رغم كثرة الأعمال التي قدمها في طفولته وشبابه، فإن الفنان مؤمن حسن توقف عن التمثيل حوالي 15 عاماً، قبل أن يعود ويظهر مجدداً في لقاءات تلفزيونية متفرقة مع استعداده للوقوف أمام الكاميرا مجدداً، لكن تبقى أعماله في الطفولة خالدة بالأعمال السينمائية المميزة التي شارك بها. ومزيد من التفاصيل في اللقاء التالي:
● لمن تدين بالفضل لدخولك المجال الفني؟
– أدين بالفضل لدخولي مجال التمثيل لشقيقتي الكبرى د. نبيلة حسن، التي تشغل اليوم منصب عميد المعهد العالي للفنون المسرحية بالإسكندرية، فنحن 5 أشقاء، ثلاثة منا عملوا بالتمثيل في طفولتهم، والاثنان الآخران لم يعملا به، وكانت بداية تعرفنا على الوسط الفني من خلال المدرسة وتحديداً من خلال موهبة نبيلة في التمثيل، إذ كانت تشترك بالعروض المسرحية المدرسية بشكل منتظم، وفي كل عام تتم الاستعانة بمخرج من التلفزيون لإخراج العرض المسرحي للطلاب، ومن هناك تم اكتشاف موهبتها.
وسبقني شقيقي نادر، وشقيقتي د. نبيلة في التمثيل، بينما باقي أشقائي لم يدخلوا مجال التمثيل وليس لهم علاقة به، وكل منا نجح في إثبات نفسه بعيداً عن الآخر بموهبته وقدرته على تقديم أعمال مختلفة، فشقيقتي قدمت شارة برنامج “سينما الأطفال” الشهير، وشاركت بالعديد من الاعمال وكذلك شقيقي.
وخلال مرافقتي لوالدتي مع شقيقتي د. نبيلة وهي طفلة بأحد العروض التلفزيونية التي كان يفترض أن تظهر بها، فوجئت بمن يمسك يدي ويطلب من والدتي أن تجيء معنا حتى أدخل في اختبارات من أجل تقديم عمل فني، ودخلت بالفعل في الاستوديو الذي كان يتم التصوير به داخل التلفزيون وهو ستوديو 10 ووجدت الفنانين يحيي شاهين وزبيدة ثروت هناك، إضافة إلى المخرج فايز إسماعيل حيث كان يجري التحضير لمسلسل (وفاء بلا نهاية).
● كيف عرض عليك الانخراط في العمل؟
– وفي الاستوديو بدأ الحديث معي عن الدور الذي سأقوم بتصويره وبالفعل صورت دوري وعرض العمل بعدها على الفور وحظي بنجاح كبير بمتابعته وكانت فرصة جيدة بالنسبة لي لأن كثيرين عرفوني، وبدأ المخرجون يسألوا عني وعن اسمي ليتم ترشيحي لأعمال أخرى بشكل متتالٍ وأبدأ مسيرتي الفنية، إذ قدمت عدداً كبيراً من الأعمال من نهاية السبعينيات وحتى عام 1986.
● كيف كانت تجربتك الأولى؟
– من بين ما أتذكره في التجربة الأولى هي حركتي الكثيرة في الاستوديو للدرجة التي دفعت والدتي لأن تمسك بي بيدها كي أتوقف عن اللعب خلال الوقت الذي أكون موجوداً فيه، ولا يوجد لدي مشاهد أقف فيها أمام الكاميرا، وهو أمر كان يتفهمه فريق العمل كطفل صغير لا أتوقف عن اللعب والحركة باستمرار.
خلال هذه الفترة، لم أكن أعتذر عن أي عمل إلا إذ كان متعارضاً في مواعيد التصوير وأماكنها، لكن بخلاف ذلك كنت أشترك في أي أعمال أرشح لها سواء في السينما أو التلفزيون وحتى المسرح، فعشت طفولة جميلة في بلاتوهات التصوير، إلى درجة أنني في كثير من الأحيان كنت أضطر للمذاكرة في البلاتوه قبل الامتحانات.
● كيف كنت تجمع بين الدراسة والتمثيل؟
– أتذكر أن أحد الأعمال الدرامية كنت أقوم بتصويره في تونس وهو مسلسل “مجنونة مجنونة” وحصلت على إجازة من المدرسة، وعدت خصوصاً لحضور الامتحانات في موعدها وسافرت بعدها لاستكمال التصوير، فكان الفن هو حياتي التي عشتها وأحببته بشدة، لدرجة أنني شعرت بالحزن من عدم تمكني الالتحاق بمعهد التمثيل بعدما رفعت درجة القبول في العام الذي أنهيت فيه دراستي الثانوية والتحقت بكلية التجارة بدلاً من معهد التمثيل الذي وضع شرط المجموع للمرة الأولى ضمن معايير القبول في نفس عدم تقدمي للالتحاق به.
والدي ووالدتي كانا يدعمانني بشدة ولم يتأخرا عني في يوم من الأيام، بالعكس كانا حريصين على إرضائي وإسعادي، وأتذكر أن والدي قام بشراء دراجة باهظة الثمن لي وعمري 12 عاماً وكانت هدية جميلة بالنسبة لي وقتها، فبحكم التصوير ساعات طويلة لم يكن لدي وقت لممارسة العديد من الأنشطة، التي يقوم بها الأولاد في نفس مرحلتي العمرية سواء بممارسة رياضة أو الذهاب إلى النادي أو غيرها من الأمور الحياتية التي يعيشها أبنائي الآن.
● عملت مع كبار النجوم… كيف وجدت تعاملهم معك؟
– أعتبر نفسي محظوظاً بالعمل مع كبار الممثلين والمخرجين في تلك الفترة، ورغم حداثة عمري فإنني استطعت أن التقط تفاصيل كثيرة في التصوير ساعدتني على أن أعرف أموراً قبل أن يخبرني بها المخرجون ومساعدوهم، من بينها مكان الحركة ومكان الوقوف بما لا يسبب وجود ظل لي على الكاميرا خلال التصوير، وغيرها من التفاصيل الفنية التي جعلتني أتعامل مع الكاميرا بحرية وحميمية بالوقت ذاته.
جمعني مع الأستاذ حسين كمال عمل لم يخرج للنور وهو مسلسل تلفزيوني يتشارك في بطولته محمود عبدالعزيز مع نجاة الصغيرة وكان يحمل اسم “ماما نور” وصورنا بالفعل عدة حلقات منه في الإمارات وتحديداً في عجمان، وكان يتولى إنتاجه الإذاعي الكبير وجدي الحكيم، لكن للأسف حدث خلاف ولم تستكمل الفنانة نجاة التصوير وعادت إلى مصر، ورغم ضخامة العمل إنتاجياً، فإنه لم يبصر النور ولم يكتمل وأتذكر أنني أثناء زياراتي لمنزل المخرج حسين كمال جعلني أشاهد حلقتين أو ثلاث من العمل كان قد انتهى منها بالفعل، فهو جاء لخوض تجربة التلفزيون بخلفيته السينمائية والعمل سيكون له شأن كبير لو اكتمل.
● ما الأعمال التي قمت بتصويرها خارج مصر؟
– من الأعمال التي صورتها خارج مصر أيضاً كان مسلسل “الشك” مع كمال الشناوي وعفاف شعيب، وهو مسلسل مهم جداً، ولعبت فيه دور طفل تركه والده مع والدته، وهو من الأدوار التي أحببتها لأن الدور احتوى على مساحة كبيرة للتمثيل، كما جمعني عمل آخر مع الفنان محمود عبدالعزيز، وهو فيلم “الفقراء لا يدخلون الجنة” حيث كنت أحرص على حضور تصوير مشاهده في الفيلم لأقوم بتقليد نفس الحركات التي يقوم بها عندما أجسد دوره في الطفولة، وحتى أشبهه بشكل كامل، فقد تعلمت كثيراً من التجارب السابقة مما جعلني أحرص على تقديم الدور بأفضل صورة ممكنة.
عملت أيضاً مع الفنان محمد صبحي في دور شمس بمسلسل “يوميات ونيس” وكان الدور بالأساس مجاملة للظهور مع شقيقي نادر، كما قمت ببطولة عدة مسرحيات من فصل واحد على خشبة المسرح خلال مرحلة الشباب من بينها “سعد اليتيم”، فكانت التجارب المسرحية بالنسبة لي مهمة، لأنك تعرف رد فعل الجمهور في الوقت نفسه من دون تأخير وهو أمر يكون له مردود إيجابي علي كممثل.
● ما الأدوار المهمة في مشوارك؟
– من الأدوار المهمة التي تعلمت منها واستفدت كثيراً تجربتي مع الفنانة سعاد حسني في فيلم “غريب في بيتي” وما حدث وقتها في الكواليس
لا أنساه، ليس فقط لطيبتها في التعامل معي وكذلك الفنان نور الشريف بل بتفاصيل كثيرة شاهدتها وشعرت بها وبقيت في ذاكرتي، من بينها احترامها لجميع الموجودين بموقع التصوير، فعلى الرغم من أنها كانت النجمة الكبيرة ذات النجومية الساطعة آنذاك والفيلم من إخراج سمير سيف، الذي كان لا يزال في بدايته وأصغر منها في العمر لكنها دائماً ما كانت تنفذ ما يقوله وتقول له “حاضر يا أستاذ”.
عبر ما تابعته أثناء التصوير كنت سعيداً جداً بأن أكون شريكاً في هذا الفيلم، فهم أشخاص كنت تجدهم قبل موعدهم بموقع التصوير، كذلك المخرج سمير سيف، الذي كان يعتبرني من أبناء جيله عندما كبرت وكنت أتحدث معه يقول لي انت من جيلي، فهو من المخرجين الذين تركوا بصمة حقيقية في أعمالهم.
من المواقف التي لا أنساها للفنان نور الشريف مداعبته الدائمة لي قائلا “روح العب مع الأسد يا أشرف” وهي الجملة التي كان يقولها لي حتى عندما كبرت وكنت أصور معه “لن أعيش في جلباب أبي” فكانت هذه الجملة يرددها دائماً لمداعبتي، وكنت أسعد بالحديث معه والاستفادة منه فهو فنان مخضرم ترك بصمة حقيقية في الفن المصري والعربي.
على العكس الكثير من الأطفال لم أتوقف عن الاشتراك في أي أعمال فنية، فأنا أعتبر نفسي واحداً من الاشخاص الذين كبروا أمام الكاميرا، فكنت انتقل من عمل لآخر باستمرار حتى في مرحلة المراهقة لم أنقطع عن التمثيل مطلقاً، لذا أعتبر نفسي “كبرت” أمام الجمهور لم أتوقف مطلقاً، حتى تجربتي في مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي” كنت أصورها خلال الشهر الأخير لي بتأدية الخدمة العسكرية”، وهذا العمل حقق نجاحاً كبيراً مع الجمهور وفتح الباب أمامي لأعمال أخرى كثيرة.
كان هذا النجاح هو السبب في بداية اتخاذي قرار بانتقاء الأعمال التي أقدمها على الشاشة، وليس كل ما يعرض عليّ خصوصاً أنني أصبحت من الوجوه الشابة التي يمكن أن تحصل على البطولة وقدمت بالفعل أكثر من عمل بطولتي مع رانيا فريد شوقي بمسلسل “قطة في سوق السمك” وغيرها من الأعمال التي عرضت، لكنني رفضت أن أشارك في أعمال بمشاهد محدودة لمجرد الوجود خصوصاً أنني كنت حريصاً على الاستفادة من النجاحات، التي حققتها ولئلا أعود إلى الوراء مرة أخرى.
● كيف كانت علاقتك مع النجوم في كواليس العمل؟
– من بين كواليس كثيرة أتذكرها لعبي مع النجوم، إذ كنت أحب في طفولتي لعب الكرة والتهريج، وخلال أحد أيام تصوير فيلم “خمسة باب” جاء لنا الفنان ممدوح عبدالعليم، ووقتها كان التصوير في بلاتوه بعيد، وهو أوج نجوميته كفنان شاب، وقام باللعب معي فترة طويلة وقضينا وقتا طويلاً مع بعضنا بعضاً.
الأمر نفسه بالنسبة للفنان إيمان البحر درويش، الذي تعرفت عليه وقت تصوير فيلم “تزوير في أوراق رسمية” فكنا نقضي الوقت في الراحة بلعب كرة القدم وهي هوايتي التي لم أستطع احترافها والتركيز فيها بطفولتي بسبب اهتمامي بالتمثيل وحبي له.
أعتبر نفسي شاهداً على جزء من التحولات، التي حدثت في السينما والتلفزيون فكبار المخرجين الذين تعاملت معهم في الماضي كنت التقيهم إما في التلفزيون ولاحقاً بأحد الفنادق التي يتم تحديدها لإجراء لقاءات مع المرشحين للأدوار، وكانت الكلمة الأولى والأخيرة للمخرج لكن بعد ذلك أصبح للمنتج كلمة تفوق كلمة المخرج أحياناً، وهو ما لمسته من منتصف التسعينيات تقريباً.
● ما الأسباب التي دفعتك للسفر إلى سلطنة عمان؟
– جزء من دوافعي للسفر خارج مصر شعوري بأن الموهبة لم تعد المعيار الوحيد للعمل، إنما أمور أخرى خاصة، وأن العمر كلما يتقدم بك تكون هناك فرص أكبر للمجاملة والاستعانة بأقرباء للمنتج أو المخرج، وهو الأمر الذي جعلني أتخذ قرار بالسفر إلى الخارج والبقاء نحو عامين أو ثلاثة للعودة وكنت في بداية الثلاثينيات من عمري لكن مر الوقت ولم أعد إلا بعد 15 عاماً.
خلال فترة سفري عملت في مجال التسويق وبعض الأمور الإعلامية وكنت متابعاً ما يحدث في الوسط الفني وبقيت في سلطنة عمان طوال هذه الفترة، لم أشارك بالتمثيل سوى في عمل وحيد قدم عام 2012 مع الفنانة شيرين وهو مسلسل عرض في السلطنة فقط، وعندما عدت إلى مصر للاستقرار، وجدت أن الأمور تغيرت بصورة لم أستطع التأقلم معها لاسيما من ناحية إجراء الاختبارات التي يطلبها المخرجون ويتركون مساعديهم لإجرائها، وهذا أمر لم أره مع كبار المخرجين الذي عملت معهم.
ألتمس العذر لمن يقبل بهذا الأمر، فهو بات وسيلة ربما سائدة بالفعل في الأعمال الجديدة التي يجري العمل بها لكني لا أشعر بالاضطرار لقبول هذا الأمر الذي أراه خطأ كبيراً وبه عدم تقدير خصوصاً لمن يمتلك تجارب سابقة في الوقوف أمام الكاميرا، فكبار المخرجين كانوا يجلسون بحثاً عن الممثلين مهما استغرق الأمر من وقت ومجهود منهم.
● هل اختلف أسلوب العمل في الوقت الراهن؟
– أسلوب العمل اختلف بشكل كبير أخيراً، فعندما بدأت بالتمثيل في أواخر السبعينيات كان التعامل الرئيسي مع التلفزيون ومخرجيه، وهناك كان يذهب للطابق الموجود فيه المخرجون وتجرى الاختبارات وجلسات “الترابيزة” للتحضير للأعمال الدرامية، ومع بداية دخول القطاع الخاص مجال الإنتاج التلفزيوني بدأت هذه الجلسات تنتقل إلى الفنادق القريبة من التلفزيون، والقرار يكون للمخرج ومع الوقت بدأ المنتج يتدخل في قرار المخرج ويؤثر عليه ووصلت لدرجة أنني شاهدت في أحد المرات منتجاً يقرر استبعاد المخرج بسبب رفض المخرج رغبة المنتج بإسناد دور لشخص محدد.
● في بداياتك كنت تشارك في العديد من الأعمال خلال فترة وجيزة؟
– لا أنكر أن بدايتي المبكرة ساعدتني كثيراً بتقديم العديد من الأدوار في فترة زمنية قصيرة خصوصاً أنني وصلت إلى درجة تقديم 10 أعمال في العام، فالأمر كان مرتبطاً بمهاراتي وموهبتي كطفل أجيد التمثيل والتعامل مع الكاميرا، وليس مرتبطاً بحسابات المحسوبية التي بدأت تظهر في الاختيارات عندما أصبحت أكبر سناً، وهو ما أعتبره ترك أثراً سلبياً علي بالمستوى الشخصي ودفعني للسفر بحثاً عن استراحة مؤقتة، لكنها طالت أضعاف المتوقع، وبلغت 15 عاماً وخلال الفترة الحالية هناك أكثر من مشروع للعودة بأعمال جديدة.