الغزاويون يحاولون استعادة حياتهم الطبيعية.. ومساعٍ دولية لتثبيت ( الهدنة )
بدت الهدنة التي اعلنت في قطاع غزه صامدة أمس، وبدأت الحياة تعود ببطء إلى وضع شبه طبيعي، فيما تنتظم المساعدات الإنسانية الطارئة والمناقشات الدبلوماسية الأولى حول إعادة إعمار القطاع الذي دمره 11 يوما من العدوان الإسرائيلي، تتواصل الجهود الدولية لتثبيت الهدنة التي بدأ سريانها فجر الجمعة.
وما زال رجال الإنقاذ يبحثون عن ناجين في الأنقاض بعدما انتشلوا الجمعة جثث 9 شهداء وعشرة ناجين من حطام المنازل وأنفاق تحت الأرض قصفها جيش الاحتلال.
وتسبب القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي على قطاع غزة باستشهاد قرابة 260 شخصا، بينهم نحو 70 طفلا و12 سيدة وفق السلطات الصحية الفرنسية.
وتلقى الصياد رامي أبو عميرة مكالمة هاتفية من خفر السواحل الفلسطيني تبلّغه بإمكانية العودة الى الصيد قبالة شاطئ غزة، وهي مهنة يعتاش منها كثيرون في القطاع الفقير المحاصر. وأوضح الصياد الذي كان يقوم بتحضير شباكه في ميناء غزة الصغير «سنذهب إلى البحر. ولكن ليس لمسافة بعيدة. نخاف أن تقوم البحرية الإسرائيلية بإطلاق النار علينا».
وقال لفرانس برس «كل شخص يقرّر إن كان سيخاطر بذلك أم لا. ولكن يجب أن نأكل».
وليلا خرجت عائلات من منازلها في غزة وتوجهت الى المقاهي المطلة على البحر لتدخين الشيشة والحصول على بعض الهواء النقي.
أما في حي الرمال في غزة، بالقرب من برج مؤلف من عشرة طوابق دمرته غارة إسرائيلية بشكل تام، فغطى الغبار المعروضات في المحلات التجارية.
وقال بائع الملابس بلال منصور (29 عاما) «هناك غبار في كل مكان. غبار القنابل الإسرائيلية الذي غطّى الملابس كليا. لن نتمكن من بيع هذه البضائع». وبالنسبة لأحمد الخطيب الذي دخل متجره للمرة الأولى منذ العاشر من مايو، تاريخ بدء التصعيد، تضاعفت الخسائر بسبب عدم البيع خلال موسم عيد الفطر.
وأضاف: «للأسف، فقدنا موسم العيد وفقدنا البضائع وكل شيء تدمر. حتى المحلات المجاورة لنا تضررت. نحمد الله أننا ما زلنا على قيد الحياة». ويبقى وقف إطلاق النار الذي أعلنه الطرفان مساء الخميس بعد رابع نزاع عسكري بينهما منذ 2008، هشا. ومنذ بدء سريانه، أعلن كل من الطرفين «انتصاره».
وقد تمكنت بعض قوافل من المساعدات الإنسانية الطارئة من دخول غزة أمس الأول، فيما يستمر تنظيم المزيد من المساعدات في عدة دول عربية وإسلامية.
سياسيا، ذكرت وسائل إعلام مصرية رسمية أن وفدين مصريين وصلا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية «لمراقبة» الالتزام بوقف إطلاق النار. وقالت وكالة وفا للأنباء، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبل أمس في مدينة رام الله، الوفد الأمني المصري. واطلع الوفد المصري، على تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
وجرى خلال اللقاء، بحث المستجدات المتعلقة بالتهدئة في قطاع غزة والقدس والضفة، وكذلك تنسيق الجهود الساعية لإعادة الإعمار في قطاع غزة، والموضوعات المتعلقة بترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، بحسب الوكالة.
وأعرب عباس عن شكره للرئيس السيسي، لما تبذله مصر الشقيقة من جهود لتهدئة الأوضاع وإعمار قطاع غزة، والعودة للمسار السياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن ارض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. ويشكل موضوع إعادة الإعمار في القطاع الذي تحكمه حماس أحد محاور الجهود الدبلوماسية الأميركية، إذ إن حماس مدرجة على لوائح المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض إنه يعتزم تأمين مساعدة مالية «كبيرة» بالتعاون مع الأسرة الدولية «لإعادة إعمار غزة»، لكن «من دون إعطاء حماس الفرصة لإعادة بناء نظام أسلحتها».
وجدّد بايدن التأكيد على ضرورة إيجاد حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي يشمل إقامة دولة فلسطينية إلى جانب الدولة العبرية.
وقال «إنه الحل الوحيد الممكن». وقدّر مسؤولون فلسطينيون تكاليف إعادة الإعمار بعشرات الملايين من الدولارات. وأثار الدمار مخاوف بشأن الوضع الإنساني في الجيب المكتظ بالسكان.
وقال خبراء اقتصاديون إن القتال ربما يحد من تعافي الاقتصاد الإسرائيلي من جائحة كوفيد-19. وقال مسعفون إن هجمات الصواريخ الفلسطينية قتلت 13 شخصا في إسرائيل، حيث تسببت الهجمات الصاروخية في حالة من الذعر في بعض التجمعات.
وقال مصدر مطلع أمس إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سيزور إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة يومي الأربعاء والخميس المقبلين على أمل ترسيخ وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه مصر بدعم أميركي. وأكد مسؤولون من حماس لرويترز ان أعضاء الوفد المصري يقوم منذ الجمعة بجولات مكوكية بين إسرائيل وغزة وأن المحادثات استمرت أمس. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية زيارة بلينكن، دون الإعلان عن جدولها، وقالت إنه «سيناقش جهود التعافي والعمل معا لبناء مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين».
وقال المصدر المطلع على خطة زيارة بلينكن إن الديبلوماسي الأميركي الكبير سيزور مصر والأردن وكذلك السلطة الفلسطينية التي يرأسها خصم حماس عباس.
ومن جهتها، قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس إن المرافق الصحية في غزة مهددة بخطر عدم القدرة على استيعاب آلاف الجرحى، ودعت إلى إرسال إمدادات صحية وطواقم طبية إلى غزة على الفور.