بريكست يجعل الحكومة تتعلم درسا قاسيا حول إنتاج الأغذية
يحذر نواب الحكومة من أن بريطانيا تصبح أكثر وليس أقل اعتماداً على واردات الأغذية منذ بريكست، وأن التداعيات لا يمكن تجاهلها، والسبب؟ يعتمد حصاد كثير من المحاصيل الغذائية في المملكة المتحدة على العاملين الموسميين الآتين من الاتحاد الأوروبي
وأفادت لجنة البيئة والأغذية البرلمانية المؤلفة من أحزاب عدة بأن من شأن النقص في العمالة، في حال عدم معالجتها، أن تفضي إلى “تصدير إنتاج الأغذية وزيادة الواردات”، ما يعني أن قطاع إنتاج الأغذية في المملكة المتحدة قد يتقلص “في شكل دائم” إذا لم يُتعامَل مع المشكلات
التقرير الاستقصائي
وفاقم “كوفيد-19” هذا السيناريو، لكن النواب كانوا واضحين في شأن عدم توقف العاملين الأوروبيين عن المجيء إلى البلاد. وورد في التقرير الاستقصائي: “وجدنا دليلاً واضحاً على أن نقص العمالة أثر بشدة في قطاع الأغذية والزراعة، ما يهدد الأمن الغذائي، ورفاه الحيوانات، والصحة العقلية للعاملين في هذا القطاع”
واتسمت الصورة التي رسمها النواب بأنها صارخة، وبأنها على خلاف مع الصورة التي رسمها بعض مؤيدي بريكست قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فليز تروس، وزيرة الخارجية الآن التي كانت لسنوات مسؤولة عن الفرص التجارية المفترضة لبريكست، قالت في عبارة شهيرة إن “من العار” أن بريطانيا كانت تستورد هذا الكم كله من الجبن والتفاح والكمثرى
وزعم كريس غرايلينغ، حين كان لا يزال في الحكومة، أن بريكست غير سلس، كان من الممكن أن يؤدي إلى الحصول على مزيد من المنتجات البريطانية محلياً
وبدلاً من ذلك، تفسد الأغذية في الحقول، إذ لا تجد من يقطفها. ويفيد التقرير بأن الوظائف الشاغرة في قطاع الإنتاج الغذائي قُدرت بـ 500 ألف وظيفة من أصل 4.1 مليون وظيفة، اعتباراً من أغسطس (آب) 2021، أي أحدث مواسم الحصاد
“التفاؤل الأعمى”
وتعتمد بريطانيا اعتماداً كبيراً جداً على الواردات الغذائية، إذ يأتي 48 في المئة من الأغذية من الخارج. وهذا طريق تسلكه المملكة المتحدة منذ بعض الوقت، فاللجنة نفسها التي وضعت هذا التقرير الأخير توصلت في يناير (كانون الثاني) إلى أن “التفاؤل الأعمى” الذي أبدته الحكومة في شأن خطتها المتعلقة بإعانات الزراعة بعد بريكست من شأنه أن يدفع مزارع المملكة المتحدة إلى التوقف عن العمل، وأن يزيد أيضاً من الاعتماد على الواردات الغذائية
هل استيراد مزيد من الأغذية مقلق؟ ربما ليس معظم الوقت، ولو أن تقلبات الأسعار في بعض السلع الأساسية التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا توضح بعض المخاطر المحتملة، لكن أي تحول إلى اقتصاد يعتمد في شكل أكبر على الأغذية المستوردة سيكون صعباً من الناحية الاقتصادية، إذ يضطر المزارعون، الذين يعانون بالفعل، إلى خفض الإنتاج إلى مستوى أدنى، وربما التوقف عن العمل
“تحول جذري”
ويدعو النواب الحكومة إلى “تحول جذري” في مواقفها، بعدما فشلت في إظهار “فهم قوي” للمسائل، بل وسعت في بعض الحالات إلى “إلقاء اللوم على القطاع على أساس معلومات غير صحيحة تتعلق بنظام الهجرة الخاص بها”. وأياً تكن النتيجة، تشكل هذه الواقعة توضيحاً جيداً لكيف أن الاقتصاد العالمي ليس اختياراً ثنائياً بين الاكتفاء الذاتي والترابط المتبادل
والسياسات التي تصاغ باعتبارها متجذرة في “العمل الأحادي” وإعادة السلطة إلى الدولة القومية في مقدورها أن تجعل أي بلد أكثر اعتماداً على بلدان أخرى. وعلى نحو مماثل، من الممكن أن يساعد التعاون الدولي أيضاً أي بلد على الوقوف على قدميه. وهذا درس كبير تتعلمه المملكة المتحدة بالطريقة الصعبة