قد ينظر البعض إلى العزف على آلة الكمان على أنه مجرد هواية، لكن الموسيقي الكويتي فيصل شاه يرى عكس ذلك تماماً، إذ يعتبره مهنة مثل المهن الأخرى تحتاج إلى صقل وجدية، باعتبارها صعبة وتحتاج إلى تعليم واستمرار، ليتمكن العازف من امتلاك أسرار العزف على تلك الآلة. شاه، الذي عزف مع الفنان التركي آيتاش دوغان وقدم حفلاً متكاملاً مع الشاعر كريم العراقي في الكويت، أكد في حوار أن موسيقى الكمان تحرك أحاسيس المستمع ووجدانه وتجعله متفاعلاً بكل مشاعره معها… وفيما يلي التفاصيل:
• ما الذي جذبك لآلة الكمان؟
– لم يكن لدي الوعي الكافي في بداية عزفي على تلك الآلة، ولم أكن أعلم سبب تعلقي بها، لكن منذ بداية التعليم كنت أجد نفسي منجذبا للعزف، ورغم أن التعليم كان صعبا فإنني كنت أستمتع بالعزف. وعلى المستوى الوجداني لم أكن أشعر أن لدي القدرة على ملامسة مشاعر الناس، ولكن الكمان أعطاني قوة كبيرة للتعبير، ولذلك أرى أن وظيفة أي موسيقي أو فنان تساهم في خلق حالة حب، ولم أكن أعتقد أني أملك هذه القدرة فعليا وأن يحب الناس عزفي يوما ويتواصلون معي على المستوى الوجداني.
• هل لا يزال العزف على آلة الكمان يفصلك عن العالم أم طرأت تغييرات جديدة؟
– فعلا طرأت تغييرات جدية اكثر، وأصبح لدي شعور بالمسؤولية بأن الجمهور ينتظر مني الأجمل في اللحن والأداء.
• حاليا هل تمارس عملاً آخر غير العزف؟
– أعمل صيدلانياً في أحد المستشفيات، ومسؤولاً عن المرضى في العناية المركزة.
العلاج بالموسيقى
• العلاج بالموسيقى هو احد العلاجات الروحية لتحسين حالة المريض… هل فكرت في تقديم وصلة موسيقية للمرضى؟
– هذا صحيح… خاصة أن بعض الزملاء اقترح علي أن أجلب آلة الكمان وأعزف للمرضى، ولكنني لا أرغب في ربط عملي المهني بالموسيقي، وللأسف ثقافة الموسيقى في مجتمعنا ليست كثقافة الأغنية في انتشارها وقبولها.
• حدثنا عن مشاركاتك حول العالم، ومع مَن عزفت من الموسيقيين العالميين؟
– شاركت في اسكتنلدا بسبب دراستي هناك وقدمت وقتها موسيقى شرقية “كونسرفتوار” وكانت تجربة لسماع الموسيقى العربية هناك، أما على المستوى العربي فقد شاركت في لبنان والأردن والإمارات والسعودية ومصر.
• هل عزفت مع موسيقيين عالميين؟
– نعم، عزفت مع الفنان التركي آيتاش دوغان، وكانت الحفلة في الكويت.
• هل لك تجارب موسيقية مع شعراء؟
– شاركت مع الكثير منهم، وللأمانة منذ بداية دخولي عالم الموسيقى كانت فكرتي دائما دمج الفنون معا من كل جوانبها لأن الفن وسيلة تعبير ولأنه كذلك فهناك معنى، والموسيقى قادرة على إيصال المعنى الحقيقي والجمالية والعاطفية، والدمج يخلق تفاعلا فنيا ممزوجا بمتعة الإحساس بالجمال، وكانت لي تجربة مميزة مع الشاعر السوداني محمد عبدالباري من خلال قصيدة اسمها “اندلوسان” بعدها دخلت فن الفلامنغو لأن كلمات الشاعر كانت تتكلم عن اسبانيا والاندلس القديمة، كما شاركت مع الشاعر كريم العراقي، وللامانة كانت من أنجح الحفلات التي شاركت فيها معه على مسرح عبدالحسين عبدالرضا، لأنني دمجت في هذا الحفل الموسيقى مع الشعر والموال.
• ما المقطوعات الموسيقية التي تستهويك؟
– تستهويني مقطوعات الفنان الراحل محمد عبدالوهاب، وأعشق موسيقاه بكل تفاصيلها.
الحالة النفسية
• ما أمنيتك في مجال العزف على الكمان؟
– أمنيتي نشر الموسيقى في كل الأرجاء، وهذه أكثر أمنية أرغب بتحقيقها، خاصة حينما ارى الحالة النفسية التي يصل اليها الجمهور بعد انتهاء الحفل الموسيقي الذي اقدمه ومدى تأثير هذه الموسيقى على الحالة النفسية وانعكاس اثرها الايجابي على نفوس الحاضرين، فابتسامتهم وهم يودعون المسرح بعد انتهاء الحفل الموسيقي كفيلة بجعلك تقرأ مشاعرهم بالرضا والطمأنينة، وكيف استطاعت هذه الموسيقى تخفيف هموم الحياة عنهم.
• كيف ترى مستقبل هذه الموسيقى؟
– كنت اعتقد في السابق ان مستقبل الموسيقى يحتضر، ولكن تجربتي على المسرح اثبتت العكس تماما، كما أن اقبال الناس بشغف على الموسيقى حتى في مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد أن هذا الفن مستمر وبقوة.
• لك تجارب في مجال تأليف الموسيقى؟
– بصفتي عازف موسيقى لست مؤلفا، ولكن تجربتي مع الشعر والأدب اختلفت للأفضل، خاصة في حفلة الشاعر كريم العراقي إذ كان اغلب الموسيقى التي كانت تقدم من تأليفي، ولحنت ثلاث اغان من الشعر الفصيح، لان ميولي اكثر للشعر الفصيح، وتلك كانت تجربتي مع مجال التأليف، ولكن دائما احاول التركيز على العزف أكثر.
• ما مدى تأثير المزاج على لحظة العزف؟
– أرفض فكرة المزاج وهي حالة تعيسة استسلم لها الكثير، وإن أراد الانسان الانتقال من الهواية الى حالة الاحتراف فأول عامل عليه الغاؤه هو عامل المزاج ، ولذلك فالفن يحتاج الى واجب الشعور بالمسؤولية.
المجتمع الكويتي
• كيف تجد تقبل المجتمع الكويتي او الخليجي لآلة الكمان؟
– تقبله ضعيف جدا للأسف، لأنها آلة صعبة جدا، وطريق امتهان هذا الفن ليس مفروشا بالورود، إلى جانب أننا ننظر إلى هذه الموسيقى كهواية فقط، أما صعوبة العزف على آلة الكمان فتكمن في أنه لا يمكن أن تعاملها كهواية، وسيكون الاقبال كبيرا جدا على هذه الآلة إذا ادركنا ان أهميتها توازي أهمية كل العلوم التي تقدم في المناهج الدراسية، ولذلك الموسيقى تحتاج الى تعزيزها في في نفس الطالب، والتعامل مع آلة الكمان على أنها ليست هواية فإن تعاملت معها كهواية فلن تقدم الكثير فيها، فهي تختلف عن باقي الآلات لصعوبة العزف عليها وتحتاج لانضباط أكثر.
• هل لك توجهات فنية أخرى غير العزف؟
– أعزف على العود جيدا، وأنا كاتب جيد، ولكني كاتب سياسي، وأميل للأدب كثيرا مما يتماشى مع الموسيقى التي أقدمها.