شراكة “سوني” و “هوندا” في السيارات الكهربائية .. درس للشركات اليابانية
لا بد أن نقاشا محتدما يدور الآن بين اثنتين من أكبر الشركات في اليابان في مقريهما الرئيسين في طوكيو. إذا نجح مشروعهما المشترك المخطط له في إنشاء سيارة كهربائية ممتازة لتحدي “تسلا”، فهل ينبغي أن يعرف الثنائي القوي الجديد باسم “سوندا” أو “هوني”؟
في كلتا الحالتين، إعلان الجمعة الماضي عن تعاون “سوني” و”هوندا” لإنتاج سيارات كهربائية يبدو أكثر بكثير من مجرد تحالف استراتيجي قياسي. تم وضع سوابق مهمة وتم اتخاذ أهم المخاطر. مهما كانت نتائجه وتكلفته، فهذا هو نوع التجربة التي تحتاج إليها اليابان أكثر على المدى الطويل: تجميع الموارد مع الاعتراف الضمني بأنه لم تعد هناك شركة تعمل في السيارات أو الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية تعمل في المشاريع التجارية التي ظنت أنها كانت فيها بعد الآن
قلل بعض المحللين من أهمية عامل المفاجأة للاتحاد وحجم الفائدة المحتملة التي ستعود على كلتا الشركتين. في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية الذي انعقد في لاس فيجاس في كانون الثاني (يناير)، عرضت شركة سوني نماذج أولية من نظامي “فيجين-إس” و”فيجين-إس 02″ التابعين لها، وأسست شركة سيارات كهربائية جديدة تابعة لها، لكنها شددت على أنها لا تتطلع إلى صناعة سيارات بنفسها. في غضون ذلك، كانت شركة هوندا تبدو مكشوفة بسبب افتقارها إلى استراتيجية واضحة للسيارات الكهربائية في صناعة تمثل فيها قصة تريليون دولار. شركتان في حاجة إلى شركاء، من هذا المنطلق يبدو تعاونهما مريحا
في الوقت نفسه، يجادل محللون في “بيلهام سميثرز أسوسيتس” بأن المنطق ضعيف في بعض المواضع. قبل بدء المشروع المشترك، كان من الممكن فهم مشروع سوني للسيارات الكهربائية على أنه عرض للإلكترونيات داخل السيارة “أنظمة الألعاب، وأنظمة الموسيقى، والشاشات، وما إلى ذلك” للسوق بشكل عام
بالتعاون مع شركة هوندا، وعلى الرغم من الادعاءات القوية التي تشير إلى عكس ذلك، ربما تخلت “سوني” عن فكرة بيع إمكاناتها في مجال إلكترونيات السيارات عبر الصناعة. في الوقت نفسه، الخطر الذي يواجه “هوندا” هو أنه قد ينتهي بها الأمر بأداء دور مجرد مجمع لـ”سوني”، وهو الدور الذي لا يريده أي لاعب عالمي واثق، وهو ما يفسر عن عدم تمكن “أبل” بعد من العثور على صانع سيارات متطور على استعداد للتعاون معها
لكن مع كل هذه المحاذير، تبرز عناصر كثيرة من مشروع “سوني-هوندا” بوصفها معالم للشركات اليابانية، الأول هو إلى أي مدى يمكن تفسير رغبة شركة هوندا في الدخول في هذه الشراكة على أنها إقرار بأوجه قصورها، ليس بصفتها صانعة للأجهزة، حيث تظل ممتازة، لكن بصفتها خبيرة في البرامج. بالنسبةإلى “هوندا” وشركات صناعة السيارات الأخرى، كان أحد أقسى الدروس التي تعلموها من “تسلا” هو نجاح السيارة التي تم تصميمها بطريقة مقاربة إلى حد كبير من برنامجها الذي يواجه المستخدم “التطبيقات التي يتفاعل معها المستخدم”
لطالما عانت الشركات اليابانية مشكلات من هذا النوع: الصعود المستمر لمنصة البرامج باعتبارها السمة المميزة للإلكترونيات الاستهلاكية كشف عن منطقة كبيرة من الضعف. قد لا تبدو “سوني”، عند تصنيفها مقابل “أبل”، أنها تتفوق على العالم في هذا المجال، لكن بصفتها مطورا لمنصات المستهلك “خاصة بلاي ستيشن”، من المحتمل أنها الأفضل في اليابان. سيكون من الحكمة أن تفهم الشركات اليابانية الأخرى القفزة النفسية التي حققتها شركة هوندا
تم تحديد سابقة ثانية من خلال تاريخ هاتين الشركتين على وجه الخصوص، الثنائي الذي، لأسباب عديدة، يمثلان نموذجين لكل من قوة ريادة الأعمال والتمرد
في المؤتمر الصحافي للإعلان عن المشروع المشترك، والتأكيد على الملاءمة الثقافية، عرضت شريحة صورتين لمؤسس “سوني” مع مؤسس “هوندا” يبدوان حالمين يرتديان نظارات طبية كما كانا من قبل. في غضون ذلك، تخفي ابتسامتهما احتقارا شديدا للسلطة. في أيامهما الأولى، خاضت كلتا الشركتين صراعات تحويلية مع وزارة التجارة اليابانية المتلاعبة “التي حاولت منع شركة هوندا من صنع السيارات وكذلك تسلم سوني ترخيص إنتاج الترانزستورات” وعرفتا إلى الأبد بتحديهما الحكومة
توصلت الشركتان، بشكل مرض، إلى الشراكة بينهما دون تدخل وزارة التجارة. الأهم من ذلك، أنهما فعلا ذلك على الرغم من استقلالهما الثمين. على هذا النحو، تقر هذه الشراكة إلى أي مدى تم إجبار الشركتين على إعادة تقييم أولوياتهما، وتوصي ضمنيا بأن تفعل الشركات الأخرى الأمر نفسه
قال كل من المديرين التنفيذيين لـ”هوندا” و”سوني”، “إن إدراج المشروع المشترك في سوق الأسهم أمر سيفكران فيه”. لكن من أجل أن الشركات اليابانية بحاجة إلى قادة إيجابيين، ومستثمرين في حاجة إلى حدث، ينبغي أن ينظر إلى الإدراج على أنه مستحسن للغاية
هذه سوق بحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى إلى شركات التكنولوجيا الكبيرة الخالصة. إدراج “هوني” أو “سوندا” قد لا يستحوذ على أكثر من جزء بسيط من القيمة السوقية لشركة تسلا. لكن سعر سهمها سيكون بمنزلة مؤشر حيوي للطرق التي من خلالها يمكن لليابان، مع قليل من التفكير الإبداعي، أن تربط تقييماتها الأعلى بأعظم كنوزها