في الضفة الغربية المحتلة كلمة ( مقاومة ) على كل الشفاه بين الشباب
في الضفه الغربيه المحتلة حيث امتلأت الطرق المتعرجة بإطارات السيارات المشتعلة وتناثرت شظايا الزجاج المحطم، تتردد كلمة واحدة «مقاومة».
بعد الصدامات العنيفة في القدس الشرقية المحتلة وباحات المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح على وجه الخصوص التي خلفت مئات الجرحى، والتصعيد الكبير في قطاع غزة الفقير والمحاصر، تشهد الضفة الغربية تعبئة شعبية تضامنية عارمة.
ويقول أشرف أحمد (17 عاما) لوكالة فرانس برس «هذه بداية الانتفاضة الثالثة». في مخيم جنين حيث يقيم، ألصقت على الجدران صور «شهداء» الانتفاضات الفلسطينية السابقة (1987-1993) و(2000-2005).
ويعمل أحمد في متجر صغير للحواسيب في جنين. في المساء، يرتدي قميصا أصفر وحذاء رياضيا ويلتقي أصدقاءه في منطقة الجلمة عند حاجز عسكري إسرائيلي على بعد سبعة كيلومترات إلى الشمال من جنين.
تنبعث عند الحاجز رائحة الغاز المسيل للدموع القوية، بينما تركت الإطارات التي أشعلت آثارها على الأرض.
وينظم الشبان الفلسطينيون في الضفة الغربية والخليل ورام الله ونابلس وبيت لحم ومخيم جنين للاجئين كل ليلة احتجاجات غاضبة ضد القوات الإسرائيلية التي ترد على رشقها بالحجارة، بإطلاق النار.
متحف «الشهداء»
ويقول أحمد إنه رأى «بأم عينه» كيف قتل شخصان في جنين، وهما من بين 24 قتيلا فلسطينيا قضوا بنيران إسرائيلية في الضفة الغربية منذ العاشر من الشهر الجاري، في ما يمكن اعتبارها أسوأ أحداث عنف يشهدها النزاع بين الجانبين منذ عقد.
ويضيف الشاب الذي يؤكد أنه لا يدعم أيا من الفصائل الفلسطينية «أتابع عن كثب ما يحدث في القدس وغزة، الاحتلال الإسرائيلي هو المشكلة الأساسية».
ولطالما اعتبرت مدينة جنين نقطة مركزية للنزاع خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين الماضيتين ضد إسرائيل، وفيها ناد اجتماعي أطلق عليه اسم «متحف الشهداء».
جدران النادي مغطاة بصور شخصية لـ 172 فلسطينيا قتلوا في صدامات سابقة مع الجيش الإسرائيلي.
وينتمي هؤلاء «الشهداء» إلى جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتا الجهاد الإسلامي وحماس اللتان تواجهان إسرائيل من قطاع غزة، وحركة فتح التي يقودها الرئيس محمود عباس.
ويتحدث ضياء أبو واحد، وهو شاب في الثلاثينات، وناشط في حركة فتح أمضى خمس سنوات في المعتقلات الإسرائيلية، عن تراجع عدد الشبان الفلسطينيين «المستعدين للموت اليوم من أجل القضية التي تتبناها حركة فتح».
بينما تستقطب حركتا حماس والجهاد الإسلامي اللتان «تقاومان» ضد الاحتلال، الشباب.
ويقول أبو واحد «نواجه اليوم أيضا زيادة في المستوطنين الإسرائيليين».
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في العام 1967. ويعيش اليوم فيها أكثر من 465 ألف مستوطن يهودي، وهو رقم أكبر بثلاث مرات مما كان عليه عند توقيع اتفاقيات أوسلو للسلام بين الجانبين في التسعينات.
ويرى أبو واحد أن «أبو مازن» هو «المخطئ». ويضيف «ظن أبو مازن أنه سيحد من وجودهم (المستوطنين) من خلال تطبيق القانون، لكن ذلك لم يصل بنا إلى أي مكان، أبومازن قتل فتح».
ويعتقد الشاب الثلاثيني أنه «لو كانت هناك انتخابات اليوم، فإن حركة حماس ستفوز بها».
ونزل مسلحون من أنصار حماس والجهاد الإسلامي إلى الشوارع في جنين.
«جيل أقوى»
الأسبوع الماضي، داهم الجيش الإسرائيلي كما يفعل من حين إلى آخر، منازل في جنين بينها منزل بسام السعدي، أحد أنصار الجهاد الإسلامي، واعتقل نجله صهيب (27 عاما) وابن أخيه أيمن.
ويقول السعدي، وهو من قدامى المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حيث أمضى 14 عاما، «اتصل بي شخص من المخابرات الإسرائيلية ليطلب مني الحفاظ على الهدوء في المخيم وإلا ستحدث ثورة، لكنني لا أعمل معهم».
ويرى أن «الجيل الجديد أقوى حتى من الأجيال السابقة ولا يخاف»، وأن «شعبية حماس والجهاد الإسلامي تزداد لأنهما أخذتا زمام المبادرة في المقاومة».
وتحدث مسؤول إسرائيلي فضل عدم الكشف عن اسمه عن أن الجيش الإسرائيلي «لا يهتم بتصاعد العنف في الضفة الغربية».
ويتفاخر أحمد من جهته بأنه «لا يخشى» الموت والانضمام إلى جدار «شهداء» المخيم.
وفي مخيم العروب في جنوب مدينة الخليل، قتل الفتى عبيدة أكرم جوابرة (17 عاما) في اشتباكات مع الجنود الإسرائيليين المتمركزين عند مدخل المخيم.
وشارك في تشييعه مئات الشبان بينهم صديقه حازم.
ويقول حازم وهو شاب مفتول العضلات في العشرينات من عمره، «الظلم المرتبط بالاحتلال أثر على نفسية عبيدة ونفسية الشبان من حوله». ويضيف «كل البلاد في حالة تمرد».