كشف وزير النفط ووزير التعليم العالي د ..محمد الفارس ، عن أن مؤسسة البترول الكويتية قامت بتسييل مبلغ 2.2 مليار دينار من المحفظة الاستثمارية خلال السنوات الأخيرة لمواجهة الأمور الطارئة والإيفاء بالتزاماتها تجاه الغير في الأوقات الحرجة، وقد وصل رصيد المحفظة الاستثمارية حتى 30 ديسمبر 2020 إلى 4.4 مليارات دينار، مشددا على أن الاحتفاظ برصيد المحفظة الاستثمارية المتبقي حاليا يعتبر ذا أهمية قصوى للمؤسسة خاصة في ضوء الظروف الحالية التي تمر بها الكويت ويشهدها العالم كله.
وقال الفارس في رده على سؤال برلماني للنائب د.حسن جوهر حصلت «الأنباء» على نسخة منه، إن مؤسسة البترول الكويتية ملتزمة بالقوانين الصادرة من مجلس الامة الموقر بشأن تسديد الارباح الى الدولة، وقامت بتسديد مبلغ 1.8 مليار دينار حتى يناير 2021، كما انها ملتزمة بسداد باقي الارباح المستحقة للدولة وذلك حسب السيولة المالية المتوافرة لديها وبما لا يؤثر على عملياتها وخططها ومشاريعها.
وذكر الفارس ان مؤسسة البترول تقوم حاليا باتخاذ الاجراءات اللازمة لاقتراض مبلغ مليار دولار من البنوك الخارجية العالمية وذلك كجزء من تنفيذ خطتها التمويلية التي سبق ان تمت الموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء، ويتعذر الافصاح عن تفاصيل خطة الاقتراض حاليا نظرا لسرية هذه المعلومات كونها تستخدم في عملية التفاوض مع الجهات المقرضة، أما بخصوص الاقتراض من البنوك المحلية فلا توجد خطة في الوقت الحالي للاقتراض المحلي.
وشدد الفارس على انه ليس لدى «مؤسسة البترول» أي صناديق استثمارية، إنما لدى المؤسسة محفظة استثمارية تتكون من سندات وأسهم وتدار من قبل مكتب الاستثمار الكويتي التابع للهيئة العامة للاستثمار، وقد تم انشاء هذه المحفظة نتيجة الفوائض المالية لدى المؤسسة الناتجة عن عملياتها خلال السنوات الماضية، حيث ارتأت المؤسسة آنذاك إنشاء محفظة مالية استثمارية بهدف استغلال الفوائض النقدية المتوافرة لديها لتحقيق عوائد تساهم في المحافظة على رأس المال العامل وتعظيم العائد عليه لحين استخدامها لتمويل المشاريع الرأسمالية المستقبلية للمؤسسة وشركاتها التابعة عند الحصول على الموافقات اللازمة عليها، وقد حققت هذه المحفظة عوائد مجدية على الاستثمار خلال السنوات السابقة، ويتم استخدام المحفظة لتوفير السيولة اللازمة للمؤسسة لتمويل عملياتها ومشاريعها وكوسيلة لسد العجوزات التي تعاني منها.
اقتراض «البترول»
وقال الفارس انه في أبريل 2019 حصلت مؤسسة البترول على موافقة مجلس الوزراء على طلبها باقتراض مبلغ 16 مليار دينار بحد أقصى خلال الخمس سنوات القادمة، إلا أن المؤسسة بعد ذلك قامت بتحديث برنامجها الرأسمالي الاستثماري وخطتها التمويلية الخمسية، وتم تخفيض مبلغ الاقتراض إلى 12 مليار دينار، ومع المستجدات والمتغيرات الأخيرة في الاسواق العالمية والصناعة النفطية نتيجة جائحة كورونا وكذلك في ضوء قيام المؤسسة بإعادة ترتيب أولوياتها وتخفيض مصروفاتها الرأسمالية خلال الخمس سنوات القادمة وبالأخذ بالاعتبار التزامات المؤسسة نحو الدولة، تقوم المؤسسة في الوقت الحالي بمراجعة وتحديث خطتها التمويلية مرة أخرى.
