ضخت البنوك منذ بداية العام الحالي حتى نهاية أبريل الماضي 600 مليون دينار تسهيلات جديدة توزعت على مختلف القطاعات، بنمو طفيف وهادئ بلغت نسبته 1.5 في المئة فقط، يحاكي تطلعات البنك المركزي، الذي ينشد النمو المحكوم والمنطقي خلال الأزمات الاقتصادية التي تهب على العالم وآخرها الجائحة الصحية.
والنمو البطيء بالتسهيلات يأتي ما بين تشدد مصرفي منطقي ومطلوب وما بين طلبات كثيرة، لكنها من وجهة نظر مصرفية لا تنطبق عليها الشروط والضوابط خصوصاً ملاحظات إدارات المخاطر ذات اليد العليا في المنح.
فبحسب مصادر مصرفية موثوقة، قد لا يكفي أن تكون شركة ناجحة وتملك مصادر إيرادية وتدفقات منتظمة لكنها قد تقوم على شخص واحد بالكامل مما يرفع هامش المخاطر نتيجة هذه الفردية وإهمال المؤسسية التي تفرضها معايير الحوكمة.
لكن كيف عالج القطاع الخاص بطء التدفق القادم من البنوك من خلال التسهيلات؟، تجيب الأرقام بأنه من بداية العام تراجعت ودائع القطاع الخاص بنحو 875 مليون دينار خلال أربعة أشهر فقط، أي من يناير حتى آخر أبريل، مما يعني أن القطاع الخاص أخذ يسحب ويكسر بعض الودائع المكدسة في البنوك وسط أسعار فائدة منخفضة ليغطي بها احتياجاته.
ووفق مصادر مالية واستثمارية فإن معظم الودائع، التي سحبها القطاع الخاص توجهت إلى البورصة، إذ شهد سوق المال أداء مميزاً من أول العام حققت فيه الصناديق الاستثمارية، التي تتسم بالتحفظ، عوائد تبلغ 20 في المئة، في حين تقول مصادر، إن مضاربين بلغت عوائدهم نحو 30 في المئة، وهي عوائد قياسية واستثنائية تعادل 10 أضعاف عوائد البنك فترة عام كامل.
أرقام التداولات في البورصة تعكس هذه النظرية بوضوح فمستويات وقيم التداول عالية جداً، وباتت تتخطى 100 مليون دينار في بعض الجلسات الاستثنائية، لكنها بشكل يومي لا تقل عن 55 مليوناً كمتوسط مما يعكس السيولة العالية.
أيضاً، تؤكد المصادر أن مستويات التمويل القادمة من البنوك لتمويل شراء الأوراق المالية تراجعت 0.6 في المئة بنحو 13 مليون دينار إذ انخفض رصيد تمويل الأوراق المالية من مستوى 2.57 مليار دينار إلى 2.56 مليار، مما يعكس اعتماد الكثير من المستثمرين والشركات على ودائعهم الخاصة في الاستثمار في البورصة.
الودائع في 4 أشهر
في سياق متصل، سحبت الحكومة من ودائعها في القطاع المصرفي على مدار اربعة أشهر نحو 852 مليون دينار ليبلغ إجمالي الانخفاض بالودائع من بداية العام حتى آخر أبريل الماضي 1.72 مليار دينار إذ سحب القطاع الخاص أيضاً 875 مليوناً.
وبذلك يكون إجمالي الودائع تراجع 3.82 في المئة من مستوى 45.27 ملياراً كما في نهاية ديسمبر الماضي إلى 43.54 ملياراً.
تفاصيل التسهيلات المصرفية
بلغ رصيد إجمالي التسهيلات من بداية العام حتى نهاية أبريل الماضي 40.38 مليار دينار مقارنة مع 39.78 ملياراً كما في ديسمبر 2020 إذ نمت 1.5 في المئة بقيمة جديدة 600 مليون دينار.
وكان نصيب الأسد في التسهيلات من نصيب القطاع الإسكاني إذ استأثرت القروض الإسكانية بقيمة 340 مليوناً جديدة ونمت بنسبة 2.6 في المئة من بداية العام وارتفعت من 12.71 ملياراً كما في نهاية ديسمبر إلى 13.05 ملياراً كما في نهاية أبريل.
وسجلت التسهيلات الاستهلاكية أدنى معدل نمو منذ سنوات إذ بلغ نموه 0.68 في المئة بقيمة تسهيلات جديدة تبلغ 11 مليون دينار من بداية العام حتى آخر أبريل الماضي، وبلغ رصيدها في ديسمبر 1.60 مليار دينار في حين بلغ في أبريل الماضي 1.61 مليار دينار.
تمويل القطاع العقاري
على صعيد متصل، يشهد القطاع العقاري جموداً نسبياً إذ بلغ نمو تمويل القطاع 0.7 في المئة بقيمة تسهيلات جديدة بلغت 68 مليون دينار فقط، وبلغ رصيد التمويل الإجمالي في ديسمبر 9.22 مليارات دينار في حين بلغ في نهاية أبريل الماضي 2021 نحو 9.29 مليارات.
قطاع التجارة
في وقت تصدر قطاع التجارة خلال أشهر الأزمة والإغلاق أعلى نسبة تمويل بسبب حالة الطوارئ وتخزين الأدوية والأغذية واستيرادها بكميات عالية، عادت أوضاع القطاع إلى طبيعتها وتراجعت التمويلات الموجه لتلك القطاع من بداية العام بقيمة 29 مليون دينار بنسبة 0.9 في المئة وبلغ رصيد القطاع في ديسمبر 3.27 مليارات في حين بلغ في أبريل 3.25 مليارات.
وللإشارة تقوم البنوك بعمليات فرز وفلترة للمستحقين للتمويل، وترفع البنوك قاعدة مفادها “أي عميل يستحق التمويل لا نتردد في ذلك لكن فقط نحتاج إلى عميل يتمتع بتدفق نقدي ورهونات ذات جودة وقدرة على الإلتزام في السداد في كل الظروف.
ثمة رهان على المرحلة المقبلة في تحسن نسبي بطرح المشاريع الاستراتيجية الجديدة واستكمال تنفيذ القائم منها، إضافة إلى الداخلين الجدد إلى سوق العمل، ومواصلة الأداء الإيجابي للسوق المالي مما ينعكس على مستويات الرهونات والضمانات القائمة والتزام أعلى في السداد يقابله تراجع كبير في المخصصات.