( ظريف ) في الدوحة وبغداد… حوار إقليمي وملفات شائكة
عشية استئناف مفاوضات فيينا النووية، وتصاعد السجالات الإيرانية الداخلية مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة، أجرى وزير الخارجية محمد جواد ظريف زيارتين لقطر والعراق، تناول خلالهما ملفات شائكة وسط حديث عن حوار إقليمي.
عشية استئناف مفاوضات فيينا غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، تعول عليها الأخيرة من أجل إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، أجرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جولة في الساعات الماضية شملت قطر والعراق، تناولت التطورات في المفاوضات مع واشنطن، إضافة الى ملفات شائكة؛ سواء بين طهران وأنقرة، حيث لعبت الدوحة على الداوم وسيطا صامتاً بين البلدين، أو بين طهران وبغداد، حيث تلوح أزمة جديدة في موضوع إمدادات الغاز.
وفي الدوحة، التي وصلها مساء أمس الأول، قال ظريف عقب اجتماع عقده مع أمير قطر تميم بن حمد إن «مبادرة الأمل لإحلال السلام الإقليمي بين طهران ودول الجوار في الخليج لتأمين الملاحة وسلامة إمدادات النفط هي نهج إيران تجاه المنطقة، وجيراننا هم أولويتنا».
وتعرّضت القاعدة العسكرية التركية في منطقة «بعشيقة» شمالي العراق لقصف صاروخي قبل أيام، مما أدى الى مقتل جندي على حدود سهل نينوى، حيث تسيطر ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، والمتهمة بالاعتداء.
وقبل شهرين، تصاعدت أزمة دبلوماسية بين أنقرة وطهران، بسبب مشادّة كلامية بين سفيري البلدين في بغداد، وتبادُل الاتهامات بينهما حول انتهاك السيادة العراقية، كما عبرت طهران عن غضبها بعد اجتماع روسي – تركي حول شمال سورية أبعدت عنه. بينما تنظر طهران بعين الشك الى تحركات تركية في أذربيجان.
وصباح أمس، وصل ظريف إلى بغداد وعقد مشاورات مع نظيره العراقي فؤاد حسين والرئيس برهم صالح، كما زار مكان مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد.
وقال ظريف خلال مؤتمر مشترك مع حسين، أمس، إن «إيران ترحب بالدور المهم للعراق في المنطقة وجهوده لإيجاد أرضية للحوار الإقليمي»، معرباً عن الأمل في أن أداء هذا الدور سيحقق تطورات إيجابية.
وأكد ظريف أن علاقات بلاده قوية مع العراق وتقوم على حسن الجوار واحترام «سيادة بغداد وعدم التدخل بشؤونها الداخلية». وتابع: «إننا نتطلع لتعزيز علاقاتنا، لا سيما في مجال الطاقة والربط السككي ومكافحة المخدرات». وأوضح ظريف أن زيارته للعراق التي سيلتقي خلالها قادة أحزاب وفصائل «طويلة نوعاً ما».
مصلحة العراق
من جهته، شدد وزير الخارجية العراقي على أهمية السعي لاستقرار المنطقة، ورأى أن مصلحة العراق تفرض عليه العمل لمصلحة إرساء الاستقرار الإقليمي، مشيدا بالتقدم الحاصل في فيينا.
كما تطرّق إلى العلاقة مع إيران، قائلاً: «هناك بعض المشاكل في الملف الاقتصادي بين البلدين نأمل حلّها، وتطوير التعاون».
وبدأت بوادر أزمة إمدادات غاز تظهر بين لبلدين، الأمر الذي استدعى سفر وزير الكهرباء العراقي الى طهران قبل أيام. وتطالب طهران العراق بدفع مستحقات مترتبة عليه كانت بغداد تتلكأ في سدادها بالدولار، فيما تصرّ طهران خوفاً من العقوبات الأميركية. وعند كل صيف تتجدد تظاهرات دموية في العراق بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء التي يعتمد العراق في توليدها على الغاز الإيراني.
ويعتقد خصوم طهران أن الأخيرة تضغط على العراقيين بهذا الملف لتحصيل مكاسب سياسية.
في ملف آخر، يتحدث مراقبون عن ارتباك في مركز القرار الإيراني لناحية التعامل مع الفصائل العراقية الموالية لطهران، التي يشنّ بعضها هجمات صاروخية على قواعد تضم أميركيين.
عودة فيينا
في غضون ذلك، أفاد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، بأن وفد إيران برئاسة نائب وزير الخارجية عباس عراقجي، غادر طهران، متجها إلى فيينا.
وأكد أن «المباحثات في فيينا بطيئة ولا تتقدّم بسرعة». وكشف عن وجود «خلافات حول بعض القضايا»، مشدداً على الموقف الإيراني من رفع جميع العقوبات والتحقق من ذلك قبل العودة إلى تنفيذ التعهدات النووية، ومجددا في الآن نفسه رفض طهران لأيّ خطة على أساس «الخطوة مقابل الخطوة».
ومن المقرر أن تستأنف الجولة الثالثة من مفاوضات أطراف الاتفاق النووي، اليوم، على مستوى نواب وزراء خارجية الدول الست الأعضاء بالاتفاق، إيران وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا وخبراء هذه الدول، فضلاً عن مفاوضات أخرى ستجريها أطراف الاتفاق النووي باستثناء إيران مع الوفد الأميركي في فيينا برئاسة روبرت مالي.
تهديد واصطفاف
إلى ذلك، هدد قائد «الحرس الثوري» الإيراني، اللواء حسين سلامي، إسرائيل بتوسيع وتصعيد رد بلاده على أي أعمال عدائية تشنها. وقال سلامي، في تصريحات أمس، إن «كل الظروف لانهيار الكيان الصهيوني باتت مهيأة، وقد شاهدتم في الأيام الماضية كيف أن أعمال الكيان الصهيوني الشريرة لم تبق من دون رد، والأحداث التي وقعت داخل الأراضي المحتلة قد تتكرر وتتوسع لاحقاً، وسنردّ على أي عمل شرير بالمستوى نفسه أو أقوى منه».
وتشير تصريحات سلامي إلى استعداد بلاده للرد على هجوم استهدف ناقلة نفط إيراني قبالة سورية أخيرا، كما تلمح إلى المسؤولية عن انفجار غامض وقع بمصنع إسرائيلي لمحركات الصواريخ، إضافة إلى انفجار صاروخ أطلق من سورية بمنطقة النقب التي تضم مفاعل ديمونا النووي.
معلومات إسرائيلية
في هذه الأثناء، ذكرت «يسرائيل هيوم» أن تل أبيب، وفي إطار سعيها لتقليص الأضرار الناجمة عن العودة الأميركية المحتملة للاتفاق النووي مع إيران، ستعرض على إدارة الرئيس جو بايدن «معلومات استخبارية حساسة».
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن رئيس مجلس الأمن القومي، مائير بن شبات، توجه إلى واشنطن ليعرض على مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان المعلومات الحساسة، مضيفة أن تلك المعلومات لا يمكن الإبلاغ عنها إلا من خلال لقاء مباشر مع المسؤولين الأميركيين. ولفتت إلى أن الزيارة التي سيقوم بها بن شابات ستكون قصيرة جداً، وستستمر عدة ساعات، وستتم في مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن.
كما كشفت أن رئيس جهاز «الموساد»، يوسي كوهين، توجه إلى واشنطن للقاء مدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، وليام بيرنز، وقادة أمنيين أميركيين آخرين، لافتة إلى أن هدف زيارة كل من بن شابات وكوهين يتمثّل في تقليص الأضرار الناجمة عن إحياء الاتفاق، الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.