أخبارإقتصاد

لماذا لا يؤمن وارن بافيت بـ «البيتكوين»؟

قفزة جديدة لعملة بيتكوين حركت الماء الراكد في سوق العملات الرقمية ودفعت القيمة الإجمالية له مؤقتا فوق 1.8 تريليون دولار، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، تزامنا مع تسجيل العملة الأكثر شهرة مستوى قياسيا أيضا.

خلال يوم الأحد، قفزت العملة الرقمية الرئيسية فوق 61 ألف دولار، بعد هبوطها أسفل مستوى 50 ألف دولار لأسابيع عقب هدوء الخطاب العلني الداعم من شخصيات مؤثرة في السوق أمثال الملياردير إيلون ماسك.

استعادت بيتكوين الزخم مجددا لتؤكد حيوية السوق، وربما قدرتها على الوفاء بتوقعات أكثر المتفائلين إزاء الأصل الافتراضي، والذين يتنبأون باستمرار صعود قيمة العملة المشفرة، حتى أن البعض يتوقع الآن مستويات 75 ألفا وحتى 100 ألف هذا العام، مع العلم أن مستوى 50 ألفا كان نبوءة الماضي غير المقنعة لآخرين.

تشكل بيتكوين وحدها أكثر من 60% من حجم سوق العملات الرقمية الذي يضم قرابة 9 آلاف عملة، ويترجم ذلك إلى أكثر من تريليون دولار من قيمة السوق الأوسع، واستطاعت رفع سعرها إلى 3 أمثال ما كانت عليه في بداية العام (من 20 ألف دولار إلى 60 ألفا في أقل من 3 أشهر).

مع ذلك، لاتزال شخصيات استثمارية مؤثرة في الأسواق، لا تؤمن بالعملة الرقمية ولا ترغب في ضخ الأموال إليها، أمثال الملياردير والمستثمر المخضرم وارن بافيت الذي لا يعتقد بأن بيتكوين نوع حقيقي من الاستثمارات.

ما وراء الزخم

يقول نيل ويلسون المحلل لدى Markets.com، ان الأيام الأخيرة شهدت ارتفاعا في قيمة عملة بيتكوين، في ظل تطلع المستثمرين إلى الوصول الوشيك لشيكات التحفيز التي أقرتها الولايات المتحدة لأغلب مواطنيها.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، تلقت العملة دعما قويا من الخطاب العلني المؤيد لماسك وشركته «تسلا»، إلى جانب جاك دورسي رئيس شركة «تويتر» وحتى فنانين أمثال جاي زد، ومؤسسات مثل «بنك أوف نيويورك ميلون» و«بلاك روك» و«ماستركارد».

منذ بداية مارس، توافد المزيد من المؤسسات الاستثمارية على دعم العملة الرقمية، ما يفسر الصحوة الأخيرة لها، وعلى رأسها المصرف الاستثماري «جولدمان ساكس» الذي أعلن بداية الشهر، إعادة إطلاق مكتبه لتداول العملات المشفرة والذي سيتعامل في عقود بيتكوين الآجلة.

وفي 7 مارس، قالت شركة Meitu الصينية، صاحبة تطبيق الصور الذي يحمل نفس الاسم، إنها اشترت ما قيمته 40 مليون دولار من العملات الرقمية، وتحديدا عملتي «إثيريوم» و«بيتكوين».

لاحقا جمعت شركة التكنولوجيا والخدمات المالية التي تركز على بيتكوين NYDIG نحو 200 مليون دولار من التمويل، وكان من بين الممولين الرئيسيين، مصرف «مورجان ستانلي» وصندوق «سوروس» لإدارة الأصول.

وأعلن بنك «جيه بي مورجان» عن منتجه الخاص الذي يتعرض للعملات المشفرة في التاسع من مارس، وطلب من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية إنشاء سلة من الشركات التي تتعامل في العملات المشفرة بقيادة MicroStrategy وSquare.

وقالت «مايكروستراتيجي» إنها اشترت 15 مليون دولار أخرى من بيتكوين، ليصل إجمالي حيازتها إلى 91326 وحدة من العملة الرقمية، وهو ما تعادل قيمته 5.3 مليارات دولار في 12 مارس (قبل بلوغ المستوى القياسي الأخير).

ويقول المستثمر التقني ومستشار الشركات الناشئة جاك ريان ان القيمة السوقية لعملة بيتكوين ستصل إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2023 (هذه زيادة نحو 4 تريليونات من مستواها الحالي)، والأكثر أنه يتوقع وصولها إلى 20 تريليون دولار بنهاية العقد، حسب موقع «أرقام».

ويرجع «ريان» ذلك إلى ندرة العملة المشفرة التي لن تتجاوز21 مليون وحدة فقط (أنتج بالفعل أكثر من 18 مليون وحدة)، ويقول إن بيتكوين مدعومة بمجموعة من الحوافز التي تشجع أصحابها على ضمان بقائها.

لماذا يرفضها بافيت إذن؟

لا يظهر المستثمر الشهير وارن بافيت أي تغيير في توجهه بشأن العملة الرقمية، والتي وصفها قبل سنوات بأنها «مصيدة فئران مسممة»، مؤكدا في العام الماضي أنه لا يمتلك أي وحدة من بيتكوين أو غيرها من العملات المشفرة، وأنه «لن يفعل ذلك أبدا».

ويرى بافيت، الذي يشتهر باقتناص الاستثمارات في الشركات التي تحقق قيمة مضافة للمستثمرين، أن بيتكوين ليست لها «قيمة حقيقية فريدة على الإطلاق»، ويقول إنها لا يعاد إنتاجها ولا يمكن استخدامها لإرسال شيك عبر البريد.

ويقول الملياردير ان الرهان على بيتكوين يقوم على أمل المستثمر في أن يأتي شخص آخر ويدفع له المزيد من المال لاحقا لشرائها، ولكن بعد ذلك سيواجه هذا الشخص الآخر المشكلة الحقيقية.

لا تستمد بيتكوين قيمة كبيرة من كونها أداة للدفع حيث لايزال استخدمها محدودا في هذا الجانب.

ولا يعتقد بافيت أيضا أن العملات المشفرة تعتبر نقودا. ازدهرت بيتكوين كأصل قابل للتداول، لكن هل تفي بالمعايير الثلاثة للمال؟ وفقا للتعريف الأكثر شيوعا، من المفترض أن يكون المال وسيلة للتبادل ومخزنا للقيمة ووحدة حساب.

لكن بافيت يسميها «سراب»، وقال في عام 2014، إنها لا تفي باختبار العملة، وليست وسيلة تبادل دائمة، وليست مخزنا للقيمة، ويضيف أنها طريقة فعالة للغاية لتحويل الأموال دون الكشف عن الهوية لكن الشيك هو وسيلة لتحويل الأموال أيضا.

الأسوأ بشأن يبتكوين بالنسبة للكثيرين من بينهم بافيت، أنهم لا يفهمونها حقا، وقال الملياردير في عام 2018: أواجه مشكلة كافية مع الأشياء التي أعتقد أنني لا أعرف شيئا عنها، لماذا إذن يجب أن أنخرط في استثمار في شيء لا أعرف عنه شيئا.

ويشير بافيت أيضا للمراهنين على العملة الرقمية بأن «الناس يحبون المقامرة» وهي مشكلة للأصول غير المنتجة، إذ يقول: ما لم تفهمها، ستكون متحمسا أكثر مما لو كنت تفهمها، يمكنك الحصول على أي شيء تريد تخيله إذا نظرت إلى شيء ما وقلت «هذا سحر».

ورغم تسارع خطى المؤسسات وكبار المستثمرين نحو اعتماد العملة الرقمية كوسيلة للاستثمار أو التبادل، لاتزال تحظى بيتكوين برفض واسع النطاق من الهيئات التنظيمية والحكومات.. فهل يكشف الوقت عن حكمة بافيت أم تكون رؤية أشخاص أمثال ماسك وريان أكثر مواكبة للتطورات؟ وماذا عنك أيها القارئ الكريم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى