( واشنطن ) تستورد نفطاً إيرانياً لأول مرة منذ ربع قرن
أكدت الولايات المتحدة استيراد شحنة نفط إيرانية لأول مرة منذ أكثر من ربع قرن، في خطوة حملت بعداً إنسانياً وإشارات إيجابية باتجاه تلطيف أجواء التوتر بين البلدين، مع تواصل مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي، فيما أقال الرئيس الإيراني حسن روحاني محافظ البنك المركزي المرشح لخوض الانتخابات الرئاسية.
في خطوة حملت دلالات إيجابية، وتعد الأولى من نوعها منذ ما يربو على ربع قرن، كشفت وزارة الطاقة الأميركية عن أول واردات من النفط الإيراني، منذ عام 1991، والتي بلغت 33 ألف برميل يوميا.
ورغم أن الخبر، الذي أحجمت السلطات الإيرانية عن تأكيده، أمس الأول، حمل مفاجأة لجميع المتابعين الذين ربطوه بمفاوضات فيينا، بشأن رفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منذ عام 2018، وإحياء الاتفاق النووي المقيد لبرنامج طهران الذري، فإن الأوساط السياسية في طهران أكدت أن الخطوة جاءت لأسباب إنسانية، وتم تنسيقها قبل انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين البلدين، بهدف تسهيل حصول إيران على الدواء.
وتحدثت تقارير عن أن الولايات المتحدة لم تستورد النفط من إيران بشكل مباشر، وذكرت أن عملية الاستيراد هذه هي نصف كمية النفط التي استولت عليها البحرية الأميركية من سفن تنقل النفط الإيراني بالمخالفة للعقوبات المفروضة على طهران من قبل واشنطن.
في السياق، رصدت أجهزة المخابرات الأميركية سفينتين تابعتين للبحرية الإيرانية قد تكون وجهتهما النهائية فنزويلا، الخاضعة لعقوبات أميركية، في خطوة قد تكون استفزازية وبتوقيت حساس، حيث تشهد الجولة الخامسة من مفاوضات فيينا مناقشة أبرز النقاط الخلافية بشأن إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وكشفت مجلة بوليتيكو الأميركية أن «فرقاطة إيرانية، وناقلة النفط السابقة ماكران، والتي تم تحويلها إلى سفينة تابعة للبحرية، توجهتا إلى الجنوب على طول ساحل شرق أفريقيا»، مبينة أن «المسؤولين الأميركيين ليسوا متأكدين بشكل قاطع من وجهة السفينتين الإيرانيتين، لكنهم يعتقدون أنهما ربما تتجهان إلى فنزويلا، إذ لا تزال نوايا طهران من إرسال السفينتين إلى أقصى الغرب أمرا غامضا». وأشارت المجلة إلى أن مجرد وجود السفن الحربية الإيرانية في الفناء الخلفي لأميركا سيمثل تحديا للبيت الأبيض، ومن المرجح أن يؤجج الجدل حول قرار الرئيس جو بايدن بإعادة المفاوضات مع طهران.
إقالة ولغط
إلى ذلك، أقال الرئيس الإيراني حسن روحاني محافظ البنك المركزي عبدالناصر همتي، واحد من عدد قليل من المعتدلين الذين يخوضون انتخابات الرئاسة التي تجرى في 18 يونيو المقبل، والذي أعلن قبوله قرار تنحيته من منصبه من أجل الترشح لخوض السباق.
وعلم ، من مصدر مطلع، أن إقالة همتي جاءت بسبب إصراره على تثبيت الوضع المالي حتى الانتخابات، ورفضه تنفيذ سياسات مالية تحاول حكومة روحاني تنفيذها قبل الاستحقاق، مضيفا أن همتي استغل كلمة له مساء أمس الأول لكي يكيل الاتهامات لحكومة روحاني ويحملها المسؤولية عن جميع المشاكل الاقتصادية والمالية التي تواجهها البلاد، قائلا إن رئيس المصرف المركزي ينفذ قرارات الحكومة وليس لديه رأي معتبر، وتحدث همتي عن سوابق أبدى فيها رأيه في بعض الأمور المالية التي وصفها بالخاطئة، لكن الحكومة لم تقبل نصائحه، الأمر الذي أغضب روحاني كثيرا بحسب المصدر. وأشار المصدر إلى أن روحاني عين أكبر كوميجاني، مساعد همتي، مشرفا على المصرف المركزي، بعد أن فشلت وساطات في إقناع الرئيس بالتراجع عن قرار الإقالة.
وهمتي، الذي عُين محافظا للبنك المركزي في 2018، شخصية معتدلة ضمن سبعة مرشحين أقرهم مجلس صيانة الدستور، لكن معظم المرشحين الآخرين من غلاة المحافظين.
في السياق، هدد أحد قادة منظمة أنصار حزب الله الإيرانية، التابعة لـ«الحرس الثوري»، الإيرانيين الذين يفكرون في الخروج باحتجاجات شعبية مناهضة للانتخابات، والنظام في الأيام المقبلة. ونقل عن الجنرال سعيد قاسمي، القيادي في المنظمة التي يخضع أغلب قادتها لعقوبات أميركية، قوله وهو يخاطب من يريد الخروج باحتجاجات للشوارع: «هيا أخرجوا للشوارع، لن أرحم أيا منكم».
وأضاف قاسمي: «من هو أقوى منكم قد خرج للشوارع سابقا مع كل الدعم الذي كان يحظى به، لكن أين مصيره»، في إشارة لزعيم المعارضة الإصلاحية مير حسين موسوي، الذي يقبع تحت الإقامة الجبرية منذ 2011، بعد احتجاجه على نتائج انتخابات 2009.
في موازاة ذلك، دافع مهدي طائب، رئيس مقر «عمار»، المقرب لبيت المرشد الأعلى علي خامنئي، عن إجراءات «صيانة الدستور» باستبعاد بعض المرشحين، قائلا: «إننا وصلنا اليوم إلى مرحلة تطهير الثورة، وسنفوز فيها بالتأكيد». وقال طائب، في جزء من حديث متلفز: «سمعت أن حفيد الإمام المؤسس، حسن الخميني، قال لو كنت مكان المرشحين المؤهلين لاستقلت»، اعتراضا على الاستبعاد من سباق الانتخابات، مضيفا: «الآن يتفهم المرء لماذا قال الإمام الخميني إنه ليس من المناسب له أن يصبح رئيسا»، وأشار إلى موقف خامنئي قبل أسابيع قليلة من بدء تسجيل المرشحين للرئاسة، حين طلب من حفيد الخميني عدم خوض الانتخابات.
وتابع رئيس مقر «عمار» حديثه بتحذيره حسن الخميني بشكل ضمني قائلا: «كتب الإمام إلى شخص أكبر منك، إلى منتظري الذي لا تصل أنت إلى مستوى تلميذه، كتب أنه بسبب آرائك إذا أصبحت قائدا فسوف تسلم السلطة لليبراليين والولايات المتحدة»، واصفا قرارات وآراء المرشد بأنها «فوق كل شيء حتى الواقع».
في هذه الأثناء، هاجم الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، المستبعد من خوض الانتخابات الرئاسية، الأجهزة الأمنية، بسبب «تنصّتها عليه وعلى الإيرانيين»، قائلاً: «عليكم أن تضعوا الكاميرات في منشأة نطنز النووية حتى لا يفجروها»، في إشارة إلى الحادث الذي وقع أبريل الماضي واتهمت السلطات الإيرانية إسرائيل بالوقوف خلفه.
اغتيال ومحاكمة
إلى ذلك، اغتال مسلحون مجهولون، أمس، مسؤولا إيرانيا يعمل في أحد المراقد الشيعية أمام منزله في شمال العاصمة طهران.
من جهة أخرى، أعلن محامي الفرنسي بنجامان بريير، الموقوف في إيران منذ مايو 2020، أمس، أن موكله سيحاكم بتهمة التجسس والدعاية ضد النظام السياسي في إيران.