أخبارإقتصاد

«الوطني»: الاقتصاد المصري على طريق التعافي من «كورونا».. بفضل الإصلاحات المستمرة

قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن مصر نجحت في إدارة أزمة جائحة فيروس كورونا بشكل جيد بفضل سياسات الإغلاق المبكر والتدابير الاحترازية التي اتبعتها إدارات الصحة العامة، فضلا عن تطبيق إجراءات مالية ونقدية مهمة.

وتضاف تلك الجهود إلى إجراءات الإصلاح الاقتصادي السابقة التي ساهمت في تحسين المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الكلي بصفة عامة وعززت من مرونة الاقتصاد الكلي، إلا انه في الآونة الأخيرة شهدت مصر زيادة عدد حالات الإصابة بالفيروس وتخطت الإصابات اليومية أكثر من 1000 حالة في يناير قبل أن تتراجع إلى 600 حالة في المتوسط في فبراير.

وفي إطار مساعي الحكومة المصرية لاحتواء الجائحة، بدأت حملة التلقيح ضد فيروس كورونا في 24 يناير عن طريق تطعيم العاملين في المجال الطبي في مستشفيات الحجر الصحي باستخدام لقاح سينوفارم الصيني، والتوسع قريبا في استخدام لقاح استرازينكا البريطاني ولقاح سبوتنيك الروسي.

النمو الاقتصادي 

ساهمت الإصلاحات الاقتصادية الجادة التي بدأت منذ 2017 في تعزيز مرونة الاقتصاد وجعله أكثر قدرة على مواجهة الصدمات، وكانت مصر احدى الدول القليلة التي تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي في عام 2020، إذ وصل معدل النمو إلى 3.6% في السنة المالية 2019/2020 (يوليو – يونيو) مقابل 5.6% في العام السابق. 

وكشفت أحدث البيانات عن استمرار وتيرة الانتعاش في الربع الثالث من عام 2020 (الربع الأول من السنة المالية 2020/2021)، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7% على أساس سنوي مقابل انكماش بنسبة 1.7% في الربع السابق وسط تخفيف قيود الإغلاق وعودة فتح الأنشطة الاقتصادية تدريجيا، كما ساهمت السياسات المالية والنقدية التيسيرية ومواصلة الجهود الإصلاحية في إحراز هذا التقدم. 

كما أظهر أداء مؤشر مديري المشتريات، والذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، علامات تدريجية على الانتعاش. واتخذ المؤشر الكلي اتجاها تصاعديا، إذ بلغ في المتوسط 50.2 في الربع الرابع من عام 2020 بعد تسجيله 49.8 و38.3 في الربع الثالث من 2020 والربع الثاني من عام 2020، مما قد يشير إلى زيادة احتمال نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من عام 2020.

وتشير توقعاتنا إلى تحسن الأداء الاقتصادي في الفترات القادمة على أمل تحقيق تقدم مستدام في حملة التطعيم وتسارع وتيرة انتعاش الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن يصل النمو إلى حوالي 2.8% في السنة المالية 2020/2021، وأن ينتعش بقوة إلى حوالي 5% على المدى المتوسط على خلفية الاستفادة من التزام السلطات بالإصلاحات واستمرار دعم صندوق النقد الدولي. 

إلا ان آفاق النمو الاقتصادي مازالت غير مؤكدة، وذلك نظرا للزيادة المستمرة في حالات الإصابة بفيروس كورونا وإمكانية تفشي السلالات المتحورة الجديدة، مما قد يؤدي إلى إعادة فرض إجراءات الإغلاق والتأثير سلبا على النمو الاقتصادي في مصر والعالم.

الأداء المالي 

واصلت الحكومة جهودها لمعالجة عجز الميزانية من خلال تطبيق مجموعة من التدابير المالية بما في ذلك إعادة هيكلة وتحديث الأنظمة الضريبية وإصلاح الدعوم. وعلى الرغم من تفشي الجائحة، إلا ان مستوى العجز بلغ 4.4% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية الحالية 2020/ 2021 (يوليو – يناير) مقابل 4.6% في الفترة المماثلة من العام الماضي. 

ويعود الفضل في ذلك لتحسن الإيرادات (نمو بنسبة 16% على أساس سنوي)، الأمر الذي ساهم في تعويض زيادة النفقات (12.4%) بسبب النفقات اللازمة للتعامل مع الجائحة وتخفيف حدة تداعياتها، مما أدى إلى تحقيق فائض أولي بقيمة 1.2 مليار دولار (حوالي 0.5% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي).

وتتوقع الحكومة أن ينكمش عجز الميزانية من 7.9% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2019/2020 إلى 6.3% في السنة المالية الحالية فيما يعزى جزئيا إلى انخفاض تكاليف خدمة الدين في ظل الجهود الحكومية التي قامت بتمديد آجال استحقاق الديون للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة. 

ومن المقرر أن يتم تمويل العجز المتوقع محليا من خلال أذون وسندات الخزانة بالجنيه المصري، وكذلك الاقتراض الخارجي مع الاستفادة من بيئة أسعار الفائدة العالمية المنخفضة.

الإصلاحات الاقتصادية.. تدعم استقرار الاقتصاد الكلي

قال تقرير «الوطني» ان الإصلاحات الاقتصادية أدت إلى استقرار الاقتصاد الكلي واتخاذ التضخم لاتجاه هبوطي، والذي ساهم مؤخرا في دعمه وضع الحكومة لعدد من التدابير المحددة التي تهدف إلى تجنب نقص المواد الغذائية. وبلغ معدل التضخم في الحضر 4.3% على أساس سنوي في يناير 2021 فيما يعزى بصفة رئيسية لانخفاض أسعار المواد الغذائية والمشروبات المحلية، ويعد هذا المعدل أقل من المستوى الجديد المستهدف من قبل البنك المركزي للربع الرابع من عام 2022 والبالغ 7% (± 2%). 

كما تباطأ معدل التضخم الأساسي إلى 3.6% على أساس سنوي مقابل 3.8% في ديسمبر. وخلال الأشهر المقبلة، قد يرتفع معدل التضخم في ضوء الارتفاع الأخير في أسعار السلع والطاقة وإمكانية تزايد الطلب مع انتعاش النشاط الاقتصادي. إلا أننا نتوقع أن يظل معدل التضخم تحت السيطرة بصفة عامة في ظل مواصلة السلطات للجهود الإصلاحية وما دامت الأسس الاقتصادية هي التي تتحكم في استقرار سعر الصرف.

القطاع المصرفي يستفيد من تحسن نمو الائتمان

أشار التقرير إلى أن القطاع المصرفي حافظ على أداء جيد في ظل النمو الائتماني القوي، إذ قدمت السلطات حزمة من التدابير اللازمة لمساعدة المقترضين المتضررين بشدة. وفي واقع الأمر، ظلت نسبة القروض المتعثرة منخفضة، إذ بلغت 3.4% في الربع الثالث من عام 2020 (مقابل 3.9% و4.1% في الربعين الثاني والأول من عام 2020 على التوالي)، في حين ارتفع عرض النقد بمفهومة الواسع (ن2) بنسبة 19.7% على أساس سنوي في ديسمبر 2020.

كما تسارعت وتيرة نمو الائتمان المحلي بقوة إلى 23% في ديسمبر 2020 مقابل 7.6% في العام السابق، وذلك بفضل انخفاض أسعار الفائدة، وبصفة خاصة، الإجراءات الحكومية التي ساهمت في تشجيع الإقراض، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة ومؤسسات التمويل الأصغر.

مواصلة الإصلاحات.. ضروري للحفاظ على النمو القوي

ذكر تقرير «الوطني» ان مصر حققت أداء جيدا في 2020 مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى في ظل مضي الإصلاحات بخطى حثيثة وبدعم من المجتمع الدولي. وعلى المدى القريب، تتمثل المخاطر المحيطة بآفاق النمو بصفة رئيسية في حالة عدم اليقين التي تحيط بانتعاش النمو العالمي ونجاح حملة التطعيم. وقد يؤدي الارتفاع الأخير في حالات الإصابة بالفيروس، بما في ذلك السلالات المتحورة الجديدة، وفرض إجراءات إغلاق جديدة إلى التأثير سلبا على النشاط الاقتصادي.

أما على المدى البعيد، فمن المتوقع أن يظل أداء الاقتصاد المصري قويا طالما ظلت السلطات ملتزمة بالمضي قدما في الإصلاحات، على الرغم من استمرار بعض المخاطر. وفي ظل استقرار أوضاع الاقتصاد الكلي، يتطلب الوصول إلى مستوى أفضل من النمو الاقتصادي المستدام التركيز على التحديات الهيكلية للبلاد. كما يجب على القطاع الخاص لعب دورا أكبر في دفع عجلة النمو، والحد من الفقر، وخلق فرص عمل لعدد كبير من الشباب المصريين الذين يدخلون سوق العمل. 

وسوف يؤدي تحسين بيئة الاستثمارات امام القطاع الخاص المحلي والأجنبي إلى تقليل الاعتماد على رؤوس الأموال الأجنبية، التي إذا استمر الاعتماد عليها على المدى الطويل قد ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات لا يمكن تحملها، ويجعل الاقتصاد أكثر عرضة للصدمات الخارجية وتدفق رؤوس الأموال إلى الخارج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى