منوعات

موجات الحر… كيف تؤثر على صحتك الجسدية والعقلية؟

اعتُبرت الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر يوليو الأكثر سخونة على الإطلاق، وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية ووفق بيانات من خدمة «كوبرنيكوس لتغير المناخ» الممولة من الاتحاد الأوروبي.

وما زالت هذه الحرارة الشديدة ترتبط بموجات حر تجتاح العالم بما في ذلك أميركا الشمالية وآسيا وأوروبا، فضلاً عن تسببها في اندلاع حرائق غابات في كندا.

ونظراً لارتفاع درجات الحرارة، يشعر الكثير من الناس بالقلق. لذا فإن فهم كيفية تأثير الحرارة على صحتك هو أمر مهم للبقاء بصحة جيدة.

كيف تؤثر الحرارة الشديدة على الجسم؟ تقول الدكتورة إيليني هوراتاس – طبيبة طب الطوارئ في مستشفى كليفلاند كلينك أكرون جنرال – إن «جسم الإنسان لديه نطاق معين من درجات الحرارة حيث يمكن للأعضاء أن تعمل فيه بشكل صحيح. ويؤدي التعرض لدرجات حرارة (باردة أو ساخنة) خارج هذا النطاق إلى محاولة جسمك للتكيف كي يحافظ على نفسه داخل النطاق الطبيعي».

«ومع ارتفاع درجة حرارة الجسم، يبدأ الدم في الانتشار مقترباً من سطح الجلد ويبدأ الجسم في التعرق أكثر. ومع تبخر العرق، فإن ذلك يساعدك في تنظيم درجة حرارة جسمك. ومع ذلك، إذا كانت درجة الحرارة مرتفعة جداً، أو لم يكن لديك سوائل كافية أو كانت الرطوبة مرتفعة جداً بحيث لا يتبخر العرق بشكل فعال، فعند ذلك يبدأ جسمك في الشعور بالحرارة الزائدة».

وتوضح الدكتورة هوراتاس أن «الحرارة الشديدة تؤدي إلى زيادة استجابة جسمك من أجل الحفاظ على درجة حرارة طبيعية. وهناك حدود لما يمكن أن يتكيف معه جسمك، لذا فإن درجات الحرارة المرتفعة بشكل كبير يمكن أن تطغى على نظام الجسم الجوهري وتؤدي إلى فشل الجسم في الحفاظ على بيئة متوازنة، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى فشل الأعضاء (الدماغ والكلى والقلب غالباً)».

وفي حال عدم تمكن الجسم من الحفاظ على درجة حرارة صحية، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى إجهاد حراري أو ضربة شمس، ومن بين علاماتها ما يلي:

• التعرق الشديد

• الإغماء

• نبض سريع أو ضعيف

• الغثيان

• التقيؤ

• تشنجات العضلات

• التعب • الدوخة

• الصداع

وقال الدكتور جاستن كاهيل، رئيس قسم طب الطوارئ بمستشفى بريدجبورت في ولاية كونيتيكت الأميركية: «استجابة لدرجات الحرارة الشديدة، تحاول أجسامنا الحفاظ على درجة حرارتنا الداخلية عند 37 درجة مئوية.

وغالبا ما يتم تحقيق ذلك عن طريق التعرق. وإذا كان شخص ما يجهد نفسه في الحر أو كان يعاني من حالة طبية سابقة، فقد لا يتمكن جسمه من الحفاظ على درجة حرارة داخلية طبيعية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق الحراري أو ضربة الشمس».

تأثير الحرارة على الصحة العقلية تؤثر الحرارة على مستويات هورمون السيروتونين، وهو الناقل العصبي الأساسي الذي ينظم الحالة المزاجية.

لذلك يمكن أن تؤدي الحرارة المرتفعة إلى زيادة مستويات التوتر والإرهاق وانخفاض مستويات الفرح والسعادة.

وترى الدكتورة جينيفر باهرمان، وهي عالمة نفس في مركز UTHealth Houston أنه «مع ارتفاع درجات الحرارة، فإن التأثير لا يكون فقط على رفاهيتنا الجسدية، ولكن أيضاً على رفاهيتنا وصحتنا العقلية. وتشمل الآثار الجانبية الإشاعة للحرارة على الصحة العقلية: الخمول، والتغيرات في أنماط النوم (مثل الأرق)، فضلاً عن زيادة التهيج والغضب والقلق والاكتئاب والتوتر».

وأضافت باهرمان أن الحرارة المرتفعة يمكن أن تؤثر أيضاً على الأداء الإدراكي للدماغ. وعلى وجه التحديد، يمكن أن تضعف الذاكرة العاملة والتركيز والانتباه وسرعة رد الفعل. ويمكن أن يؤدي العجز في هذه الجوانب إلى تغييرات في قدرة الفرد على رعاية نفسه بشكل فعّال، وحل المشكلات، والتركيز، ووضع الخطط، والحكم على الأمور بشكل جيد.

وقالت باهرمان: «في حين أن تأثير الحرارة على الإدراك يشمل جميع الأفراد والفئات العمرية، فإن الأشخاص المصابين بالخرف معرّضون بشكل خاص لخطر متعلق بهذا. إنهم معرّضون بشكل متزايد لخطر تدهور الحال الصحية وحتى لخطر الوفاة لأن قدرتهم على حل المشكلات والعناية بأنفسهم تتأثر بالفعل بضعف الإدراك العصبي لديهم وتتفاقم بسبب تأثيرات الحرارة على الأداء الإدراكي».

وبالإضافة إلى ذلك، فإن ما إذا كان الشخص يفضل الطقس البارد أو الحار يمكن أن يؤثر أيضاً على صحته العقلية أثناء موجة الحر.

«كيف تؤثر ظروف الطقس على الحالة المزاجية هو أمر يرتبط على الأرجح بالشخصية وبالتفضيلات الشخصية أكثر من درجة الحرارة الفعلية للحرارة أو البرودة» وفقا لما قالته الدكتورة مايرا مينديز، المعالجة النفسية ومنسقة برنامج للإعاقات الذهنية والنمائية وخدمات الصحة العقلية في مركز بروفيدانس سانت جون لتنمية الطفل والأسرة في سانتا مونيكا، كاليفورنيا.

وأوضحت مينديز: «على سبيل المثال، إذا كان لدى الشخص عقلية أنه يفضل درجات الحرارة الباردة، فقد يشعر بتحسن في الحالة المزاجية خلال أوقات العام عندما يكون الجو أكثر برودة ما يؤدي إلى الشعور بالسعادة وزيادة الطاقة وحماس الحياة».

وفي المقابل، «قد يعاني الأشخاص الذين يفضّلون الطقس الأكثر برودة من مزاج سلبي متزايد عندما ترتفع درجات الحرارة. قد يواجهون ضغوطاً متزايدة لأنهم لا يتحمّلون درجات الحرارة الدافئة جيداً».

وأضافت مينديز أن هذا يعني أنهم قد يعانون من التهيج، وعدم الراحة الجسدية، وربما الألم بسبب الميل المتزايد لتورم الجسم المرتبط بالحرارة.

عوامل تعرّضك لخطر أكبر هناك عوامل تجعل الشخص أكثر عرضة للتأثر سلباً بدرجات الحرارة المرتفعة.

ومن بين الأشخاص المعرّضون لخطر أكبر أولئك الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً والرضع والأطفال الصغار والأشخاص الذين يتناولون الأدوية التي تؤثر على قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة.

وعن ذلك قالت هوراتاس: «الأدوية التي تؤثر على ذلك يمكن أن تحد من قدرة جسمك على التكيف وتبريد نفسه ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم والشعور بالجفاف».

كما أن مرض السكري وأمراض القلب تعرض الأشخاص لخطر أكبر.

وقد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة عندما يبذلون جهداً، مثل العمل أو السير في الحر لفترة طويلة نسبياً.

نصائح لحماية صحتك من الحر قالت الدكتورة هوراتاس: «حاول تجنب الهواء الطلق أثناء ساعات ارتفاع الشمس (من 10 صباحاً إلى 4 مساءً)، وتأكد من شرب الكثير من الماء والسوائل لتعويض الحجم المفقود في التعرق».

وأوصت هوراتاس بأنه «إذا كنت بحاجة إلى أن تكون في الحر، فتأكد من أخذ فترات راحة متكرّرة حتى تبرد جسمك، وقلل من تناول الكافيين أو المكملات الغذائية الأخرى التي يمكن أن تزيد من خطر إصابتك بالجفاف».

وفي الأيام الحارة للغاية، يوصي الدكتور كاهيل بالبقاء في مكان مكيف الهواء.

وينصح الدكتور كاهيل بأنه «إذا كان عليك العمل في الحر، فتأكد من بقائك مرتوياً وحماية بشرتك من أشعة الشمس (بواق من الشمس و/أو بالملابس الخفيفة). وإذا شعرت بأي شعور بالضعف أو الدوخة أو الدوار، فحاول أن تجد مكاناً بارداً لتستريح فيه. وإذا لم تتحسّن حالتك، فعليك بالتماس الرعاية الطبية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى