موقف بلاده بالبدء في الملء الثاني لخزان سد النهضة يوليو المقبل، والتمسك بقيادة الاتحاد الإفريقي لمفاوضات سد النهضة.
اتصال ثان
ولم يغب ملف سد النهضة عن الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والمصري عبدالفتاح السيسي، أمس الأول، وهو الثاني في أقل من أسبوع، إذ رحب الرئيس المصري بالجهود الأميركية المتواصلة في هذا الصدد، وأكد تمسك مصر بحقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني منصف وملزم بضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد.
وأوضح الرئيس الأميركي تفهم بلاده الكامل للأهمية القصوى لتلك القضية للشعب المصري، وأشار إلى عزمه بذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائي لمصر.
واتصل بايدن بالسيسي لمناقشة عدد من تطورات القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها ملف القضية الفلسطينية والجهود الدولية الرامية لإعادة إعمار غزة.
كما تناول الاتصال بحسب بيان الرئاسة المصرية، آخر مستجدات القضية الليبية، وعبر الرئيس الأميركي عن قيمة الشراكة مع مصر، في ضوء دور الأخيرة المحوري إقليمياً ودولياً، وجهودها السياسية الفعالة في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة وتسوية أزماتها.
وبدا أن المصالح الإقليمية فرضت إيقاعها على ملف حقوق الإنسان، إذ بحث الرئيسيان ملف حقوق الإنسان، و«تم التأكيد على الالتزام بالانخراط في حوار شفاف بين مصر والولايات المتحدة في هذا الصدد»، بينما أشاد الرئيس السيسي بنظيره الأميركي وكتب على صفحته على «فيسبوك»: «أؤكد أن الرئيس بايدن يتمتع برؤية ثاقبة وخبرة متميزة تتسم بالواقعية في جميع الملفات… وأجد أنه قادر بحنكته وخبرته أن يصنع حلولاً جذرية لكل المشاكل والتحديات التي تحيط بالعالم».
وقال الخبير الأمني المصري سمير راغب، إن طرح اسم الولايات المتحدة كوسيط للحل في أزمة النهضة سيكون «محرجا لإثيوبيا في حال رفضه»، مشيراً إلى أن أميركا من الدول المانحة لأديس أبابا، وبينهما قضايا عالقة مثل ملف تيغراي. وعن كيفية استغلال القاهرة لتواصلها الأخير مع واشنطن لحل الأزمة مع إثيوبيا، يقول راغب، إنه في حال عدم وجود وساطة أميركية، فإن مصر على الأقل «ستضمن عدم وجود فيتو أميركي» في حال وصل ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي.
وذكر مصدر سوداني رفيع المستوى، أمس، أن إثيوبيا بدأت المرحلة الثانية من ملء سد النهضة في الأسبوع الأول من مايو.
وقـــــــال المســـؤول بــــوزارة الــــري السودانيـــة لـ «رويترز»: «إثيوبيا اتخذت عمليا قرار الملء. بدأت فعليا المرحلة الثانية لملء سد النهضة بحجز المياه منذ الأسبوع الأول في مايو، عبر العمل في تعلية جدار السد الأوسط، مما يعني حجز كميات من المياه، لكن نتوقع أن يكون معدل التخزين أعلى بالخريف في شهري يوليو وأغسطس».