تنطلق في بورصة الكويت خلال أسابيع أولى مبادرات عمليات الهيكلة التي تطلقها شركات “الضوء الأصفر” التي تصنف بأن نسبة الخسائر المتراكمة لديها 50 في المئة تقريباً من رأس المال، وتصارع هذه الشركات باستخدام ما لديها من احتياطيات إجبارية واختيارية أملاً وتمسكاً بالحياة، وإصراراً على البقاء في مقصورة الإدراج في البورصة.
والمبادرة الأولى أطلقتها شركة صكوك القابضة التي سيكون لها أثر تشجيعي لباقي الشركات التي تترقب، إذ بادرت بخفض الخسائر المتراكمة من مستوى 50 في المئة وتقليصها الى 38 في المئة عبر مقترح إطفاء جزء من الخسائر باستخدام جزء من الاحتياطي الإجباري والاختياري ، ومن المنتظر أن تلحقها العديد من الشركات الأخرى من أصحاب “السترات الصفراء” في البورصة، وهي بكل المقاييس خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لإعادة هيكلة الشركة ووضعها على سكة التعافي.
ورصدت مصادر استثمارية ومالية جملة مكاسب وإيجابيات من تلك الخطوة منها ما ينعكس على الشركة محل المعالجة، ومنها ما ينعكس على الدائنين والمساهمين من أبرزها وأهمها مايلي:
1- إطفاء “اللمبة الصفراء” يعني ببساطة استمرار محافظة الشركة على أبرز مكاسبها من الإدراج في السوق المالي والبقاء في مقصورة الإدراج كاستثمار مسعر.
2- ستحصل الشركة على قوة أفضل في التفاوض مع الدائنين إذ إن مشروع إعادة الهيكلة يعكس جدية مجلس الإدارة وكبار الملاك وقناعتهم ببقاء الشركة ويؤثر ذلك بالتبعية على سعر السهم السوقي.
3- يجنب الشركة طلب زيادة رأس المال، وهو خيار صعب إذ إن المساهمين الحاليين لن يجدوا ما يحفزهم والجدد سيطلبون السيطرة والإدارة وهذا ببساطة يعني الإضرار بكبار الملاك في الشركة.
4- إطفاء “اللمبة الصفراء” يخرج الشركة من الضغوط المختلفة سواء من المستثمرين والمساهمين والدائنين المؤسسين خصوصاً من البنوك، إذ إن استمرار تصنيفها ضمن الشركات الخاسرة 50 في المئة يضعها على قوائم المتجهين نحو الإفلاس.
5- خفض الخسائر يبعد بالشركة عن منطقة الخطر بأكثر من خطوة التي تشمل وقف السهم عن التداول ودخولها في دوامة التعثر والتعرض لقضايا إفلاس وغيرها من تجميد الأصول وغلّ يدها في التصرف بأموالها.
6- استخدام الاحتياطيات الإجبارية والاختيارية فرصة للشركة للتخارج من أصول واستثمارات جيدة تحت مظلتها بعيداً عن الضغوط وانتهازية بعض الشركات، التي ترغب في اقتناء الأصول بأقل من قيمتها العادلة استغلالاً لظروف التعثر أو ضغوط التعليمات الرقابية التي تحد الشركة من جهة الخسائر.
7- فرصة لإعادة النظر في نموذج أعمال الشركة والاتجاه إلى فرص تشغيلية مدرة ووقف نزيف الخسائر بالتخلص من الاستثمارات التي تمثل عبئاً في الأكلاف التشغيلية وعوائدها أقل من المنتظر.
8- هيكلة الاستثمارات الخارجية والحصص المتناثرة في شركات تابعة وزميلة وتركيز النشاط على “بزنس” محدد، خصوصاً أن بعض الشركات تأتيها خسائر من حصص زميلة ليس لها سيطرة على الإدارة فيها، لكنها تؤثر على نتائجها بسبب الخسائر التي تصب في ميزانيتها.
9- وضع الشركة الخاسرة لنسبة 50 في المئة من رأسمالها على سكة الهيكلة يؤكد جدية الملاك ومجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والتوافق على بقاء الشركة واستمراريتها باستخدام الإطفاء “المعبري” كخطوة أولى في مشوار المعالجة.
10- تحصل الشركة على فرصة بإقناع كبار الملاك بتقديم الدعم لها سواء عبر تمويل تشغيلي يساعدها على الإنتقال لمنطقة أكثر أماناً، وبالتبعية تعزيز فرصها بإمكانية الحصول على تمويل مصرفي أو من مؤسسات مالية أخرى.
شركات بلا احتياطيات
وللإشارة، فإن بعض الشركات من أصحاب الضوء الأصفر غارقة في الخسائر والديون ولديها إدارات لا تمتلك الكفاءة، وهي محاطة بالكثير من القضايا والمشاكل وليس لديها من احتياطيات إجبارية أو اختيارية يمكن أن تساعدها على عبور المنعطف الخطير الذي يهدد كيان الشركة بالكامل فبحسب مصادر مالية، تؤكد أن ميزانيات هذه الشركات عبارة عن ميزانيات ورقية وهمية وكل ما تتضمنه هي أرقام لا أكثر، حيث تعرضت هذه الشركات لعمليات تهريب اصول وعبث في السيولة.
وتوجد نوعية من الشركات ليس لديها خيار سوى وقف نزيف الخسائر لتبقى في خانة الخاسرين لنسبة 50 في المئة من رأس المال، أملاً في تقليص الخسائر تدريجياً، خصوصاً أنها من الشركات التي تصنف لدى البنوك في القوائم السوداء “بلاك ليست”، ويصعب إقناع المساهمين والمستثمرين بضخ أي زيادة رأسمال فيها.
في سياق آخر، في السوق نحو 16 شركة ينتظرها قطار الهيكلة السريع قبل نهاية السنة المالية الحالية، وتضم هذه الشركات شريحة كبيرة قادرة على العبور بكفاءة وقوة خصوصاً أن لديها أصولاً واستثمارات وإدارات تنفيذية جيدة وملاكاً متمسكين بالكيان وجادين بالمعالجة.