قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن الإنفاق الاستهلاكي شهد أداء قويا في الربع الأول من 2021 في ظل تخفيف بعض القيود المفروضة لاحتواء تفشي الجائحة بصفة عامة أواخر العام الماضي مع الاستمرار في المقابل في فرض القيود الصارمة على السفر خلال عطلة الأعياد الوطنية في فبراير، ما ساهم في تعزيز الانفاق المحلي.
وتبدو توقعات الربع الثاني من 2021 قوية، لا سيما مع رفع حظر التجول الجزئي بدءا من منتصف مايو بعد إعادة فرضه في مارس، إلى جانب الأنباء المشجعة عن تسارع وتيرة برامج اللقاحات.
وفي واقع الأمر، ساهم في دعم الانفاق الإيجابي تزايد نمو معدلات الإنفاق في أبريل نتيجة ضعف الانفاق خلال نفس الفترة من العام الماضي وتأجيل سداد مدفوعات أقساط القروض.
ومن جهة أخرى، تشمل المخاطر المحيطة بالتوقعات تدهور أوضاع سوق العمل واستمرار نمو معدل التضخم (نتيجة للعوامل العالمية)، ما قد يؤثر على الإنفاق خلال الفترة المقبلة.
وأضاف التقرير انه في ظل تزايد الآمال تجاه تجاوز تداعيات الجائحة، وبدء طرح برامج اللقاحات ورفع معظم القيود المفروضة في وقت سابق، بدأ الطلب الاستهلاكي يتزايد بقوة في 2021، إذ تسارعت وتيرة نمو الإنفاق إلى 33%، على أساس سنوي، في الربع الأول من 2021 مقابل 20% في الربع السابق، رغم فرض حظر التجول الجزئي في أوائل مارس.
وعلى الرغم من التراجع الهامشي الذي شهده معدل نمو الانفاق على أساس شهري، إلا انه قد شهد ارتفاعا في أبريل إلى مستوى قياسي بنسبة 90% على أساس سنوي ليصل إلى 2.1 مليار دينار.
إلا ان تلك القفزة تعزى بصفة رئيسية إلى ضعف وتيرة الإنفاق خلال الفترة المقابلة من العام الماضي بسبب فرض التدابير الاحترازية (كما نتوقع أيضا أن نشهد تأثيرا مماثلا في مايو).
ويبدو أن قوة الاتجاه العام للإنفاق يعتبر في وضع جيد يدعم مواصلة النمو، خاصة في ظل رفع حظر التجول الجزئي مؤخرا وربما الإعلان قريبا عن قرارات من شأنها تخفيف مزيد من القيود المفروضة بفضل التقدم الملحوظ الذي أحرزته برامج اللقاحات وتراجع حالات الإصابة الجديدة منذ منتصف مايو.
وعلى مستوى أكثر تفصيلا، عكس نمو عمليات السحب النقدي باستخدام أجهزة السحب الآلي الانكماش الذي شهده على مدار عام كامل، إذ ارتفع للشهر الثاني على التوالي بنسبة 24% على أساس سنوي في أبريل بعد تراجعه 8.2% في الربع الأول من 2021.
ووصل معدل نمو معاملات نقاط البيع إلى مستوى قياسي بزيادة بلغت نسبتها 162% في أبريل فيما يعزى بصفة رئيسية إلى ضعف المعاملات خلال فترة المقارنة من العام الماضي.
وظل نمو الإنفاق عبر الإنترنت قويا للغاية بنسبة 93%، إذ ارتفعت المعاملات عبر الإنترنت لتسجل مستوى قياسيا بلغ 810 ملايين دينار، ما يمثل 38% من إجمالي قيمة الانفاق.
وأشار الى انه على الرغم من استمرار قوة معدلات الإنفاق، إلا أن حالة عدم اليقين المحيطة بالجائحة وصعوبة ظروف سوق العمل قد أثرت سلبا على ثقة المستهلك.
إذ واصل مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن شركة «آراء» للبحوث تراجعه من 96 نقطة في فبراير إلى 93 نقطة في مارس، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ نوفمبر 2016.
وظل اداء معظم مكونات المؤشر الفرعية قويا بما في ذلك مستويات العمالة الحالية (108) والسلع المعمرة (105) على الرغم من اتجاه مؤشرات الوضع الاقتصادي الحالي (82) والدخل الفردي الحالي (74) نحو التراجع.
وأوضح التقرير انه بعد التباطؤ الذي شهدته القروض الاستهلاكية في 2020 مقارنة بالمستويات السابقة المرتفعة على خلفية تفشي الجائحة وتلاشي تأثير عوامل الدعم السابقة الناجمة عن التغييرات التنظيمية، استقر نمو القروض الاستهلاكية الشخصية عند مستوى 9% في الربع الأول من 2021.
وأدى ذلك النمو القوي الذي شهدته القروض الاستهلاكية إلى تعزيز انتعاش الإنفاق الاستهلاكي بدعم من الطلب المكبوت.
وفي ذات الوقت، استمر النمو القوي لإجمالي القروض الشخصية (التي تشمل القروض السكنية) لتصل إلى 8.1% على أساس سنوي بنهاية مارس وذلك بفضل نمو القروض السكنية (+8.7%) بصفة خاصة.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى أن تأجيل سداد مدفوعات أقساط القروض الشخصية لمدة 6 أشهر من شأنه أن يوفر دعما مستمرا للإنفاق الاستهلاكي من خلال تحرير الدخل المتاح التصرف فيه.
وبافتراض بقاء كل المتغيرات الأخرى دون تغيير، سيعني ذلك أيضا بقاء تسجيل القروض الاستهلاكية في ميزانيات البنوك لفترة أطول، ما سيسهم في تعزيز نمو الائتمان.
وفي ظل استمرار التقدم الملحوظ لطرح برامج اللقاحات ـ والذي من المقرر أن يسهم ايضا في تعزيز ثقة المستهلك ـ بالإضافة إلى إعادة الفتح التدريجي للاقتصاد ولأنشطة الأعمال، من المتوقع أن يظل الإنفاق الاستهلاكي قويا كما تشير المؤشرات منذ بداية العام.
وفي واقع الأمر، قد تتسارع وتيرة نمو الإنفاق في مايو مقارنة بالبيانات السنوية الضعيفة للغاية للفترة المماثلة من العام الماضي والتي تأثرت بشدة بفرض القيود الصارمة عند بداية ظهور الجائحة (من المقرر أن تبدأ تلك التأثيرات الأساسية في التلاشي اعتبارا من يوليو).
إلا أن تلك التوقعات ستظل مرهونة أيضا بعوامل مثل الدخل والأمن الوظيفي، إذ تتزايد المخاوف المرتبطة بهما في حالة حدوث موجة جديدة من تفشي الفيروس أو إذا كانت وتيرة الانتعاش الاقتصادي مخيبة للآمال، خاصة إذا تراجعت أسعار النفط على سبيل المثال.
كما أن تخفيف القيود المفروضة على السفر إلى جانب إعادة الفتح التدريجي للحدود سوف يسهم في تشجيع الكويتيين والوافدين على قضاء إجازاتهم الصيفية خارج الكويت، ما قد يؤدي إلى توجه المزيد من الإنفاق نحو الخارج.
مغادرة الوافدين.. مستمرة في 2021
ذكر تقرير «الوطني» أن أكثر من 130 ألف وافد غادروا البلاد في 2020 (العمالة الوافدة من ذوي الأجور المتدنية والمهارات المنخفضة بصفة عامة)، نتيجة تأثير الجائحة على النشاط الاقتصادي واضطرار الشركات إلى تخفيض اعداد الموظفين، وفقا للهيئة العامة للمعلومات المدنية.
كما أدت تدابير الإغلاق والقيود المفروضة على السفر إلى تقليص حركة السفر الدولي، ما أدى إلى انخفاض عدد سكان الكويت بنسبة 2.2% وتراجع معدلات التوظيف بنسبة 4.2%.
ومن المتوقع أن يغادر الكويت المزيد من العمالة الوافدة خلال الفترة القادمة، وذلك على خلفية التغييرات المقترحة على قانون الإقامة، والتطبيق المستمر لسياسات توطين الوظائف (التكويت)، واضطرار الشركات لتسريح الموظفين في ظل ضعف المناخ الاقتصادي.
وقد يؤثر الضعف المستمر الذي يشهده سوق العمل على الإنفاق الاستهلاكي على المديين القريب إلى المتوسط، على الرغم من التأثير المحدود لمغادرة العمالة الوافدة من أصحاب الدخول المنخفضة.
من جهة اخرى، تباطأت وتيرة نمو إجمالي الأجور هامشيا إلى 3.5% على أساس سنوي في الربع الرابع من 2020 مقابل 3.6% في الربع السابق، وفقا للبيانات الصادرة عن نظام معلومات سوق العمل (LMIS).
إلا ان المعدل يفوق النمو المسجل في 2019 الذي بلغت 2.2%، وهو الأمر الذي قد يكون انعكاسا لمغادرة آلاف من العمالة الوافدة من ذوي الدخل المنخفض خلال العام الماضي والذي ربما يكون قد عزز «متوسط» مستويات الأجور.
وقد لاحظنا تباطؤ نمو الأجور في الربع الرابع من 2020 على حد سواء بالنسبة للوافدين والمواطنين في ظل انخفاض أسعار النفط وضعف المناخ الاقتصادي.