وحول الاسباب الداعية إلى توجه «البترول» نحو الاقتراض قال الفارس ان المؤسسة تقوم بكافة الانشطة والعمليات النفطية داخل وخارج الكويت، ومنذ انشاؤها تقوم المؤسسة بتمويل انشطتها ومشاريعها الرأسمالية بشكل رئيسي من مواردها الذاتية، اضافة الى تمويل نشاط استكشاف وإنتاج النفط الخام والغاز داخل دولة الكويت المملوك للدولة، والذي تقوم المؤسسة بدور المشغل له بالنيابة عن الدولة، حيث تقوم المؤسسة بتحويل الايرادات النفطية الناتجة عن نشاط استكشاف وانتاج النفط الخام والغاز الى الدولة بعد خصم تكاليف الانتاج التشغيلية وهامش الربح المحدد للمؤسسة عن تسويق النفط الخام والغاز فقط، أما التكاليف الرأسمالية لهذا النشاط فإن المؤسسة تقوم بتمويلها من مواردها الذاتية التي يتم تحصيلها من الانشطة النفطية الأخرى وتسترد الأموال التي تستثمرها في تمويل مشاريع هذا النشاط من خلال قسط استهلاك سنوي وعلى مدى زمني طويل يصل إلى حوالي 25 عاما، علما بأن نسبة الانفاق الرأسمالي لهذا النشاط تمثل الأكبر من بين الأنشطة الأخرى التابعة للمؤسسة، ومنذ انشاء مؤسسة البترول الكويتية كان مصدر الموارد الذاتية لتمويل عمليات ومشاريع القطاع هو رأسمالها واحتفاظها بأرباحها في بعض السنوات وتوريدها إلى الدولة في سنوات أخرى في ضوء قرارات صادرة من المجلس الأعلى للبترول وقوانين من مجلس الأمة ونتيجة لتفهم السلطتين لطبيعة عمل المؤسسة والنظام المالي لها.
توريد الأرباح
وتابع الفارس: «إلا انه في السنوات الاخيرة تم صدور قوانين بتوريد ارباح المؤسسة الى الدولة مخالفا لما تم اقراره في المجلس الأعلى للبترول بشأن احتفاظ المؤسسة بأرباحها السنوية ودون مراعاة للوضع المالي للمؤسسة والمهام المناط لها من قبل الدولة وحاجتها الى تمويل مشاريعها وخططها النفطية ومنها نشاط الاستكشاف والإنتاج داخل دولة الكويت، حيث صدرت بعض هذه القوانين بعد 5 و6 سنوات من اعتماد الحساب الختامي لها من المجلس الأعلى للبترول، ونتيجة للقوانين الأخيرة الصادرة من مجلس الأمة بتوريد ارباح مؤسسة البترول الكويتية الى الدولة أصبح لدى المؤسسة في فترة قصيرة التزام بسداد 9.5 مليارات دينار من ارباحها الى الدولة، وذلك بعد قيام المؤسسة باستغلال هذه الاموال في تنفيذ مشاريعها وعملياتها، حيث تم استثمار هذه الارباح في حينها وتحولت الاموال المستثمرة الى أصول نفطية منتجة، وعليه ستقوم المؤسسة باستغلال تدفقاتها النقدية، الحالية والمستقبلية الناتجة عن العمليات في سداد هذه الالتزامات نحو الدولة».
وشدد الفارس على ان هناك تزايدا في حجم الانفاق الرأسمالي المطلوب لتنفيذ المشاريع الرأسمالية الاستراتيجية والتنموية للمؤسسة، وعلى الاخص الانفاق الرأسمالي المتعلق باستكشاف وإنتاج النفط الخام والغاز داخل الكويت المملوك للدولة، والذي يمثل ما يقارب 68% من حجم الاحتياجات الرأسمالية المطلوبة خلال الخمس سنوات القادمة، حيث تهدف هذه المشاريع الى رفع معدلات الطاقة الانتاجية للنفط الخام والغاز الطبيعي بالاضافة الى المحافظة على رفع معدلات الطاقة الإنتاجية للنفط الخام والغاز الطبيعي، بالاضافة الى المحافظة على معدلات الإنتاج الحالية، والتوسع في الطاقة التكريرية والبتروكيماويات داخل الكويت وخارجها، وبالتالي تنمية الموارد النفطية الكويتية وتعظيم الايرادات النفطية للدولة والمؤسسة.
وتابع الفارس قائلا: «وعليه، فقد أصبحت موارد المؤسسة المالية الذاتية شحيحة وغير كافية لتمويل عمليات ومشاريع القطاع، حيث ان اغلب التدفقات النقدية الناتجة عن تلك العمليات سيتم توجيهها لسداد التزاماتها نحو الدولة، ولن تتبقى لدى المؤسسة الاموال الكافية للصرف على اعمالها ومشاريعها الاستراتيجية، والتي يجب ان تستمر وتنفذ حسب الخطط الموضوعة لضمان استمرارية وديمومة توريد الايرادات للدولة. لذا، لجأت المؤسسة وشركاتها التابعة الى الاقتراض لتمويل بعض مشاريعها التنموية، ويعتبر الاقتراض اجراء معمولا به في كل الشركات النفطية الكبرى لتعظيم العوائد على مشاريعها ولتمويل التوسع في عملياتها التشغيلية».
وقال الفارس ان المؤسسة قامت باستثمار الاموال المحتجزة في تنفيذ مشاريعها وعملياتها، وتحولت تلك الاموال المستثمرة إلى أصول نفطية منتجة، ولم تعد تلك الاموال متاحة اليوم كنقدية يمكن الاستفادة منها للصرف أو تحويلها الى الخزانة العامة للدولة، حيث يتطلب ذلك القيام بتسييل أصول بما يعادل قيمة الارباح المطلوب سدادها ليتسنى للمؤسسة تحويل تلك المبالغ الى الدولة.
كما تجدر الاشارة الى أنه التزاما من المؤسسة بتنفيذ القوانين الصادرة من مجلس الأمة بشأن تسديد الارباح الى الدولة، فقد قامت المؤسسة بسداد 1.8 مليار دينار حتى يناير 2021، كما انها ملتزمة بسداد باقي الارباح المستحقة للدولة، وذلك حسب السيولة المتوافرة لديها وبما لا يؤثر على عملياتها وخططها ومشاريعها.
934 مليون دينار.. وفر في المصروفات التشغيلية
ذكر الفارس ان مؤسسة البترول وشركاتها التابعة تقوم وبشكل دوري ومستمر باتخاذ الاجراءات والمبادرات على المدى القصير والمتوسط المرتبطة بتقنين وترشيد المصروفات التشغيلية وتعظيم الايرادات وهناك لجنة عليا لتطبيق اجراءات تقنين وترشيد المصروفات وتعظيم الايرادات على مستوى المؤسسة وشركاتها التابعة منذ السنة المالية 2014/2015 والتي تقوم بالتنسيق والمتابعة مع فرق العمل التابعة لها لدى كل شركة بغرض ايجاد المبادرات الخاصة بتقنين وترشيد المصروفات دون التأثير على سير وسلامة عملياتها التشغيلية، حيث حققت المؤسسة وشركاتها التابعة وفر في المصروفات التشغيلية المجمعة الفعلية للسنة المالية 2019/2020 بمبلغ 934 مليون دينار مقارنة بالموازنة المعتمدة والمقدرة بمبلغ 3.9 مليارات دينار وبنسبة 23.5%.
تخفيض الصرف الرأسمالي بـ1.1 مليار دينار
أوضح د.محمد الفارس ان المؤسسة وشركاتها التابعة قامت بمواجهة التداعيات الاقتصادية اللازمة العالمية لجائحة (كوفيد-19) بعدة اجراءات تقشفية لتقنين وترشيد المصروفات وذلك بغرض تحسين نتائجها الفعلية والتي ترتب عليها تخفيض المصروفات بشكل كبير ومن تلك الاجراءات ما أصدره مجلس ادارة مؤسسة البترول الكويتية من قرارات بهذا الشأن حول الموازنة التشغيلية للسنة المالية 2020/2021، حيث تم توجيه الشركات التابعة باتخاذ اللازم نحو تنفيذها، وقد ترتب على أثر ذلك تخفيض اجمالي المصروفات التشغيلية المجمعة المقدرة للسنة المالية 2020/2021 بمبلغ 964.1 مليون دينار وبنسبة 21%، حيث بلغت حصة التخفيض للمصروفات المتعلقة بتكلفة انتاج البرميل مبلغ 647.6 مليون دينار وبنسبة 23%، كما تم تخفيض الصرف الرأسمالي بمبلغ 1.1 مليار دينار وبنسبة تصل الى 23%، وبمقارنة التخفيضات التي تمت على اجمالي مصروفات التشغيل للموازنة المعتمدة 2020/2021 مع الموازنة المعتمدة للسنة المالية 2019/2020، فإننا نجد إجمالي التخفيض قد بلغ 410.9 ملايين دينار وبنسبة تصل الى 10%.