( لبنان ) : «انفجار الاثنين» يحرك المياه العربية الراكدة
غداة انفجار الاثنين الكبير، وفشل اللقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري في الاتّفاق على حكومة جديدة، والذي بدا أن البلاد دخلت على إثره في أزمة مفتوحة لن تبقى محصورة بالتأليف، بل ستتعداها لتصبح أزمة دستورية، لاحت، أمس، بوادر تحرّك خليجي وعربي تجاه لبنان، بعد أن باتت أسوأ أزمة اقتصادية تعيشها البلاد في تاريخها الحديث تهدد بانفجار أمني لا يمكن التنبؤ بحدوده.
في هذا السياق، استقبل الرئيس عون، بالقصر الرئاسي في بعبدا أمس، سفير المملكة العربية السعودية لدى بيروت وليد البخاري، حيث تباحثا بالتطورات، خصوصاً الأزمة المعيشية.
وقال البخاري، الذي زار بعبدا للمرة الأولى منذ عامين، عقب اللقاء: “بناء على دعوة من الرئيس عون، تشرفت بزيارته لمناقشة أبرز المستجدات، وأكدت له أن المملكة دائماً أعلنت تضامنها مع الشعب اللبناني الصامد في وجه كل الأزمات”.
وأكد أن “الرؤية السعودية في لبنان تنطلق من مرتكزات السياسة الخارجية للمملكة التي تؤكد على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها، وأنها ترى أن سيادة لبنان هي انجاز تاريخي تحقق عبر نضالات الشعب اللبناني الشقيق، ونحن نحترم هذه السيادة”.
وشدد على ضرورة “الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على تلبية ما يتطلع إليه الشعب اللبناني من أمن ورخاء”، داعياً جميع الافرقاء الى “تغليب المصلحة الوطنية العليا والشروع في تنفيذ إصلاحات تعيد للمجتمع الدولي ثقته بلبنان”.
وبينما شدد البخارى على أن “اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان”، داعياً الى احترام كل القرارات الدولية المؤيدة لاستقلال وسيادة لبنان، لاسيما 1559 و1701، قال إن عون رحب بالمبادرة السعودية.
وبحسب المعلومات فإن الموعد بين عون والبخاري حُدد الاثنين بعد التطورات الحكومية وإن عون قدم للبخاري الشروحات حول أسباب الازمة الحكومية والنقاط التي كانت بحاجة لتوضيح. وجاءت زيارة البخاري وزيارة السفيرة الفرنسية لتوحي بان الرئيس عون يقوم بجولة استطلاع دبلوماسية خصوصا مع تزايد التحذير من انفجار أمني قد تنزلق معه البلاد الى مواجهة أهلية اذا بقي الوضع مكشوفاً.
قد كشفنا معلومات عن تسليم الوزير السابق القاضي سليم جريصاتي، البخاري – خلال لقائهما الأخير – رسالة من عون تتضمن 4 نقاط: «النقطة الأولى تتضمن اعتذاراً عن أي إساءة للمملكة العربية السعودية، واستعداداً لتحسين العلاقات معها، والثانية هي أن الحريري غير قادر على تشكيل حكومة، وأن عون مستعد لتبنّي أي اسم تختاره المملكة ليتولى تشكيل الحكومة، أما الثالثة فهي مطالبة المملكة بتقديم دعم مالي للجيش اللبناني لحمايته من الواقع المالي والاقتصادي المنهار، والنقطة الرابعة هي استعداده للدعوة لعقد طاولة حوار والبحث في الاستراتيجية الدفاعية».
ونقل تلفزيون mtv عن “مصدر سعودي مسؤول” من واشنطن قوله، إن “زيارة البخاري الى قصر بعبدا هي للمساعدة في تخفيف وطأة الانهيار الاقتصادي”، في حين استقبل الحريري في بيت الوسط، سفير الكويت عبدالعال القناعي، وعرض معه آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
كما استقبل عون، أمس، سفيرة فرنسا في لبنان آن غرييو، وعرض معها الأوضاع العامة والتطورات الحكومية الأخيرة. وكان وزير الخارجية الفرنسي لودريان كشف أمس أن باريس طلبت مناقشة ملف لبنان في الاجتماع الوزاري الأوروبي المنعقد في بروكسل، مضيفاً أنه “لا يمكن أن يبقى الاتحاد الأوروبي مكتوف الأيدي ولبنان ينهار”.
وأشارت تقارير صحافية الى أن المحادثات الأوروبية حول فرض عقوبات على شخصيات لبنانية محددة متورطة بالفساد قد قطعت شوطاً مهماً. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تحدّث قبل أيام عن نهج جديد ستعتمده بلاده حيال الملف اللبناني بعد فشل المبادرة الفرنسية.
من ناحيتها، دعت جامعة الدول العربية ساسة لبنان، أمس، إلى العمل سريعا على إنهاء “الانسداد السياسي”، وعرضت التدخل للمساعدة في تجاوز الأزمة.
وقالت الجامعة في بيان: “الأمين العام أحمد أبوالغيط يستشعر قلقا كبيرا جراء ما تشهده الساحة السياسية من سجالات توحي انزلاق البلاد نحو وضع شديد التأزم ملامحه باتت واضحة للعيان”.
وأضافت أن “حالة الانسداد السياسي تفاقم من معاناة الشعب اللبناني”، مشيرة إلى أنها مستعدة “للقيام بأي شيء يطلب منها لرأب الصدع الحالي”.