إقتصاد

مصر وتركيا من الاستبعاد الاستثماري… إلى ملاذات

تحوّلت مصر وتركيا من الاستبعاد الاستثماري فجأة إلى ملاذات غير متوقعة، وسط معاناة أسهم الأسواق الناشئة من أسوأ شهر أغسطس منذ عام 2015.

يأتي ذلك، بعد أن كانت الأسهم المتداولة في إسطنبول والقاهرة هي أكبر الرابحين بين نظيراتها خلال الشهر الماضي، متحدية تراجعاً بنسبة 5.8 في المئة في الأسواق الناشئة. وساعدت إعادة ضبط سياسة الدولتين والشراء من قبل المستثمرين المحليين الذين يسعون للتحوط ضد ارتفاع التضخم في حماية أسواقهم من تداعيات المشاكل الاقتصادية المتصاعدة في الصين وتصريحات «الفيديرالي» الأميركي التي تؤكد استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة.

ويعد ذلك تحولاً حاداً مقارنة بالأشهر السبعة الأولى من العام، عندما سجلت الأسهم التركية والمصرية بعضاً من أكبر الخسائر المقوّمة بالدولار في الأسواق الناشئة.

وقال الإستراتيجي في «تيليمر» بدبي، حسنين مالك لـ«بلومبرغ»: «إن التصحيح المتعثر للسياسات في أسواق مثل مصر وتركيا، وأيضاً في نيجيريا وباكستان، أعادها إلى رادار المستثمرين الذين مازالوا يعالجون ندوب سنوات من تخفيض قيمة العملة أو رأس المال المحاصر، وبما أن التوقعات الجيدة متدنية للغاية فإن أي علامة على تحسن جدي تستحق الاهتمام».

وفي تركيا، أشار الرئيس رجب طيب أردوغان إلى أنه سيمنح وزير المالية الجديد ومحافظ البنك المركزي بعض الفسحة للابتعاد عن السياسات غير التقليدية – بما في ذلك تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية – بعد فوزه في الانتخابات في مايو. ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 7.5 نقطة مئوية في أغسطس، ما يزيد بكثير على المتوقع، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم والعملة والسندات في البلاد.

وفي الوقت نفسه، دفع التضخم الذي يقترب من 50 في المئة سنوياً وتقلب الليرة المستثمرين المحليين إلى استثمار مدخراتهم في الأسهم، حيث تعكس الأسهم الأرباح الاسمية، وطالما أن الشركات قادرة على نقل التضخم المرتفع إلى العملاء، فإن قيم الأسهم تتضمن تأثير ارتفاع أسعار المستهلك، وهذا يمكن أن يجعل الأسهم جذابة للمستثمرين الذين يتطلعون إلى تقليل التآكل في مدخراتهم.

وقفز مؤشر بورصة إسطنبول 100 القياسي بنسبة 44 في المئة بالعملة المحلية هذا العام، ولم يتغير كثيراً من حيث القيمة بالدولار بسبب انهيار الليرة بنسبة 30 في المئة. ويتداول مقياس الأسهم بنحو 10 أضعاف الأرباح المتوقعة لأعضائه، فيما بدأت مكاسب التقييم في أواخر شهر مايو عندما تم تداوله بأقل من 5 مرات، وهو أحد أرخص الأسعار في العالم.

وارتفع مؤشر الأسهم المصرية بنسبة 29 في المئة هذا العام بالعملة المحلية، لكنه ارتفع 3 في المئة فقط بالدولار بعد انخفاض قيمة الجنيه في يناير، وبعد ذلك تم تداول الجنيه مستقراً نسبياً. وذكر صندوق النقد الدولي أنه ينتظر رؤية صفقات خصخصة لأصول الدولة ومرونة حقيقية في العملة المصرية قبل إجراء المراجعة الأولى لبرنامج إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار.

وفي الوقت الذي تكافح فيه البلاد مع التضخم القياسي وأسوأ أزمة في العملات الأجنبية منذ سنوات، يستعد المستثمرون الأجانب لانخفاض حاد آخر في الجنيه المصري ويفضلون الابتعاد عنه، لكن بالنسبة للمصريين، فإن سوق الأوراق المالية يعد ملجأ من التضخم الذي يصل 37 في المئة.

وفي أماكن أخرى، تعد الأسهم في بودابست ثالث أفضل الأسهم أداءً في الأسواق الناشئة الشهر الماضي. ومع أرباح متوقعة تبلغ 5.9 أضعاف، تظل أرخص من معظم أقرانها في المنطقة، بما في ذلك بوخارست وبراغ.

ويواجه الاقتصاد المجري عدداً لا يحصى من التحديات مثل الركود المستمر، والعجز القياسي في الميزانية منذ بداية العام وحتى الآن، وأعلى معدل تضخم وتكاليف الاقتراض في الاتحاد الأوروبي. كما فشل رئيس الوزراء فيكتور أوربان أيضاً في إطلاق أموال الاتحاد الأوروبي المهمة، والتي تم تعليقها بسبب مخاوف تتعلق بالكسب غير المشروع وسيادة القانون.

وتمثل أوزان تركيا ومصر والمجر مجتمعة نحو 1 في المئة من مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، ما يعني أنه سيتعين على المستثمرين الابتعاد عن المخصصات القياسية للاستفادة من أدائهم المتفوق.

وقال رئيس الإستراتيجية الكلية في شركة FIM Partners UK المحدودة في لندن تشارلي روبرتسون: «إن تركيا ومصر والمجر صغيرة جداً في مؤشرات MSCI للأسواق الناشئة، لدرجة أن معظم المستثمرين لن يتعرضوا لها مطلقاً». هذا أمر مؤلم فقط عندما تحصل على ارتفاع كبير في السوق، كما رأينا في تركيا».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى