المرأة الجزائرية في يومها… مكاسب ومعاناة وآمال
تحيي المرأة الجزائرية عيدها العالمي على وقع تهاوي القدرة الشرائية، وتفشي الطلاق والخلع وبعض العنف، غير أن النجاحات المحققة على جميع المستويات الحقوقية والمهنية غطت على كل الإخفاقات والمشاكل
اهتمام رسمي بما تحقق
وكالعادة، لم يفوت الرئيس تبون المناسبة لتوجيه رسالة إلى المرأة الجزائرية، أكد خلالها تكريس الدستور المعدل في 2020، لحماية المرأة من كل أشكال العنف في كل الأماكن والظروف، في الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص، ومبدأ المناصفة بين الجنسين، في كل المجالات الوظيفية والانتخابية، في خطوة نوعية تعززت بها مكتسبات المرأة الجزائرية التي سجلت حضورها، وأثبتت جدارتها في تقلد المسؤوليات والمناصب العليا في الدولة
كما أكد رئيس البرلمان، إبراهيم بوغالي، أن المرأة الجزائرية تحتل المكانة التي تستحقها في الدولة والمجتمع، كونها حجر الأساس في بناء الجزائر الجديدة، مثمناً انخراطها في مسعى البناء والتعمير ومساهمتها في تحقيق الوثبة العملاقة بفضل ما تحقق ويتحقق في طريق البناء الديمقراطي
لا تزال تعيش التهميش على رغم النجاحات
أمام هذا الثناء الرسمي على ما تحققه النساء، تقول الناشطة السياسية، سلوى بن علي، إن المرأة الجزائرية لا تزال تعيش التهميش في مختلف مناحي الحياة، إضافة إلى العنف الذي باتت تواجهه عائلياً، معنوياً وجسدياً، ما يستدعي تشديد النصوص القانونية ومتابعة تطبيقها في الميدان من أجل وضع حد لهذه الظاهرة التي تؤرق المرأة في صمت
وأضافت أن الحقوق السياسية التي حققتها المرأة الجزائرية لم تعد كذلك في ظل تراجع حظوظها داخل الأحزاب والنقابات، على الرغم من المكانة التي أولتها التشريعات والدساتير والقوانين الجزائرية للمرأة لتسهيل ولوجها لعالم السياسة وتقلد مناصب المسؤولية
وتابعت بن علي أن تراجع وضع المرأة بالمجالس المنتخبة المحلية والتشريعية في الفترة الأخيرة، مرده اعتماد القائمة المفتوحة التي تتحكم فيها خيارات الناخبين وطبيعة المجتمع الذي ما يزال يهمش المرأة، مشددة على أن الأحزاب اغتنمت الفرصة وباتت لا تسهل تقلد المرأة المناصب السياسية
إرادة سياسية من أجل الأحسن
من جانبه، يرى أستاذ القانون العام، الحقوقي أبو الفضل بهلولي، أن الدستور الجزائري حمل في محتواه الإرادة السياسية القوية من خلال نصه على حماية المرأة وتوفير الحقوق والحريات عبر تطبيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، لا سيما في مجال المشاركة السياسية، إذ نص قانون الانتخابات على مبدأ المناصفة عوض المحاصصة، وهذا في إطار القانون العضوي للانتخابات بما يسمح للمرأة بالترشح والانتخاب على غرار الرجل، إلى جانب الإطار التشريعي الذي فتح المجال للمرأة لتقلد مناصب عليا في الدولة، إلى جانب الحماية الاجتماعية من جميع أشكال العنف
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هناك بعض المعاناة “الصامتة” التي لا تزال مستمرة في كثير من المجالات، ويشير بهلولي إلى ظاهرة التحرش في مكان العمل الذي يصعب من الناحية العملية إثباته، مقابل ضعف الثقافة القانونية لدى المرأة العاملة المعنية، داعياً إلى إعادة النظر في إجرائية مثل هذه الجرائم، ومراجعة قانون الأسرة وفتح نقاش واسع حول القواعد القانونية التي هي محل غموض ولم تحقق أهدافها داخل المجتمع، وغيرها من الخطوات
العنف والطلاق والخلع… والعنوسة
في السياق ذاته، عالجت مصالح الأمن نحو ثمانية آلاف قضية تتعلق بالعنف ضد المرأة والبنات خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الماضية، حيث إنه من إجمالي الحالات التي تم إحصاؤها هناك 51 في المئة من الأعمال لها علاقة بالإهانة والتهديد، و38 في المئة اعتداءات جسدية، وأربعة في المئة تتعلق بالمساس بالحياة الشخصية للضحايا، في حين أن اثنين في المئة تخص اختطاف البنات، إضافة إلى تعرض اثنين في المئة لأفعال غير أخلاقية، وتحريض اثنين في المئة على أفعال جنسية، بينما تعرض واحد في المئة منهن للتحرش الجنسي. وعلى الرغم من هذه الأرقام فإن هناك “استقراراً طفيفاً” في أعمال العنف ضد المرأة بحسب الجهات المعنية
في حين بلغت أرقام الطلاق والخلع مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث تجاوزت الحالات عشرة آلاف حالة خلع، مقابل 44 ألف حالة طلاق في ستة أشهر فقط من السنة الماضية، وكشفت وزارة العدل عن أن حالات الطلاق تعدت 100 ألف خلال سنة ونصف السنة، وفاقت حالات خلع الأزواج، وشددت على أن الخلع تحول إلى ظاهرة مستفحلة في المجتمع الجزائري كانت قبل سنوات من المحرمات، وحالاتها تعد على أصابع اليد
من جهة أخرى، أظهرت دراسة اجتماعية للباحثة في علم الاجتماع آمال بن عيسى، أن ديوان الإحصاءات يشير إلى أن 51 في المئة من نساء الجزائر اللواتي بلغن سن الإنجاب يواجهن خطر العنوسة، وأن هناك أربعة ملايين عانس تجاوزت أعمارهن سن الـ35، وأن التقديرات الإجمالية تكشف عن وجود نحو 12 مليون عانس
آمال كبيرة
وعلى الرغم من الأرقام السابقة وبالنظر إلى التعديل الدستوري الأخير، يرتقب أن تعرف وضعية المرأة الجزائرية تحسناً لافتاً على جميع المستويات، بخاصة الاجتماعية منها، وهذا ما أكده رئيس المجلس الجزائري لحقوق الإنسان، بوزيد لزهاري، الذي أبرز أن التعديل الدستوري أضاف حقوقاً مهمة للمرأة، لا سيما ما يتعلق بمحاربة العنف ضدها
وأوضح في بيان، أن “وضع قانون إطار يخصص لكل ما يتعلق بالعنف ضد المرأة بات ضرورة للقضاء على هذه الظاهرة المخالفة لمخزوننا الحضاري والديني والمجتمعي”