أخبارعربي وعالمي

طريق العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني..طويل ووعر على ( الأرجح )

استغرق الأمر7 سنوات منذ التقى ديبلوماسي أميركي كبير بنظيره الإيراني في أحد أيام صيف عام 2008 إلى أن أبرم الجانبان الاتفاق النووي الرامي إلى الحيلولة دون امتلاك طهران  أسلحة نووية عام 2015.

ولا يتوقع أحد أن تمر هذه المدة الطويلة ذاتها للتأكد من قدرة الجانبين على إحياء الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، غير أن مسؤولين أميركيين وأوروبيين يقولون إن الطريق سيكون طويلا وشاقا إذا بدأ الطرفان السير فيه.

وقالت إدارة الرئيس جو بايدن إنها على استعداد لإيفاد مبعوثها الخاص روب مالي للقاء المسؤولين الإيرانيين وبحث سبل العودة إلى الاتفاق الذي توصلت إليه طهران وست قوى عالمية واسمه الرسمي «خطة العمل الشاملة المشتركة».

ورغم أن طهران أطلقت إشارات متباينة في البداية، فقد انتهج وزير خارجيتها محمد جواد ظريف نهجا متشددا بقوله إن «الولايات المتحدة لن تتمكن من العودة إلى الاتفاق النووي قبل رفع العقوبات».

وبيت القصيد من الاتفاق هو أن تقلص إيران برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم بحيث تزداد صعوبة تخزين كمية من المادة الانشطارية تكفي لإنتاج سلاح نووي وذلك مقابل تخفيف أعباء العقوبات الاقتصادية الأميركية وغيرها من عقوبات سارية عليها.

ومن الناحية النظرية سيكون من الصعب تحديد مسار إحياء الاتفاق الذي تقع تفاصيله في 110 صفحات تمثل بنوده وملاحقه، وعلى أرض الواقع سيمثل ذلك تحديا لسببين، أولهما عشرات العقوبات التي فرضها ترامب على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق في مايو 2018 وثانيهما الخطوات التي طبقتها طهران وخالفت بها الاتفاق ردا على قرارات ترامب.

ورغم أن الجانبين ركزا علنا على مسألة من يخطو، الخطوة الأولى صوب إحياء الاتفاق إذ يصر كل منهما على أن يكون الطرف الآخر هو البادئ. فقد قال مسؤول أميركي إن من الممكن تنسيق ترتيبات الخطوات.

وأضاف «لا أعتقد أن مسألة من يبدأ.. ستكون هي أصعب المسائل، الصعوبة تكمن في تحديد الكيفية التي يرى بها كل جانب الالتزام» بالاتفاق مشيرا إلى تحديد العقوبات الأميركية التي يمكن رفعها «وكذلك مسألة… الخطوات التي أخذتها إيران، فهل يمكن الرجوع عنها كلها؟»

لقد نتج عن الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن اضافة إلى ألمانيا، رفع واشنطن العقوبات المرتبطة بالمسألة النووية فقط عن طهران.

وبعد الانسحاب من الاتفاق فرض ترامب عشرات العقوبات الجديدة لأسباب أخرى من بينها اتهام إيران بدعم الإرهاب.

ويقول خبراء إن بايدن سيواجه مخاطر سياسية وربما يجد من المستحيل تلبية مطالب طهران برفع هذه العقوبات جميعها، وذلك في ضوء انتقادات الجمهوريين وربما بعض أعضاء حزبه من الديموقراطيين واتهامه باللهاث وراء رفع العقوبات.

وقال هنري روم من مجموعة أوراسيا البحثية «هذه مسألة في غاية الحساسية السياسية في الولايات المتحدة لأن عددا منها، طبق عن عمد بمقتضى السلطات الخاصة بالإرهاب».

وأضاف «سيتعين على فريقي التفاوض الخوض في عملية مستفيضة لتحديد ما سيتم الإبقاء عليه وما سيتم رفعه».

وثمة تحد آخر يتمثل في دعم إيران لفصائل في منطقة الشرق الأوسط تعمل لحسابها من بينها فصائل متهمة بشن هجمات على القوات الأميركية.

وفي أخطر هذه الهجمات منذ عام أسفر هجوم صاروخي على قوات تعمل تحت قيادة أميركية في كردستان العراق عن مقتل متعاقد مدني وإصابة جندي أميركي الأمر الذي يزيد من صعوبة ظهور واشنطن بمظهر من يقدم تنازلات لإيران.

ومن أوجه الصعوبة الأخرى الرغبة الأميركية في الإفراج عن مواطنين أمريكيين مسجونين في إيران. وهي قضية قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض إن واشنطن بدأت مباحثات بشأنها مع المسؤولين الإيرانيين.

على الطرف المقابل، وفي حين أن من الممكن الرجوع عن بعض الخطوات التي خطتها إيران بالمخالفة للاتفاق النووي مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 3.67% وزيادة مخزوناتها من اليورانيوم منخفض التخصيب، فربما لا يكون من السهل الرجوع عن خطوات أخرى.

ومن تلك الخطوات الخبرات التي اكتسبتها من أنشطة البحث والتطوير باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة والتي من شأنها أن تساعد إيران في رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 90% وهي الدرجة اللازمة لتصنيع السلاح النووي إذا ما قررت ذلك.

وقال روبرت آينهورن من مؤسسة بروكينغز البحثية «كيف يمكن التراجع عن المعرفة التي اكتسبوها؟»
كذلك تواجه السلطات في طهران خيارا حساسا فيما يتعلق بالاستجابة لأي مبادرة من إدارة بايدن في وقت تستعد فيه إيران لانتخابات رئاسية في يونيو المقبل. ومن المرجح أن يمثل الإقبال على التصويت فيها استفتاء على المؤسسة الدينية وسط مشاعر سخط متنامية على الصعوبات الاقتصادية.

ولم يترك الاقتصاد الإيراني الهش، الذي زادته العقوبات الأميركية وجائحة ڤيروس كورونا ضعفا، للنخبة الحاكمة خيارات تذكر سوى التفاوض، غير أن القرار النهائي هو قرار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، إلا أنه لم يتضح حتى الآن ما إذا كان بإمكان الجانبين العودة إلى طاولة التفاوض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى