أطلق عازف البيانو د. عبدالله خلف الحائز جائزة الدولة التشجيعية في مجال التأليف الموسيقي للعام ٢٠٢٠ ومؤسس مركز «ميوزيكولوجي» لتعليم البيانو وصاحب كتاب «أساسيات العزف على آلة البيانو»، أخيرا مقطوعة بعنوان «سراب» من تصوير وإخراج عبدالله الكندري.
وأكد خلف ، أنه يقدم موسيقى تعبر عن هويته معتمداً على خياله ودراسته الأكاديمية وفطرته التي نشأ عليها.
وحول أحدث مقطوعاته (سراب)، قال: «هي عمل موسيقي فكري يرفض التصور السائد عن تفوق الغرب على الشرق»، موضحا أن «فكرة الفيديو ولدت أثناء قراءتي لكتاب الاستشراق للمناظر الأدبي إدوارد سعيد الذي طرح ونقد من خلال كتاباته ممارسات المجتمع الغربي لتصوير الشرق بالرجعية والبدائية. ومن هنا ولدت فكرة الفيديو وقمت بطرحها على الصديق عبدالله الكندري الذي أبدع في إخراج العمل، وهذا هو ثالث تعاون بيني وبين الكندري».
وأوضح أن «الفيديو يبدأ بالعازف وهو يقرأ كتاب الاستشراق في ساعة متأخرة من الليل فيغفو أثناء قراءته ليصحو ويجد نفسه في الصحراء وهي المنطقة التي تضمنتها دراسات المستشرقين»، لافتاً إلى أن «القصة تتضمن شخصيتين الأولى ظهورا هي شخصية المستشرق المتمثلة باللباس الغربي، والثانية هي شخصية العربي والمتمثلة في الزي العربي الشرقي. ونصل لحبكة القصة حين يقوم الشخص العربي بعزف الذروة (Climax) وهي أعلى قمة في العمل الموسيقي دليلا على رفض فكرة تفوق الغرب أو دعوة لإعادة النظر فيها».
وعن سبب التسمية، قال إن «السراب هو رؤية غير حقيقة غالبا ما نجدها في الصحراء وهي تعكس الرؤية الخاطئة التي وجدها المستشرقون في صحراء العرب ونقلوها للغرب».
عائلة عزيزة
وعن مشاركاته في فعاليات مركز جابر الثقافي وعما تمثل له تلك التجربة، قال خلف: «كل نوع من المشاركات الموسيقية والثقافية هو بمنزلة درس جديد وتجربة وتحد أحاول الخروج منها بفائدة وتطوير لمهاراتي. ومشاركاتي مع مركز جابر كانت تحديا كبيرا لأنها تختلف عن نوع الموسيقى الذي اعتدت تقديمه مثل الموسيقى الكلاسيكية وغالبا ما تكون فردية».
وأضاف: «بصحبة مركز جابر دخلت عالم الموسيقى العربية والشرقية وتعلمت كيفية التعامل مع هذا النوع من صناعة الموسيقى مع فريق رائع من إداريين وعازفين هم بمثابة العائلة بالنسبة لي. وفي الوقت الحالي وبسبب الأوضاع الصحية أفتقد هذه العائلة وأتطلع للقائهم في أقرب فرصة». وأكد أن «روح العمل الجماعي الموجود في مثل هذه المشاركات علمتني الكثير لأني كنت محاطا دائما بنخبة من الموسيقيين الرائعين»، لافتاً إلى أن «المشاركات العالمية هي فرصة كبيرة لتبادل الثقافات وتغذية جوانب نفتقدها في مجتمعنا، فلكل مجتمع ثقافة مختلفة فيها ثراء فكري وفني».
موسيقى ذات بعد إنساني
وذكر خلف أنه طرح عددا من المقطوعات الموسيقية خلال فترة كورونا أغلبها موسيقى لها بعد إنساني، مضيفاً: «كتبت مقطوعة بعنوان (أهيمسا) وتعني الحياة بلا عنف، ونشرتها قاصدا نشر وعي تجاه تلك القضية وخصوصا مع تزايد حالات العنف الأسري في بدايات الأزمة الصحية بسبب الحظر. ومن ثم نشرت مقطوعة أخرى بعنوان (صوت الأقل حظا) وهي أيضا ذات بعد إنساني تعبر عن معاناة الأفراد الأقل حظا منا وهم من أثرت عليهم الأزمة الصحية بشكل كبير كونهم من طبقات اجتماعية بسيطة أو من دول فقيرة، فجاءت هذه المقطوعة لتصوير أصوات هذه الفئة».
وعن مقطوعته «البدون»، قال إن «البدون بالنسبة لي هم القضية الأهم والأكثر إنسانية فمن الصعب علي تخيل شخص يولد ويموت في مجتمع يرفض الاعتراف به»، مضيفاً «بالنسبة لي البعد الإنساني هو أسمى هدف لأي مجال، ولذلك أسعى أن تساهم موسيقاي بنشر الوعي تجاه هذه القضايا الإنسانية».
شرقي بالفطرة
وحول اهتمامه بوجود عنصر شرقي في موسيقاه، قال «أنا لا أتعمد صنع موسيقى شرقية، فالموسيقى الشرقية ليست من تخصصي ولكنني شرقي وعربي بالفطرة، تربيت على موسيقى أم كلثوم وعبدالوهاب وغيرهما ونشأت في بيئة تهوى الموسيقى الشرقية والعربية، فمثل هذه الموسيقى تظهر طبيعيا في موسيقاي في بعض الأحيان وعن غير قصد»,
وزاد: «دراستي للموسيقية الكلاسيكية ساهمت في تعزيز هذه الفطرة الشرقية ومن هنا تنعكس هويتي فيما أقدم من أعمال أسعى من خلالها لنقل موسيقانا للعالمية»، مؤكداً أن «أكبر طموحاتي أن أمثل الكويت عالميا»