منوعات

بكين تغلق جزءاً من بحر الصين الجنوبي للبحث عن طائرة محطمة

قالت وكالة المخابرات في تايوان الخميس، إن الصين أغلقت جزءاً من بحر الصين الجنوبي قريب من فيتنام هذا الشهر، للبحث عن طائرة محطمة، لتعطي بذلك تفسيراً بديلاً لتدريب وصفته بكين بأنه مناورات عسكرية.

وكانت الصين ذكرت الجمعة، أنها تجري تدريبات تستمر أكثر من أسبوع في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه في منطقة واقعة بين إقليم هاينان بجنوب الصين وفيتنام، ونبهت سفن الشحن إلى البقاء بعيداً.

وفي تقرير إلى البرلمان، قال مكتب الأمن القومي التايواني، إن طائرة صينية تحطمت، وإن بكين أعلنت إغلاق المنطقة لحين تمشيطها وكذلك لإجراء تدريبات. ولم يذكر المزيد من التفاصيل.

ولم تعلن الصين عن تحطم أي طائرة عسكرية في المنطقة. ولم ترد وزارة الدفاع حتى الآن على طلب للتعقيب.

“احتجاج فيتنامي”

وكانت إدارة السلامة البحرية في هاينان في بيان، أعلنت في ساعة متأخرة الجمعة الماضي، إن تدريبات  البحرية الصينية ستستمر حتى 15 مارس. وقدمت إحداثيات لمنطقة في منتصف الطريق تقريبًا بين سانيا في هاينان ومدينة هيو الفيتنامية، ومنعت دخول السفن في المنطقة.

ويقع جزء من المنطقة التي أعلنتها بكين داخل المنطقة الاقتصادية لفيتنام البالغ طولها 200 ميل بحري، وانتقدت فيتنام في السابق الصين بسبب ما تصفه بانتهاك سيادتها.

وقدمت وزارة الخارجية الفيتنامية احتجاجاً لبكين على التدريبات العسكرية، إلا أن الأخيرة رفضت هذه الشكوى، قائلة: “من المعقول والقانوني أن تجري الصين تدريبات عسكرية على عتبة بابها”.

وفي عام 2014، ارتفع التوتر بين فيتنام والصين إلى أعلى مستوياته منذ عقود، عندما بدأت منصة النفط الصينية الحفر في المياه الفيتنامية، ما أدى إلى دهس قوارب من الجانبين وأعمال شغب مناهضة لبكين في هانوي.

بحر الصين الجنوبي

تجري بكين بشكل روتيني مناورات عسكرية في بحر الصين الجنوبي، المتنازع عليه، حيث توجد ممرات ملاحية رئيسية، وأقامت جزرًا صناعية ومطارات على بعض شعابها وجزرها الصغيرة، مما أثار قلقًا واسع النطاق في المنطقة وفي الولايات المتحدة.

ولدى كل من فيتنام وماليزيا والفلبين وتايوان وبروناي مطالب متنافسة.

وفي ديسمبر الماضي، أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما إزاء التحركات الصينية في بحر الصين الجنوبي والشرقي ومضيق تايوان، والتي وصفت بـ”الإشكالية وأحادية الجانب”.

وتبلغ مساحة بحر الصين الجنوبي نحو 3.5 مليون كيلومتر مربع، وهو طريق أساسي يربط بين موانئ المحيطين، الهادئ والهندي، وتمرّ عبره سنوياً، سلع وثلث حركة النقل البحري في العالم، بقيمة 5 تريليونات دولار.

وتفيد إدارة معلومات الطاقة الأميركية، بأن نحو 80% من الواردات النفطية للصين، تمرّ عبر البحر الجنوبي، من خلال مضيق ملقا. كذلك الأمر بالنسبة إلى نحو ثلثي إمدادات الطاقة لكوريا الجنوبية، و60% من إمدادات الطاقة لليابان وتايوان.

وتُعدّ المياه أيضاً مناطق صيد مربحة، وتؤمّن المصدر الأساسي للبروتين الحيواني لمنطقة جنوب شرقي آسيا. ويُعتقد بأنها تحتوي على مخزون ضخم غير مستغلّ من النفط والغاز الطبيعي.

سفينة خفر سواحل صينية تطارد سفينة خفر سواحل فيتنامية في بحر الصين الجنوبي – 15 يوليو 2014 – REUTERS

“نزاع شرس”

تثير الجزر الصغيرة في البحر الجنوبي “نزاعاً إقليمياً شرساً” بين 6 دول أساسية، هي بروناي والصين وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام، ما قد يشعل “حريقاً إقليمياً أوسع”، إذ تتنافس على “مسائل مرتبطة بالسيادة ولا حلّ قانونياً سهلاً لها”. كذلك “تتعمق الخلافات، نتيجة تفشي القومية”، فيما تتصارع الصين والولايات المتحدة للسيطرة على النظام الدولي.

وفي محاولة لتهدئة دول الجوار، وافقت بكين على إعلان، أصدرته مع رابطة دول جنوب شرقي آسيا “آسيان”، في عام 2002، بشأن سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي، لكنها ماطلت بشأن إقرار مدوّنة سلوك ملزمة قانوناً، تقيّد طموحاتها في المنطقة، كما “تجاهلت الاتفاق السياسي ودفعت بالأمر الواقع الإقليمي في البحر الجنوبي”، علماً أن “آسيان” تضمّ 10 دول، يقطنها 625 مليون شخص، ويبلغ إجمالي ناتجها المحلي 3 تريليونات دولار.

وبعد مواجهات بحرية، استمرّت إحداهاً أشهراً، بين الصين والفلبين، حول “سكاربورو شول” في عام 2012، الذي احتلته بكين، شعرت الأخيرة بـ”فرصة تاريخية لتسيطر بالكامل على قلب آسيا البحري”، وفق معهد “أسبينيا”.

صورة من تسجيل مصوّر التقطته طائرة استطلاع أمركية تظهر سفن تجريف صينية في جزر “سبراتلي” – 21 مايو 2015 – REUTERS

أحالت مانيلا القضية إلى محكمة التحكيم الدولية في لاهاي، التي أصدرت، في عام 2016، قراراً أبطل جزءاً كبيراً من مطالبات الصين بالبحر، باعتبارها غير متوافقة مع “معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار”، التي أُقرّت في عام 1982 وبدأ تطبيقها في عام 1994. لكن بكين رفضت الحكم، واعتبرته “باطلاً ولاغياً”.

ورفضت المحكمة مطالبة بكين بما يُسمّى “خط الفواصل التسع” (Nine-Dash Line)، الذي يمتدّ لمسافة ألفي كيلومتر من البرّ الرئيس الصيني، ويطاول أكثر من 80% من البحر. وأفاد موقع “ذي كونفرسيشن” بأن الحكومة القومية التي تزعّمها تشيانغ كاي تشك في الصين، رسمت هذا الخط للمرة الأولى، في عام 1947، علماً أنه يتجاوز الفلبين وماليزيا وإندونيسيا وبروناي وفيتنام. واعتبر الموقع أن الخط “بلا أساس في القانون الدولي”.

وقضت محكمة لاهاي بأن البحر الجنوبي “مغلق”، بموجب “معاهدة قانون البحار”. ويلزم ذلك الدول المطلّة على البحر، بأن تتعاون في كل شيء يمسّ البحر.

تظاهرة أمام القنصلية الصينية في مدينة ماكاتي في الذكرى الخامسة لحكم أصدرته محكمة التحكيم الدولية بإبطال مطالبة بكين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي – 12 يوليو 2021 – REUTERS

وتمنح المعاهدة كل الدول الحق في “منطقة اقتصادية خالصة” بطول 200 ميل بحري، لاستغلال موارد البحر وقاعه، كما تُقاس من أراضيها. ويتيح ذلك امتلاك ثروة مربحة من مصايد الأسماك والهيدروكربونات والمعادن. وعندما تتداخل هذه المناطق، تكون البلدان ملزمة بالتفاوض مع الدول الأخرى، وهذا ما لم يحدث في البحر الجنوبي.

لكن المعاهدة تفيد بأن أجزاء كثيرة في “سبراتلي”، هي مجرد صخور وليست جزراً، وبالتالي تقتصر منطقتها على 12 ميلاً بحرياً. وثمة نقاش في القانون الدولي، بشأن نوع الأراضي التي يمكن أن تولّد حقوقاً في “منطقة اقتصادية خالصة”. وتنصّ “معاهدة قانون البحار” على وجوب أن تكون الأرض قادرة على إتاحة سكن للبشر. ولم يجد قرار محكمة لاهاي أن أي جزر في “سبراتلي” تستوفي هذا المعيار، موجّهة بذلك ضربة للصين.

بكين تختبر موقف الغرب

وكانت وكالة رويترز أشارت إلى قلق في تايوان، من احتمال أن تستغلّ بكين انشغال الغرب بالأزمة في أوكرانيا، لتكثيف ضغوطها على الجزيرة.

ونقلت الوكالة عن مسؤول تايواني بارز مطلع على التخطيط الأمني ​​للحكومة، قوله إن فرص حصول تصعيد مفاجئ للتوتر العسكري “ليست عالية”، مستدركاً أن تايبه تراقب عن كثب أيّ نشاطات صينية غير عادية.

وأشار المسؤول إلى تدريبات عسكرية نفذها الجيش الصيني في مناطق تقع بين شمال شرقي تايوان وقرب مضيق مياكو القريب من الجزر الجنوبية لليابان، والتي باتت متكررة في الأونة الأخيرة. وأضاف أن التدريبات شملت مقاتلات وقاذفات وسفناً حربية، واستهدفت تكثيف الضغط على اليابان.

الوكالة نقلت عن مسؤول أمني غربي ترجيحه أن تكون بكين تتابع كيفية تطوّر الوضع في أوكرانيا، في ما يتعلّق بالعقوبات المفروضة على روسيا.

وأضاف: “ربما تعتبره الصين بمثابة مختبر لما قد تواجهه في حالة طوارئ تمسّ تايوان”، في إشارة إلى ردّ فعل الغرب على هجوم صيني محتمل على الجزيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى