أخبارمنوعات

موجة ( كورونا ) العالمية تمهد لظهور متحورات أكثر خطورة

يحذر علماء من دخول العالم مرحلة خطيرة جديدة من الجائحة، لأن الموجة الثالثة من فيروس كورونا، تهيئ أرضا خصبة لتوليد مزيد من المتحورات الجديدة المعدية، التي من المحتمل أن تكون مقاومة للقاحات.
انتشار موجة كوفيد -19 في جميع أنحاء العالم، مع إعلان منظمة الصحة العالمية عن زيادة حالات الإصابة الجديدة 8 في المائة والوفيات 21 في المائة في أسبوع واحد فقط، تتشابه مع الظروف في ذروة الجائحة العام الماضي، عندما ظهرت أربعة متحورات فيروسية شديدة العدوى.
يقول علماء الفيروسات، إن فيروس كورونا – سارس- كوف -2 المسبب لمرض كوفيد -19، ربما يكون قد تطور بالفعل إلى أشكال أكثر تهديدا، لكن لم يتم اكتشافها حتى الآن، لأنها لم تصب عددا كافيا من الناس.
قال نيك لومان، أستاذ علم الجينوم الميكروبي في جامعة برمنجهام في المملكة المتحدة، “تفاجأنا أكثر من مرة بتطور المتحورات، على الرغم من أنه ربما لم يكن علينا أن نتفاجأ، لأن الفيروس انتقل أخيرا إلى البشر ولا يزال يتكيف مع حاضنيه الجدد”. أضاف، “شعرنا بالعجز أمام هذا الفيروس من قبل ولا يمكن لأحد أن يتوقع بثقة ما سيحدث في المستقبل”.
قالت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي، إن متوسط حالات الإصابة العالمية ارتفع إلى 540 ألف إصابة يوميا، ووصل متوسط أعداد الوفيات إلى نحو 70 ألفا أسبوعيا، بسبب المتحوردلتا الأكثر قابلية للانتقال.
إضافة إلى الانتشار في الدول ذات معدلات التلقيح المنخفضة، وجدت دراسة أجراها معهد النمسا للعلوم والتكنولوجيا، نشرت في مجلة “ساينتيفيك ريبورتس”، أن خطر ظهور سلالات مقاومة للقاحات كان أعلى عندما تم تطعيم أكثر من 60 في المائة من السكان، وتم رفع التدابير الأخرى – خاصة ارتداء الأقنعة والقيود المفروضة على التواصل الاجتماعي.
وذكرت الدراسة “إن ظهور سلالة مقاومة في ذلك الوقت قد يؤدي إلى جولات متسلسلة من تطور السلالة المقاومة، بحيث يلعب تطوير اللقاحات دور اللحاق بالركب في سباق التسلح التطوري ضد السلالات الجديدة”.
تمت تسمية “المتحورات المثيرة للقلق” في منظمة الصحة العالمية، وهي أخطر فئاتها، بالأحرف اليونانية ألفا وبيتا وجاما ودلتا. ظهرت جميع المتحورات الأربعة في النصف الثاني من 2020، على الرغم من أن انتشار المتحورات الأكثر قابلية للانتقال على نطاق أوسع استغرق بعض الوقت. تشمل فئة “المتحورات المهمة” – المشتبه في كونها أكثر قابلية للانتقال أو مقاومة للقاح – إيتا، وإيوتا، وكابا، ولامدا.
يقول علماء إنه لا مفر من حدوث تطورات أخرى للفيروس بسبب الطريقة التي يمكن بها تغيير الشفرة الجينية من خلال الأخطاء في آلية النسخ أثناء النسخ المتماثل. معظم الطفرات محايدة، ولكن في بعض الأحيان يزيد إحداها من “لياقة” الفيروس، ما يمكنه من إصابة الخلايا البشرية بسهولة أكبر.
ماريا فان كيركوف، المسؤولة التقنية في منظمة الصحة العالمية، قالت عن مكافحة كوفيد -19، “نحاول أن نفهم لماذا المتحور دلتا أكثر قابلية للانتقال”. أضافت، “تسمح بعض الطفرات للفيروس بالالتصاق بالخلية بسهولة أكبر وبالتالي إصابتها بالعدوى”.
يعد المتحور دلتا أكثر قابلية للانتقال من المتحور ألفا بمعدل ضعف ما تم تسجيله أول مرة في إنجلترا، الذي كان نفسه أكثر إصابة للعدوى 40 في المائة من الأشكال السابقة للفيروس التي تم اكتشافها لأول مرة في الصين.
قال لومان، من جامعة برمنجهام، إن عدد التكاثر الأساسي R0، الذي يقيس قابلية الانتقال، يقدر بنحو ثلاثة للفيروس الأصلي في ووهان وقريبا من ستة للمتحور دلتا. هذا يعني أنه إذا كان هناك شخص مصاب بالمتحور دلتا بين مجموعة من الأشخاص غير المحصنين بلقاح، أوبعدوى سابقة، أوباتخاذ تدابير التباعد الاجتماعي، فإنه سينقله إلى ستة أشخاص آخرين.
معظم المتحورات المثيرة للقلق أو الاهتمام تراكمت حول 20 طفرة فردية في 30 ألف حرف كيميائي حيوي تشكل الشفرة الجينية. يهدف بحث جزيئي أجراه علماء فيروسات مثل رافي جوبتا، أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة كامبريدج، إلى توفير فهم أكبر لكيفية تأثيرها في سلوك سارس- كوف -2.
قال جوبتا إن التغيرات في بروتين سبايك، الذي يمكن الفيروس من دخول الخلايا البشرية بشكل أكثر فاعلية، تبدو أكثر أهمية، على الرغم من أن الأمر يستلزم إجراء مزيد من البحوث. أضاف، “نحن نعرف بعض الطفرات المتضمنة لكننا لا نعرف القصة كاملة”.
من بين المتحورات الحالية، يبدو أن بيتا، الذي ظهر في جنوب إفريقيا، هو الأكثر قدرة على إصابة المحصنين باللقاح مرة أخرى. المخاوف بشأن بيتا قادت المملكة المتحدة إلى وضع فرنسا في فئة “القائمة الصفراء” الخاصة بالسفر. خبراء فرنسيون يقولون إن المملكة المتحدة أساءت التقدير، لأن دلتا يحل محل بيتا بسرعة باعتباره المتحور السائد في فرنسا.
نسبة الحالات المصابة بالمتحور بيتا في فرنسا انخفضت من نحو 20 في المائة في بداية حزيران (يونيو) إلى 2 في المائة، وفقا لقاعدة بيانات نيكست ستراين Nextstrain.
“المتحور بيتا حل محله المتحور دلتا في كل مكان انتشرا فيه بشكل مشترك. إنه أقل لياقة”، حسبما قالت سيلفي فان دير ويرف، عالمة الوراثة الجزيئية في معهد باستور في باريس.
العملية الدقيقة التي يكتسب الفيروس من خلالها سلسلة من الطفرات ذات التأثير الكافي ليتأهل باعتاره متحورا جديدا، لا تزال أمرا غامضا، على الرغم من أنه قد يحدث في بعض الأحيان مع شخص يعاني إصابة بالعدوى لمدة طويلة.
درس جوبتا وزملاؤه مريضا في كامبريدج يعاني ضعفا في جهاز المناعة تكاثر فيه الفيروس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر قبل وفاته. تطورت سلسلة من الطفرات بشكل مشابه لتلك التي لوحظت في المتحور ألفا، على الرغم من أن هذا المتحور الفردي لم يصيب أي شخص آخر.
قال أوليفر بيبوس، أستاذ التطور والأمراض المعدية في جامعة أكسفورد، “هناك بعض البيانات من البرازيل تشير إلى أن المتحور جاما ربما تطور هناك من خلال أشكال وسيطة بطريقة تدريجية خلال الموجة الأولى من الجائحة، على الرغم من عدم وجود مراقبة كافية للجينوم في ذلك الوقت لفهم العملية”.
لم يتضح بعد إلى أي مدى يمكن أن يتطور فيروس سارس- كوف -2، لأنه يتكيف مع مجموعة أشخاص حاضنين له يتم تحصينهم بشكل متزايد من خلال الإصابة بالعدوى والتلقيح.
معظم الفيروسات التي تستمر في البشر أصبحت في النهاية أقل ضراوة على مدى عقود أو قرون – يعتقد أن بعض سلالات فيروس كورونا التي تسبب الآن أعراضا شبيهة بالزكام الخفيف قد بدأت تسبب مرض أكثر خطورة – لكن العلماء يحذرون من أن هذه ليست عملية حتمية.
حذرت كيركوف، من منظمة الصحة العالمية، قائلة: “كلما زاد انتشار الفيروس، ستزداد أشكاله المتحورة. لن يكون دلتا آخر متحور مثير للقلق”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى