تغيير الإمارات ل عطلة نهاية الأسبوع تحول استراتيجي لملاءمة الاقتصاد مع النسق الاقتصادي العالمي
دبي – تسعى الإمارات عبر تغيير عطلة نهاية الأسبوع ليومي السبت والأحد للحفاظ على مكانتها كمركز الأعمال الإقليمي الرئيسي في مواجهة منافسيها الإقليميين الصاعدين، لا سيما السعودية، بحسب خبراء
وفاجأت الدولة الخليجية كثيرين بالإعلان عن النظام الجديد الثلاثاء والذي سيجعلها البلد الخليجي الوحيد الذي لا يعتمد السبت والجمعة، عطلة أسبوعية
والخطوة الإماراتية تأتي مواكبة للنمو الجامح الذي تحققه في مختلف المجالات وملاءَمة أيضا لمسار اقتصادي يقتضي تغييرات حتمية وإستراتيجية بما يتماشى مع نسق عالمي ممارسة وتنفيذا.
وقالت الإمارات إنّها ستقلّص أسبوع العمل الرسمي إلى أربعة أيام ونصف، بحيث ينتهي دوام الموظفين في الهيئات الحكومية ظهر يوم الجمعة
ويرى خبراء اقتصاد أن هذا التحول استراتيجي لأنه يجعل الأعمال في الإمارات العربية المتحدة متناسقة مع الممارسات العالمية ويؤكّد موقعها كمقر مهم للشركات الأجنبية
وجاء القرار في وقت تحتدم فيه المنافسة الإقليمية خصوصا مع محاولة السعودية دفع عاصمتها الرياض للتحوّل إلى مركز دولي على غرار دبي، بينما تسعى المملكة لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط، لكن الواضح أيضا أن الخطوة الإماراتية مدروسة بشكل عقلاني بما يجعل هذا التحول الاستراتيجي يستجيب لمتطلبات عالمية ومحلية
وقال الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن روبرت موغيلنيكي إنّ “الحسابات الاقتصادية العملية وراء القرار (تغيير عطلة نهاية الأسبوع) هي تحسين مواءمة اقتصاد الإمارات مع معايير الأعمال العالمية”
لكن الإمارات تسعى أيضا “للاحتفاظ بمكانتها كمركز مفضل في المنطقة لرجال الأعمال الدوليين والمغتربين والسياح. وتعديل أسبوع العمل أحد أدوات الدولة للحفاظ على ميزتها التنافسية”، بحسب موغيلنيكي
وبعد 50 سنة على تأسيسها شهدت الإمارات من السلف إلى الخلف طفرة في النمو بفضل بيئة الاستقرار السياسي وسياسات متوازنة وعقلانية في الإدارة والتسيير، حولتها إلى واحدة من أهم الوجهات العالمية للاستثمار الآمن خاصة في العقد الأخير وأيضا واحدة من القوى الإقليمية الوازنة لجهة دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط
ودأبت الإمارات على تعديل قوانينها بشكل مستمر في السنوات القليلة الماضية وباتت تقدّم نفسها على أنها قوّة منفتحة جدا، في منطقة محافظة إلى حد كبير
ومن بين التعديلات والتغييرات إصدار أول قانون مدني لتنظيم الأحوال الشخصية وهو القانون الذي اعتبر في مضامينه ‘ثوريا’ يطبق المبادئ المدنية في تنظيم القضايا الأسرية ويمنح المرأة الكثير من الحقوق ويهدف إلى تعزيز مكانة الإمارة وتنافسيتها عالميا
وقال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالخالق عبدالله إنّ “الإمارات تتجه نحو العالمية، وتسير مع ما هو سائد في معظم دول العالم”
وبحسب موغيلنيكي، فإنّه “بالنظر إلى حملة التحرر الاجتماعي المستمرة في السعودية، تعكس القرارات الأخيرة الصادرة عن الإمارات محاولة للبقاء عدة خطوات في المقدمة أمام المملكة”
ويرى ناصر السعيدي مؤسّس شركة الاستشارات الاقتصادية “ناصر السعيدي وشركاه”، أن تبديل عطلة نهاية الأسبوع يمثّل “إصلاحا رئيسيا سيؤدي إلى تكامل دولي أكبر ولا سيما التكامل الاقتصادي والمالي لاقتصاد الإمارات العربية المتحدة”، ففي حين أن الإمارات أصبحت الدولة الخليجية الوحيدة التي لا تقضي عطلة نهاية الأسبوع يومي الجمعة والسبت، فإنّها باتت الآن أكثر قربا في مواقيت أعمالها من العالم غير العربي
واعتبر السعيدي وهو كبير الاقتصاديين السابق لمركز دبي المالي العالمي، أنّ هذا الأمر “يعني تناسقا دوليا للأعمال” في الإمارات مع الولايات المتحدة وغالبة الدول في أوروبا وآسيا”، ومع أسواق المال والنفط
وبموجب الجدول الزمني الجديد، تبدأ عطلة نهاية الأسبوع في القطاع العام في الإمارات ظهر يوم الجمعة وتنتهي يوم الأحد. وتقام صلاة الجمعة في مساجد الدولة بعد الساعة 13,15 ظهراً بالتوقيت المحلي (09,15 ت غ) على مدار السنة
بالنسبة لعبدالله، البقاء في الصدارة هو أحد أهم أسباب القرار الأخير
وأوضح “لطالما كانت الإمارات، من خلال دبي على وجه الخصوص، رائدة ونموذجا يحتذى به في المنطقة”، مضيفا “دبي متقدّمة 10 خطوات، ولكن هناك متسع في المنطقة لدبي-2 ودبي-3 وأكثر”
وكانت السعودية أنذرت العام الماضي الشركات الأجنبية بأنّها ستوقف اعتبارا من مطلع 2024 التعامل مع تلك التي تقيم مقرات إقليمية لها خارج السعودية، في خطوة اعتبرها كثيرون بمثابة تحد مباشر لدبي
وتشهد السعودية بدورها حملة تغيير غير مسبوقة لكن على نطاق أضيق، خصوصا منذ أن سمحت للنساء بقيادة السيارات بعد نحو عام من تسلّم ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان منصبه في 2017