تقرير: تركيا وإسرائيل تبحثان إقامة خط أنابيب غاز إلى أوروبا
تناقش تركيا وإسرائيل تشييد خط أنابيب للغاز بينهما، باعتباره أحد البدائل الأوروبية لإمدادات الطاقة الروسية، وفق ما صرح به مسؤولون أتراك وإسرائيليون لوكالة “رويترز”.
وذكر مسؤولون حكوميون وصناعيون في البلدين، أن الفكرة، التي ظهرت للمرة الأولى قبل سنوات، تتمثل في بناء خط أنابيب تحت البحر، من تركيا إلى حقل “ليفياثان”، الأضخم للغاز الطبيعي في إسرائيل. وسيتدفق الغاز إلى تركيا ودول في جنوب أوروبا، تتطلّع إلى تنويع إمداداتها بدل أن تقتصر وارداتها على روسيا.
وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأسبوع الماضي، في إشارة إلى إسرائيل، إن التعاون في قطاع الغاز هو “أحد أهم الخطوات التي يمكن أن نتخذها معاً في العلاقات الثنائية”، مضيفاً أنه مستعد لإرسال وزراء بارزين إلى إسرائيل، لإحياء فكرة خط الأنابيب التي بقيت قائمة منذ سنوات.
ونقلت “رويترز” عن مسؤول تركي بارز، قوله إن المحادثات في هذا الصدد استمرت، منذ زار الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوج أنقرة هذا الشهر، ويمكن أن تتبعها “قرارات ملموسة” في الأشهر المقبلة، بشأن المسار المقترح والشركات المشاركة في المشروع.
ومع ذلك، يتعامل مسؤولون صناعيون مع الأمر بحذر، معتبرين أن الخطة قد لا تنجح، نتيجة قيود على الإنتاج وواقع الجغرافيا السياسية في المنطقة.
تسييل كميات غاز إضافية
حقل “ليفياثان” يزوّد إسرائيل والأردن ومصر، ويخطّط مالكوه، وهم شركة “شيفرون” الأميركية وشركتا “نيوميد” و”راشيو أويل” الإسرائيليتان، لزيادة الإنتاج من 12 إلى 21 مليار متر مكعب سنوياً.
وبالمقارنة، استورد الاتحاد الأوروبي 155 مليار متر مكعب من الغاز الروسي العام الماضي، وهو يغطي نحو 40٪ من استهلاكه.
وأشارت “نيوميد” إلى تسييل الكثير من كميات الغاز الإضافية المُنتجة، وتصديرها على سفن إلى أوروبا أو الشرق الأقصى. وأشار الرئيس التنفيذي للشركة الشهر الماضي، إلى إمكان تصدير الغاز إلى تركيا أيضاً، مستدركاً أن عليها الانخراط في الأمر والالتزام بتشييد خط الأنابيب.
وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين الحرار، قالت لموقع “يديعوت أحرونوت” الإخباري الأحد إن ثمة اعتبارات كثيرة لم تُناقش بعد، بما في ذلك الشؤون المالية. وأضافت: “يجب أن تكون ذات جدوى اقتصادي، وهذا أمر غير بديهي”.
شراكة في الطاقة
تتطلّع إسرائيل وتركيا إلى تجاوز عقد من المآزق الدبلوماسية، لا سيّما بشأن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بحسب “رويترز”.
ويمكن لشراكة الطاقة أن تكون أساسية في هذا الصدد، خصوصاً بعدما جعل الغزو الروسي لأوكرانيا، أوروبا أكثر تصميماً على إيجاد بدائل لإمداداتها من الطاقة.
ونقلت الوكالة عن مسؤول تركي آخر قوله: “حصل تقارب مع إسرائيل في الآونة الأخيرة، ونريد نقل غازها إلى تركيا ومنها إلى أوروبا. إسرائيل تنظر إيجاباً إلى هذا الأمر، وأُجريت بعض المحادثات كما أن ثمة إرادة لفعل ذلك”.
تستهلك تركيا نحو 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، تستورد معظمها، غالباً عبر خطوط أنابيب من روسيا وإيران وأذربيجان، ويمكنها أن تشكّل مركز نقل في المنطقة.
عقبتا قبرص وسوريا
وقال مسؤول بارز في قطاع الغاز الإسرائيلي: “لتركيا أهمية كبرى، نتيجة استهلاكها المحلي وكذلك بوصفها قناة لدول جنوب أوروبا”.
وأضاف أن المشكلة تكمن في أن ثمة مسارين مقترحين للإمدادات الإضافية من “ليفياثان”: عبر مصانع الغاز الطبيعي المسال الحالية في مصر، أو منشأة عائمة للغاز الطبيعي المسال. وتابع: “إذا ردّت تركيا بسرعة، فقد تكون بديلاً ثالثاً”.
وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن خط الأنابيب سيمتد من 500 إلى 550 كيلومتراً، بكلفة تشييد تبلغ 1.5 مليار، ممّا يتيح التحكّم به بشكل أفضل من خط الأنابيب “إيست ميد” الذي تبلغ كلفته 6 مليارات يورو واقتُرح لربط إسرائيل بقبرص واليونان وإيطاليا.
ومع ذلك، على أيّ خط تحت سطح البحر عبور مياه قبرص، التي لا تعترف بها أنقرة، أو عبور سوريا، التي ليست لديها علاقات دبلوماسية مع تركيا، علماً أن الأخيرة تدعم مسلحين يقاتلون الحكومة في دمشق.
وقال جوخان يارديم، وهو مستشار في قطاع الغاز التركي قيّم خط الأنابيب المحتمل طيلة عقدين، إن هذا الأمر قد يعقّد تشييده وتمويله، إذا كانت لأنقرة حصة مباشرة في خط الأنابيب. وأضاف أن تقييمين سابقين استندا إلى تدفق 8 إلى 10 مليارات متر مكعب من الغاز، معتبراً أن أيّ كيمة أقلّ من ذلك قد لا تكون مجدية اقتصادياً.
وقالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار لموقع “واي نت” الإخباري، إنه لم يتم بعد مناقشة الكثير من الأمور بما في ذلك الأمور المالية. وأضافت: “يجب أن يكون (المشروع) مجدياً اقتصادياً.. وهو ليس أمراً بديهياً”.