الصحة

في يومه العالمي..تعرف على طرق معالجة السكري والوقاية منه

ارتفع عدد المصابين بداء السكري من 108 مليون شخص في عام 1980 إلى 422 مليون شخص في عام 2014، حسب أرقام منظمة الصحة العالمية، ودفعت خطورة هذا المرض الأمم المتحدة عام 2007 إلى اعتبار 14 نوفمبر من كل عام يوما عالمي لمرضى السكري

وارتفع معدل الوفيات المبكرة الناجمة عن الإصابة بالسكري بنسبة 5% في الفترة بين عامي 2000 و 2016، وفي عام 2019 كان سببا مباشرا في حدوث ما يناهز 1.5 مليون حالة وفاة، ولذا يسمى بـ”مرض العصر”

وجاء اليوم العالمي للسكري، للاعتراف بالحاجة العاجلة لمتابعة الجهود متعددة الأطراف لتشجيع وتحسين الصحة البشرية، ولإتاحة إمكانية الحصول على العلاج والتثقيف في مجال الرعاية الصحية

وموضوع اليوم العالمي للسكري لهذا العام، هو الوصول إلى رعاية مرضى السكري، فبعد 100 عام من اكتشاف الأنسولين، لم يزل ملايين المصابين بداء السكري في جميع أنحاء العالم عاجزين عن الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها، حيث يحتاج مرضى السكري إلى رعاية ودعم مستمرين لإدارة الحالة الصحية وتجنب المضاعفات، كما تقول الأمم المتحدة

وتتيح الذكرى المئوية لاكتشاف الأنسولين فرصة فريدة لإحداث تغيير ذي مغزى لأكثر من 460 مليون شخص يعانون مرض السكري والملايين غيرهم المعرضين لخطره

كيف نصاب بالسكري؟

يقول الدكتور أحمد نزار، مؤسس مشروع أحمد الطبي الخيري في سوريا، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية” :”علينا أن نتطرق أولا للآلية التي يتعامل بها الجسم مع السكر أو ما يعرف علميا بالغلوكوز، فبعد انتهاء عملية الهضم ودخول الغلوكوز إلى مجرى الدم لتوزيعه على خلايا الجسم، يبدأ عمل هرموني الأنسولين والغلوكاغون المسؤولين عن ضبط مستويات الغلوكوز في الدم، والحفاظ على قيمه الصحيحة”

ويكمل: “حيث يوجد في البنكرياس خلايا تسمى خلايا بيتا وهي حساسة جدا لارتفاع مستوى السكر في الدم، إذ تقوم بإفراز هرمون الأنسولين المسؤول عن دخول الغلوكوز إلى داخل خلايا الجسم، وإلى الكبد حيث يتم تخزينه، كما يوجد في البنكرياس أيضا خلايا تسمى خلايا ألفا المسؤولة عن إفراز هرمون الغلوكاغون المسؤول عن تحرر الغلوكوز المخزن في الكبد في حال انخفاض سكر الدم”

وتابع: “تصاب خلايا بيتا بالضرر، فتنخفض كمية الإنسولين المفرزة مما يمهد الطريق لحدوث السكري، كما يشرح نزار، الذي يضيف :”,إذا ترافقت الحالة مع وجود مقاومة للأنسولين، ,استهلاك كبير للمواد السكرية مترافق مع بدانة وانخفاض النشاط اليومي مما يجعل كمية الأنسولين المفرزة غير كافية لضبط سكر الدم، فمع وجود العاملين السابقين تصبح كمية الأنسولين المفرزة قليلة جدا وغير كافية لضبط السكر في الدم، مما ينتهي أخيرا بالإصابة بمرض السكري”

فكيف يتم تشخيص الإصابة بهذا المرض ؟

يجيب الطبيب السوري: “إن للإصابة بداء السكري أعراض مميزة، وقد تختلف الأعراض تبعا لنمط السكري، و أحيانا قد لا يشعر المريض حتى بأية أعراض في بداية الإصابة أو قد يشعر ببعضها أو جميعها معا، وهي: العطش، والجوع المستمر، وكثرة التبول، وانخفاض الوزن، ووهن عام، وتشوش في الرؤية، بطء إلتئام الجروح، الإصابة المتكررة بالإلتهابات”

عند ملاحظة عرض أو عدة أعراض من السابقة مجتمعة، يجب إجراء تحاليل دموية خاصة لتشخيص الإصابة أو نفيها وهي عدة فحوص دموية من بينها: فحص مستوى السكر في الدم بعد الصيام لمدة لا تقل عن 8 ساعات، حيث يعرف أن المستوى السليم للسكر يجب أن يكون أقل من 108 ملغ / دسل، فإذا كان مستوى السكر الصيامي في الدم أعلى من 125 ملغ / دسل في فحصين متتالين، فإن ذلك دليل على الإصابة ويتطلب التوسع في التحاليل الدموية و البولية و الهرمونية لتحديد نمط السكري و اختيار العلاج المناسب للمريض، من قبل الطبيب المشرف، كما يشرح الطبيب نزار

ما هي أنواع السكري؟

هناك 3 أنواع رئيسية للسكري وهي: السكري من النمط الأول، المعتمد على الأنسولين – السكري الشبابي، الذي يعتقد أنه مرض ذاتي المناعة يهاجم فيه جهاز المناعة خلايا بيتا ويقوم بتدميرها، مما يؤدي إلى انتاج كمية قليلة جدا من الأنسولين أو عدم انتاجه بشكل مطلق

ويعتقد أيضا أن للوراثة و البيئة دور أيضا في الإصابة به، كما يردف نزار قائلا :”يبدأ النوع الأول من مرض السكري بالتطور لدى الأطفال والشباب لكنه قد يظهر في أية مرحلة عمرية، ويحتاج المريض به لاستخدام الأنسولين مدى الحياة”

أما السكري من النمط الثاني: غير المعتمد على الأنسولين، وهو النمط الأكثر انتشارا حيث يحتل نسبة تتراوح بين 90 و 95% من إجمالي المرضى المصابين بمرض السكري، ويرتبط هذا النمط عادة بالتقدم بالسن والبدانة الزائدة والخمول البدني والتاريخ الطبي والعائلي، كما يرى الطبيب

ويقول نزار: “يعاني معظم مرضى السكري من النوع الثاني من زيادة الوزن قبل الإصابة بالمرض، ورغم أن البنكرياس ينتج كمية كافية من الأنسولين غير أن الجسم لا يكون قادرا على استخدام الأنسولين بشكل فعال والاستفادة منه، وهو ما يسمى مقاومة الأنسولين، وللأسف قد ينخفض إنتاج الأنسولين بعد عدة سنوات ويعتبر المريض مصابا من النمط الأول ويحتاج إلى العلاج بالأنسولين أيضا”

ويستطرد :”أما النوع الثالث فهو السكري الحملي، والذي يحدث عندما تصاب المرأة بالسكري خلال فترة الحمل، ويعتبر منتشرا بين النساء الحوامل البدينات ومن يعانين من تاريخ عائلي سابق للإصابة بالسكري، أو سبق وأن أنجبن طفلا تجاوز وزنه 4 كيلو غرام”

ويضيف :”معظم النساء لا تظهر عليهن أعراض الإصابة بسكري الحمل، لهذا يتم فحص نسبة الغلوكوز بين الأسبوعين 24 و28 من الحمل، ولا تعتبر الإصابة مزمنة، بل تعود نسبة السكر لطبيعتها بعد الولادة وفي حالات قليلة قد تتطور إلى سكري من النمط الثاني، في حال وجود عوامل مؤهبة للإصابة واهمال العلاج”

أسباب الإصابة بالسكري

وعن عوامل وأسباب الإصابة بمرض السكري، يقول الدكتور نزار :”هي بشكل أساسي تشمل التالي: “السمنة وقلة النشاط البدني”

كما تشمل الأسباب، بحسب الطبيب السوري “نمط الغذاء حيث يعتمد معظمنا اليوم على الأطعمة السريعة والجاهزة الغنية بالدهون والكاربوهيدرات التي ترفع سكر الدم بدرجة كبيرة، والعمر عندما يزيد عن 45 عاما، والوراثة والقصة العائلية للاصابة بالمرض، وارتفاع ضغط الدم غير المضبوط، وفرط الكولسترول وثلاثي الغليسريد”

أما عن العلاج، فيضيف نزار :”يختلف العلاج تبعا لنمط السكري وحالة المريض واستجابته للعلاج والتزامه بتغيير نمط حياته، فعلاج مرض السكري من النمط الأول، يقوم بشكل أساسي على حقن الأنسولين و مراقبة وتسجيل قيم الغلوكوز بشكل يومي ومتكرر، ويتم قياس غلوكوز الدم إما بواسطة الجهاز المنزلي، لقياس تركيز الغلوكوز بواسطة قطرة دم من الأصبع، أو بواسطة أجهزة إلكترونية متطورة تحت الجلد لقياس تركيز الغلوكوز بالجسم بشكل متعاقب وعلى مدار ساعات النهار”

ويشرح آليات العلاج بالأنسولين التي تعتمد على نمط الأنسولين المحقون، حيث يؤمن العلاج بواسطة الأنسولين طويل الأمد حقنة يومية توفر للجسم كمية الأنسولين الأساسية، مما يساعد المريض على تقبل العلاج نظرا لعدم الحاجة للحقن عدة مرات، أما العلاج بواسطة الأنسولين ذو الفعالية قصيرة الأمد فهو يؤخذ مباشرة بعد تناول الوجبات لموازنة سكر الدم

وعن علاج السكري من النمط الثاني، يقول: “هو يختلف من شخص إلى آخر وذلك بحسب الفحوصات المخبرية و قيم الغلوكوز الدموية، ويشمل العلاج قسمين أساسين، تغيير نمط الحياة و العلاج الدوائي بخافضات السكر الفموية”

ويشمل تغيير نمط الحياة والتغذية الصحية وتخفيض الوزن وممارسة التمارين الرياضية، و إيقاف التدخين و ضبط كوليسترول و شحوم الدم، بهدف تخفيف مقاومة الأنسولين، ودوما حسب الدكتور نزار

أما العلاج الدوائي، فيشمل زمر دوائية عديدة أهمها: الميتفورمين (Metformin): وهو يعد خط علاج أولي خاصة للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة حيث يعمل على تنظيم مستويات سكر الدم، كما يعرف استخدامه في متلازمة المبيض متعدد الكيسات لتخفيف مقاومة الانسولين المرافقة لها

السلفونيل يوريا (Sulfonylurea): حيث يعمل على زيادة إفراز الأنسولين من خلايا بيتا، ومن التأثيرات الجانبية المعروفة والشائعة لهذه الأدوية، كسب الوزن الزائد والهبوط الحاد في تركيز الغلوكوز في الدم

الثيازوليدينيديونز (Thiazolidinediones): هذه الزمرة تقوم بتحسين مقاومة الإنسولين في الجسم وكذلك من الممكن أن تحفز إفرازه

ميغليتينيد (Meglitinides): تعمل أيضا على تحفيز افراز الأنسولين من خلايا بيتا

مثبطات أنزيم ألفا – غلوكوز (Alpha-glucosidase inhibitors): تعمل هذه الأدوية عبر إبطاء امتصاص السكر في الجهاز الهضمي

مثبطات ثنائي ببتيديل ببتيداز- 4 (Dipeptidyl peptidase-4 inhibitor): هذه الأدوية تساعد في عملية تنظيم تركيز الغلوكوز في الدم، كما قد نضطر لاستخدام الأنسولين بدلا عن العلاج الفموي في حال تطور الحالة و صعوبة ضبط سكر الدم

وعلاج السكري الحملي يعتمد بشكل أساسي على تعديل نمط الحياة والغذاء و متابعة مستوى السكر في الدم بشكل مستمر، وقد يتطلب العلاج استخدام الأنسولين في بعض الحالات لحماية الجنين والأم كما يوضح نزار

المضاعفات في حال الإهمال

وفي حال إهمال علاج السكري فإن ذلك ينطوي على مخاطرة كبيرة، تتراوح من مضاعفات بسيطة إلى خطيرة ومهددة للحياة

ويقول نزار: تنقسم المضاعفات إلى مجموعة تظهر على المدى القريب وأخرى على المدى البعيد، ومن أبرز هذه المضاعفات: المشكلات العينية كاعتلال شبكة العين وهذا الاعتلال الذي يصيب بعض الأفراد المصابين بالسكري، ومن المحتمل أن يؤدي إلى إحداث بعض المشكلات في البصر والتي قد تنتهي بالعمى، ويمكن تجنبها بالفحص الروتيني للعين، فضلا عن القدم السكرية، ويمكن أن تنتهي ببتر القدم في حال عدم علاجها بشكل صحيح لذا يطلب مراجعة الطبيب عند ملاحظة اي آفة جديدة في القدم، إضافة إلى السكتات الدماغية والنوبات القلبية حيث يؤدي ارتفاع السكر في الدم إلى إصابة الأوعية الدموية و تلفها”

ومن المضاعفات أيضا: “مشاكل كلوية أهمها الاعتلال والقصور الكلوي، إذ قد يؤدي السكري إلى تلف الكلية على المدى الطويل، مما يؤدي إلى وجود صعوبة في التخلص من السوائل والفضلات، ويطلق على ذلك اسم اعتلال الكلية السكري، كما يضاف لذلك ارتفاع ضغط الدم و الكوليسترول والشحوم الثلاثية وانخفاض نسبة الكوليسترول النافع”

المضاعفات الحادة

أما المضاعفات الحادة فهي التي من الممكن حدوثها في أي وقت من زمن الإصابة بمرض السكري، وقد تؤدي في بعض الأحيان إلى مضاعفات مزمنة أو إلى الوفاة في حال عدم التدخل السريع، كانخفاض سكر الدم الحاد أو ارتفاعه الحاد، وفق نزار

وحول مضاعفات السكري الحملي، يقول :”غالبية النساء يلدن أطفال أصحاء، أما إذا كان السكر في دم المرأة الحامل غير مضبوط ولم تتم مراقبته ومعالجته كما ينبغي، فإن المولود قد يعاني من فرط النمو أو نقص سكر الدم أو اليرقان، وفي حالات نادرة قد تنتهي بموت الطفل

وعن سبل الوقاية من السكري، يجيب :”للأسف لا يمكن منع الإصابة به في حال النمط الأول، إلا أن نمط الحياة الصحي يساهم في الوقاية من الاصابة بالنمط الثاني و الحملي، والقائم على التغذية الصحية و زيادة النشاط البدني و الحفاظ على وزن مناسب، ومؤشر كتلة جسم صحي”

وقد يقرر الطبيب استخدام بعض خافضات السكر الفموية، لتقليل خطر الاصابة بالسكري من النمط الثاني عند وجود خطورة اصابة عالية، و قيم غلوكوز دموية تنذر بالخطر تقترب من 125 ملغ / دسل كالميتفورمين، كما يختم الدكتور أحمد نزار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى