مستقبل الديموقراطية في ظل الاحتجاجات السياسية حول #العالم
بدأ العالم منذ ما يقرب من عام، في اتخاذ أولى إجراءات الإغلاق المرتبطة بمكافحة تفشي ڤيروس كورونا المستجد، مما أدى إلى شبه اختفاء للمتظاهرين السياسيين من الشوارع.
وفي أثناء الأشهر الأولى من ظهور أزمة كورونا، لجأ المتظاهرون لتجربة ممارسة نشاطهم عبر الإنترنت، أو من خلال إقامة فعاليات من داخل السيارات، أو بصور أخرى للمشاركة في ظل الحفاظ على التباعد الاجتماعي.
ويقول صمويل برانين، وهو أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إنه كان من الواضح أن الاحتجاجات الجماعية ستعود سريعا، على الرغم من الوضع الاستثنائي الذي يمر به قطاع الصحة العامة حول العالم.
وقد أدت الآثار السلبية المترتبة على انتشار مرض «كوفيد- 19»، إلى تفاقم المظالم الرئيسية التي كانت قد أدت إلى نزول المتظاهرين إلى الشوارع بأعداد متزايدة على مدار العقد الماضي.
ويقول برانين في تقرير له نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن المتظاهرين عادوا في أواخر ربيع عام 2020 في عدد من دول العالم، حيث بدأ ذلك أولا مع تزايد الاحتجاجات المتعلقة بقرارات الإغلاق نفسها، ثم أدت مجموعة من المظالم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المرتبطة بعدم المساواة والفساد وأعمال العنف من جانب قوات الشرطة، إلى تأجيج المظاهرات من جديد.
ويشير الباحث والمخطط الاستراتيجي الأميركي، برانين، إلى أن هناك 68 دولة شهدت ظهور حركات احتجاجية جماعية على مدار العام الماضي، حيث اندلعت أعمال عنف مرتبطة بالاحتجاجات في أكثر من 18 دولة، وهو ارتفاع حاد ومثير للقلق عما شهده عام 2019.
أما في عام 2021، ومع استمرار الاحتجاجات السياسية الجماعية العالمية في الزيادة، من حيث حجمها ونسبة تكرارها عبر القارات والدول، فمن المهم طرح سؤالين مهمين، وهما:
هل ستحقق تلك الحركات الاحتجاجية تغييرا سياسيا له مغزى؟ وأي منها سيتحول إلى صورة أكثر عنفا، لاسيما من حيث رد فعل قوات الأمن الحكومية؟
ويرى برانين أن هناك أهمية فريدة للسؤالين، فيما يتعلق بأهداف السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ونائبته كمالا هاريس، وأولويات تلك الأهداف المتمثلة في تعزيز حقوق الإنسان وتنشيط الديموقراطية في الداخل والخارج. كما تعتبر الإجابة على هذين السؤالين محورية أيضا في التنافس على النفوذ الدائم في العالم بعد انتهاء أزمة ڤيروس كورونا، بين الديموقراطيات والدول الاستبدادية، لاسيما الصين وروسيا.
وقال برانين إن الاحتجاجات السياسية صارت العلامة الأكثر وضوحا فيما يخص النضال من أجل الديموقراطية في دول العالم، وهي تستحق اهتماما ودعما من نوع خاص. وقد تمثل هذا العام نقطة تحول فيما كانت تعتبر حقبة من الاحتجاجات السياسية العالمية المتزايدة التي استمرت للعديد من العقود.
وقد اجتاحت الاحتجاجات روسيا في يناير وفبراير من العام الحالي، دعما لزعيم المعارضة السياسية، أليكسي نافالني، الذي اعتقلته السلطات الروسية في مطار موسكو لدى عودته من ألمانيا، حيث أمضى نحو 5 أشهر للتعافي من محاولة تسميمه بغاز أعصاب، وهي واقعة يتردد أن الحكومة الروسية تقف وراءها.
وعلى الرغم من الطابع السلمي للاحتجاجات الروسية التي شارك بها أكثر من 100 ألف متظاهر فيما لا يقل عن 120 مدينة، مارست الشرطة الروسية القوة المفرطة لقمع الحركة الاحتجاجية. كما ترددت أنباء عن اعتقال أكثر من 10 آلاف شخص على صلة بالاحتجاجات.
ومن المؤكد أن هناك أمل في موسكو، أن يتم تهدئة الاحتجاجات الشعبية والمطالب الخاصة بالإصلاحات الديموقراطية في الداخل أولا ثم على الصعيد العالمي فيما بعد.
وردا على ذلك، أظهرت إدارة بايدن وجها مختلفا تماما في الداخل والخارج بشأن الاحتجاجات السياسية الجماعية، وذلك بالمقارنة مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وقد أعرب بايدن وغيره من كبار مسؤولي الأمن القومي، بصورة روتينية، عن دعمهم لحقوق المواطنين الأساسية في الاحتجاج السياسي السلمي.