عربي وعالمي

رئيس إسرائيل يزور تركيا بعد 14 عاما من العلاقة المتصدعة.. هل تعود المياه إلى مجاريها؟

يتوجّه الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الأربعاء إلى تركيا حيث سيلتقي نظيره رجب طيب أردوغان في زيارة ترمي لتحسين العلاقات بين البلدين بعد سنوات من تصدّعها.

وزيارة هرتسوغ هي الأولى لرئيس إسرائيلي إلى تركيا منذ 2007 وقد تقرّرت قبل أسابيع من الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي الأيام الأخيرة دخلت تركيا وإسرائيل بقوة على خط الوساطة بين كييف وموسكو في محاولة لوقف الحرب المستمرة منذ نحو أسبوعين.

ومن المتوقع أن يطغى النزاع الروسي-الأوكراني على محادثات الرجلين اللذين سيناقشان أيضاً قضايا ثنائية.

وسيتناول البحث بين هرتسوغ وأردوغان ملف واردات أوروبا من الغاز، والذي اكتسب أهمية كبيرة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتأتي زيارة هرتسوغ لأنقرة واسطنبول بعد أكثر من عقد على تصدّع العلاقات الدبلوماسية بين الدولة العبرية وتركيا ذات الأغلبية المسلمة والتي تسوق نفسها على الساحة الدولية داعما للقضية الفلسطينية.

وتصدّعت العلاقات بين تركيا وإسرائيل في 2010 إثر مقتل عشرة مدنيين أتراك في غارة إسرائيلية على أسطول سفن مساعدات كان يحاول الوصول إلى غزة وكسر الحصار الذي فرضته يومهات على القطاع الدولة العبرية.

وأبرم البلدان اتفاق مصالحة في العام 2016 شهد عودة سفيريهما لكنّ هذه المصالحة ما لبثت أن انهارت بعد عامين عندما استدعت تركيا سفيرها احتجاجاً على استخدام القوات الإسرائيلية العنف لقمع احتجاجات فلسطينية أطلق عليها اسم “مسيرات العودة”.

واستمرّت تلك الاحتجاجات سنة ونصف السنة وكانت تجري كلّ يوم جمعة على طول السياج الفاصل بين قطاع غزة والدولة العبرية للمطالبة برفع الحصار الإسرائيلي وتثبيت “حقّ العودة” للفلسطينيين الذين هجّروا من بلداتهم وقراهم لدى إنشاء دولة إسرائيل عام 1948.

وأدّت مواجهات تخلّلت تلك الاحتجاجات الى مقتل 310 فلسطينيين وثمانية إسرائيليين.

لكنّ الأشهر الأخيرة شهدت تقارباً واضحاً بين تركيا وإسرائيل، إذ تحدث رئيسا الدولتين مرات عدة منذ تنصيب هرتسوغ في تمّوز/يوليو الماضي.

ورغم أن منصب الرئيس الإسرائيلي يعتبر فخرياً إلا أن هرتسوغ الذي كان رئيساً لحزب العمل اليساري، لعب دوراً دبلوماسياً رفيع المستوى.

ورأت المحللة السياسية غاليا ليندنشتراوس من معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب أنّ تدخّل أردوغان للإفراج عن الزوجين الإسرائيليين الذين تم القبض عليهما في اسطنبول في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بتهمة التجسّس، مثّل “نقطة تحول” في العلاقات.

وأضافت أنّ هذه القضية “فتحت حواراً بين الجانبين الإسرائيلي والتركي وفرصة لتحسين العلاقات”.

ليست الطرف المحتاج

وبعد أزمة 2010، أسّست إسرائيل لتحالف استراتيجي جديد مع كلّ من اليونان وقبرص اللتين لديهما علاقات يشوبها التوتر مع تركيا عموماً وأردوغان خصوصاً.

وعقدت هذه الأطراف في السنوات الأخيرة وبشكل منتظم لقاءات ثلاثية كما أجرت تدريبات عسكرية مشتركة.

ويعتبر الحلفاء الثلاثة جزءاً من “منتدى غاز الشرق الأوسط” الذي تأسّس في 2019 ويضم أطرافاً أخرى من بينها مصر والأردن والأراضي الفلسطينية، لكنه لا يضمّ تركيا.

وفي 2020 وقعت إسرائيل واليونان وقبرص اتفاقاً لبناء خط أنابيب “إيست ميد” لنقل الغاز من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا، في مشروع أثار حفيظة أنقرة.

وعزت ليندنشتراوس التقارب الإسرائيلي-التركي الراهن إلى الإحباط الذي شعرت به أنقرة بسبب استبعادها من محادثات مشروع الغاز، إلى جانب أزمتها الاقتصادية الداخلية وحالة الصدام بينها وبين الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن.

وقالت المحلّلة السياسية والخبيرة في الشأن التركي لوكالة فرانس برس إنّ اتفاقيات تطبيع العلاقات بين إسرائيل وكلّ من الإمارات والبحرين والمغرب أظهرت أنّ الدولة العبرية “ليست الطرف المحتاج في المعادلة” مع تركيا.

علاقات إقليمية

ويتوقّع مسؤولون إسرائيليون أن يناقش هرتسوغ وأردوغان آفاق تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، في ظلّ تزايد المخاوف في القارّة العجوز من ضعف الإمدادات في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وكان الرئيس التركي سلّط الضوء على هذه الفكرة في كانون الثاني/يناير.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت التوسط بين روسيا وأوكرانيا، إذ سافر إلى موسكو حيث اجتمع بالرئيس فلاديمير بوتين في الكرملين لثلاث ساعات، كما هاتف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ثلاث مرات خلال 24 ساعة.

بدوره أجرى أردوغان اتصالات مع بوتين وزيلينسكي ومن المقرّر أن يستضيف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو نظيريه الروسي والأوكراني في جنوب تركيا الخميس.

ولا تنفي هذه التحركات حقيقة حساسية العلاقات الإقليمية.

وقبل توجّهه إلى تركيا، زار هرتسوغ حليفتي بلاده اليونان وقبرص لطمأنتهما.

وبنظر ليندنشتراوس فإنّ تواصل أردوغان مع إسرائيل يمثّل “بشرى لليونان وقبرص” إذ من شأنه أن “يعكس مزيداً من الاعتدال في السياسة الخارجية لأنقرة”.

وقبل عودته إلى إسرائيل الخميس، سيلتقي الرئيس الإسرائيلي بأفراد من الجالية اليهودية في اسطنبول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى