كشفت مصادر حكومية رفيعة المستوى عن ان السيولة النقدية المتبقية في صندوق الاحتياطي العام للدولة، كما في 31 مارس 2021 بلغت 1.63 مليار دينار، فيما تبلغ إجمالي أصول الاحتياطي العام، كما في 28 ديسمبر 2021 مبلغ وقدره 9.6 مليارات دينار.
وذكرت المصادر ان صافي أصول الاحتياطي العام شهدت انخفاضات كبيرة على مدار الأعوام الماضية نتيجة انخفاض أسعار النفط والتي أدت لسداد الاحتياطي العام لعجوزات الميزانية العامة للدولة وسداد بعض الالتزامات الأخرى، إذ بلغت صافي المسحوبات من الاحتياطي العام 40.8 مليار دينار، وذلك منذ العام المالي 2015/2016 وحتى 31 ديسمبر 2020.
علما ان أصول الاحتياطي العام وصلت إلى 16.9 مليار دينار في نهاية مارس 2020 واستمر الانخفاض إلى ان وصل إلى 10.3 مليارات دينار بنهاية 2020، أي خلال العام الأول لتفشي جائحة فيروس كورونا، وذلك قبل ان تصل الى الأرقام المذكورة آنفا.
استنفاد السيولة
وقالت المصادر، انه نظرا لاستمرار تراكم العجز في الميزانية العامة للدولة خلال أكثر من 7 سنوات ماضية أدى الى استنفاد سيولة الاحتياطي العام، وبناء على السيناريوهات المختلفة لإيرادات النفط والإيرادات غير النفطية والمصروفات وفي غياب سرعة تطبيق الإصلاحات سيستمر العجز في التراكم والزيادة، وإلى أن تبدأ الإصلاحات تؤتي ثمارها، لابد من معالجة شح الموارد المالية ونفاذ السيولة في صندوق احتياطي العام وذلك في أقرب وقت ممكن، قبل ان يتم استنفاذ كافة الأصول في الصندوق بالكامل.
وشددت على أن تمويل عجز الميزانية والالتزامات الحكومية الجديدة لابد ان يتزامن مع إصلاحات مالية واقتصادية لزيادة إيرادات الدولة وتخفيض الإنفاق وهذه الإصلاحات هي الطريقة الوحيدة المستدامة لمعالجة العجز الهيكلي في الميزانية وأساس الخطة للمحافظة على استدامة رفاهية المواطنين.
عجز الميزانية
ويعتبر صندوق الاحتياطي العام أداة تسهم في تحقيق الاستقرار للاقتصاد الوطني فهو مستودع الاحتياطات العامة للدولة والتي تكون متاحة لسداد احتياجات الدولة عند الضرورة وفق الأطر التي حددها قانون إنشاءه، ويقوم صندوق الاحتياطي بأداء دور أمين الخزانة وأداة تسهم في تحقيق الاستقرار المالي للدولة ويدار هذا الصندوق وبشكل كامل ومباشر بواسطة الهيئة العامة للاستثمار، وتتكون أصول هذا الصندوق وبشكل أساسي من النقد وشبه النقد بالعملات الأجنبية الصعبة.
وقالت المصادر ان تفاقم أزمة كورونا حول العالم وتأثر البلاد شأنها شأن بلدان العالم الأخرى بهذه الجائحة نتج عنها تدهور الاقتصاد العالمي بسبب الركود الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط العالمية بشكل حاد، وهو الأمر الذي أجبر دول منظمة الأوپيك بالاتفاق مع الدول المنتجة من خارج المنظمة الى تقديم تضحيات عن طريق تخفيض الإنتاج لتقليل المعروض من النفط، الأمر الذي أدى الى استقرار نسبي في أسعار النفط وتقليل العجوزات التي سجلتها الدول المنتجة للنفط لاسيما الكويت التي تعتمد على مورد واحد للدخل.
وكان للإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا وتوجيه جزء كبير من مصروفات الميزانية الى مكافحة الوباء ساهم ذلك في تفاقم العجز وشح السيولة التي بدأت تظهر على السطح نتيجة الاستنزاف المتواصل من موارد صندوق الاحتياطي العام، ومحاولات الحكومة بتدبير سيولة فورية من صندوق الاحتياطي العام، ومحاولات الحكومة بتدبير سيولة فورية من صندوق احتياطي الأجيال القادمة مقابل تحويل أصول من صندوق الاحتياطي العام نظير تلك السيولة.
مركز مالي متين
من جهتها، أكدت الحكومة أكثر من مرة أن المركز المالي للكويت قوي ومتين، لكونه مدعوما بالكامل من صندوق الأجيال، ولكن ما تعاني منه المالية العامة للدولة من اختلالات هيكلية، أدى إلى قرب نفاد السيولة في صندوق الاحتياطي العام.
من جانب آخر، دعت المصادر إلى ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بدعم سيولة الاحتياطي العام، بعيدا عن عملية نقل الأصول، من خلال إقرار الإصلاحات الهيكلية اللازمة بزيادة الإيرادات وتقليل المصروفات، وشددت على أهمية إقرار قانون الدين العام لتوفير آلية مستدامة لتأمين السيولة اللازمة لسد عجز الموازنة، مؤكدة أن الاستمرار في هذا النهج من شأنه التأثير سلبا في سيولة احتياطي الأجيال، وهي التي تستهدف في الأساس اقتناص فرص استثمارية تدر عوائد جيدة.
قانون الدين العام
من جهة ثانية، قالت المصادر ان إقرار قانون الدين العام والسحب المنظم من صندوق الأجيال ليست حلول إصلاحية بل إجراءات مؤقتة يجب اتخاذها لتمويل الالتزامات الفورية ومن الضروري ان تصاحبها إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية تساهم في تقليل المصروفات وزيادة الإيرادات غير النفطية.
كما أن الوضع المالي الصعب الذي يمر به صندوق الاحتياطي العام ممثلا عن الخزينة العامة للدولة يحتاج إلى دعم، حيث ان الصندوق يعاني من شح في الموارد المالية وانخفاض حاد في السيولة وخطورة أزمة السيولة في الاحتياطي العام شديدة، وان برنامج عمل الحكومة وقانون الدين العام وقانون تعديل أحكام المرسوم بقانون رقم 106/1976 بالسماح بالسحب من احتياطي الأجيال القادمة لمواجهة العجز في الاحتياطي العام وهناك حاجة لاتخاذ إجراءات فورية ونطلب تعاون بين السلطتين للمحافظة على مالية الدولة خلال هذه الأزمة.
وتتمثل رؤية وزارة المالية حول قانون الدين العام في المرونة التي يوفرها مشروع القانون لإدارة الشؤون المالية للبلاد، حيث يتيح القانون للدولة استخدام خيار إصدار السندات السيادية لتوفير السيولة بشكل فوري بالتزامن مع تفعيل الإصلاحات المالية والاقتصادية لتحقيق الاستدامة المالية، وتؤمن الحكومة بأن الاقتراض العام ليس عاجلا للاختلالات الهيكلية وانما جسر لعبور المرحلة الراهنة وأداة لتمكين الحكومة من التدرج في الإصلاح الاقتصادي لتحقيق الاستقرار المالي وتطوير اقتصاد الدولة على النحو المطلوب.