عربي وعالمي

تركيا تختار رئيسها.. مواجهة حاسمة بين أردوغان وكليتشدار أوغلو

دخلت تركيا مرحلة الصمت الانتخابي اعتبارا من أمس والأنظار كلها تنتظر ما ستقوله صناديق الاقتراع اليوم في الجولة الثانية وربما الأهم في تاريخ الانتخابات الرئاسية منذ تأسيس الجمهورية. ودعا مرشح تحالف الجمهور الرئيس رجب طيب أردوغان  الأتراك إلى الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، وقال «دعونا نعكس الإرادة التي تجلت في البرلمان يوم 14 مايو بشكل أكبر بكثير هذه المرة. لنبدأ مئوية الجمهورية التركية بأصواتنا».

وحتى اللحظات الاخيرة ما قبل الصمت الانتخابي، هيمن ملف اللاجئين السوريين والتحالف مع الأحزاب الكردية المؤيدة لحزب العمال الكردستاني، اضافة الى تداعيات الزلزال، على المنافسة بين حملتي أردوغان ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو مرشح تحالف الشعب الذي يضم أحزاب «الطاولة السدادسية».

وكتب أردوغان في تغريدة صباح أمس «أنا أصرخ لكل فرد من أمتي: ليس بدونكم!».

وفي رسالة لا تخلو من الرمزية، زار أردوغان أمس ضريح رئيس الوزراء الأسبق القومي الاسلامي عدنان مندريس والوزيرين فطين رشدي زورلو وحسن بولاتكان في توب كابي بإسطنبول.

ويعتبر مندريس مصدر إلهام لأردوغان في السياسة، وكان الشخصية البارزة لدى اليمين المحافظ التركي الذي انقلب عليه العسكر عام 1960 وأعدموه بعدها بعام، عقب نجاحه في إعادة الأذان باللغة العربية وفتح المساجد. كما زار ضريح معلمه نجم الدين أربكان، مؤسس حزب الرفاه.

وقال أردوغان، ردا على اتهامات المعارضة حول حقوق المرأة في عهده: «يقول هؤلاء المنافقون ستخسر النساء حقوقهن، باي باي كمال! لم تخسر النساء حقوقهن في هذا البلد منذ 21 عاما. بينما كان مساعدوك يجبرون فتياتنا على خلع الحجاب في المدارس والجامعات». في المقابل، صعد كليتشدار أوغلو، الذي كان يدعو الى التهدئة قبل الدورة الأولى، خطابه ولعب على الشعور المناهض لوجود اللاجئين السوريين في البلاد. وحاول وأنصاره تضخيم أعدادهم، إذ قال في أحد تصريحاته إن تركيا تؤوي 10 ملايين لاجئ، فيما قال حليفه زعيم حزب الظفر اوميت اوزداغ انه يخشى ان تتحول تركيا الى «مهاجرستان» باستقبالها 13 مليون لاجئ، وتعهد أوغلو بإعادتهم خلال عام واحد، فيما تشير التقديرات الرسمية الى ان تركيا تستقبل نحو 3.4 ملايين لاجئ سوري ومئات آلاف الأفغان والإيرانيين والعراقيين، وهي أول دولة مضيفة في العالم.

وكرر حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد دعمه غير المشروط له رغم التقارب المريب لكليتشدار أوغلو مع القومي المتطرف أوزداغ المناهض للأكراد والأجانب.

وفي محاولة أخيرة لحث الناخبين على الاقتراع، قال كمال كليتشدار أوغلو: «إذا لم تكن ستذهب للصندوق لتعطي كليتشدار أوغلو صوتك فلا تذهب من الأساس». واتهم الحكومة بحجب رسائله النصية إلى ناخبيه. وقال ان هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التركية تنفذ أوامر اردوغان لإلحاق الضرر بحملته.

وقال في مقابلة تلفزيونية أجريت معه ليلا «لقد حجبوا (الرسائل النصية) لأنهم خائفون منا». وجاء في تغريدة أطلقها «أسألك يا اردوغان: ألا تريدني أن أخوض هذه الانتخابات؟». وأعلنت حملة كليتشدار أوغلو أنها أرسلت على نطاق واسع رسائل نصية دعت فيها إلى متابعة المقابلة التلفزيونية مع زعيم المعارضة. وبعد اعلان دعمه للرئيس اردوغان، شن سنان أوغان المرشح الرئاسي عن تحالف الأجداد «اتا» الذي حل ثالثا في الدورة الأولى هجوما حادا على كليتشدار أوغلو، وقال «حشدت الجميع لكنك لم تتمكن في النهاية من تحقيق الأغلبية البرلمانية، فالشعب لم يثق بك». واضاف «إذا لم تحصل على ثقة الناس ثم أتيت لتقول لي: «ادعمنا»، بماذا سندعمك؟». هذا، وتفتح مكاتب الاقتراع أبوابها اليوم عند الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الخامسة عصرا، وستعرف النتائج الأولية مساء. لكن هذه المرة يعتزم حزب الشعب الجمهوري نشر «خمسة مراقبين لكل صندوق اقتراع، أي نحو مليون شخص لضمان أمن» التصويت.

وقد حصل أردوغان على 49.5% من الأصوات في الدورة الأولى، مقابل 44.8% لمنافسه كليتشدار.

 

السوريون يترقبون نتائج الانتخابات بقلق

 

إسطنبول ـ رويترز: على غرار العديد من السوريين في تركيا، يتطلع غيث سمير بقلق لنتيجة جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية اليوم، ويشعر بالخوف إزاء احتمال فوز مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو الذي يتعهد بترحيل اللاجئين في غضون عام.

وفر سمير من الحرب في سورية عام 2012 وهو الآن واحد من بين أكثر من 3.4 ملايين سوري يعيشون في تركيا، حيث أدت المشكلات الاقتصادية إلى زيادة مشاعر العداء للاجئين التي امتد أثرها إلى الانتخابات الرئاسية.

وقال سمير، الذي حصل على الجنسية التركية قبل عامين ويعتزم التصويت اليوم لصالح الرئيس رجب طيب أردوغان، «وعود المعارضة تخيفني وتغضبني أيضا، تخيفني لأنها تسبب المزيد من كراهية المواطنين الأتراك تجاهي وتجاه أطفالي وعائلتي».

وبالنسبة للسوريين، فقد أدت الانتخابات والتحول المناهض للمهاجرين في السياسة التركية إلى إثارة حالة جديدة من الضبابية بشأن مستقبلهم، مما دفع الكثيرين إلى التساؤل عما إذا كان سيتعين عليهم معاودة الكرة وبدء حياة جديدة مرة أخرى بعد فرارهم من حرب دامية في وطنهم. وأضاف «أغلب السوريين باتوا يشعرون وكأن حياتهم كلها متوقفة على نتائج الانتخابات».

عندما أعلن كليتشدار أوغلو يوم الأربعاء عن توصله لاتفاق مع أوميت أوزداغ، رئيس حزب الظفر المنتمي لليمين المتطرف المعادي للاجئين، لدعمه في جولة الإعادة، قال أوزداغ إن الوعد الذي قطعته المعارضة على نفسها بترحيل المهاجرين سيرفع «العبء» عن الاقتصاد ويمنع تركيا من أن تتحول إلى «مهاجرستان».

ويشعر السوريون على وجه خاص بالقلق بسبب هذه النبرة وملصقات كليتشدار أوغلو الجديدة المناهضة للمهاجرين التي تتدلى من أعمدة الإنارة وعلى الأنفاق.

وتساءل أحمد، وهو سوري يبلغ من العمر 40 عاما ويحمل الجنسية التركية أيضا، «هل في شخص عنده ذرة واحدة فقط من الإنسانية يقبل بتعليق لافتات على جدران المدارس والشوارع المكتظة تتوعد بترحيل السوريين؟».

وعبر أحمد، الذي رفض ذكر اسم عائلته خوفا من ملاحقته، عن قلقه من تأثير هذه اللافتات على الأطفال السوريين الذين يستطيعون قراءة التركية، ووصفها بأنها «أقذر كلام وأبشع خطاب كراهية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى