بعد 100 عام.. بايدن أول رئيس أميركي «يكسر الصمت» ويحيي ذكرى مجزرة «تولسا»
أحيا الرئيس الأميركي جو بايدن في تولسا، الذكرى المئوية للمجزرة التي ارتكبت في المدينة بحق أميركيين من أصول أفريقية، خلال زيارة تاريخية قام بها لأجل «كسر الصمت» الذي أرخى بظلاله لعقود طويلة على أحد أسوأ فصول العنف العنصري في تاريخ الولايات المتحدة، كما اعلن
وقال الرئيس الديموقراطي أمام حشد من المدعوين من بينهم ناجون من المجزرة التي راح ضحيتها قبل مائة عام أكثر من 300 أميركي ملون إن «الأحداث التي نتكلم عنها وقعت قبل مائة عام، ومع ذلك فأنا أول رئيس منذ مئة عام يأتي إلى تولسا»، مشددا على رغبته في «جعل الحقيقة تدوي». وأضاف «لقد أتيت إلى هنا للمساعدة في كسر الصمت، لأنه في الصمت تتعمق الجروح».
وأعرب بايدن عن أسفه لأن هذه المجزرة العنصرية «ظلت لفترة طويلة من تاريخنا طي النسيان.
ما أن ارتكبت حتى كان هناك جهد واضح لمحوها من ذاكرتنا»، مشيرا إلى أن من بين الحاضرين في الحفل ثلاثة ناجين من المجزرة تزيد أعمارهم عن مائة عام هم فيولا فلتشر وهيو فان إيليس وليسي بنينغفيلد راندل.
وتابع بايدن الذي كان نائبا لباراك أوباما، أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة، إن «بعض المظالم فظيعة ومخيفة ومؤلمة لدرجة أنه لا يمكن أن تظل مدفونة».
واغتنم بايدن فرصة إدلائه بهذا الخطاب التاريخي في تولسا بولاية اوكلاهوما، للتنديد بالهجمات «غير المسبوقة على الإطلاق» التي تستهدف «الحق المقدس» لمواطنيه السود في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات وذلك من خلال قوانين أقرتها بعض الولايات المحافظة لتقييد حرية الوصول إلى صناديق الاقتراع.
وقال إن «هذا الحق المقدس يتعرض لاعتداء بقوة لم أشهد لها مثيلا من قبل»، متعهدا بـ«النضال» من أجل أن يقر الكونغرس هذا الشهر قانونا انتخابيا يحمي حق الوصول إلى صناديق الاقتراع.
وأضاف في معرض حديثه عن التمييز العنصري الذي مازال يعاني منه الأميركيون السود في الولايات المتحدة أن حق التصويت هو «أهم الحقوق الأساسية» ويتعرض حاليا لـ«هجوم غير مسبوق على الإطلاق».
وكان بايدن ندد بانضمام تكساس إلى ولايتي جورجيا وفلوريدا في إقرار قوانين تفرض قيودا عديدة على مواعيد التصويت وكذلك على التصويت عبر البريد وتمنع الانتخاب من السيارات، وهي إجراءات أقرت في الأساس لتسهل التصويت على الأقليات، ولا سيما السود، وهم ناخبون يؤيدون بشكل عام الديموقراطيين.
وأعلنت إدارة بايدن عن إجراءات مساعدة اقتصادية للسود من شانها تسهيل تملكهم للعقارات وتأسيس الشركات خصوصا.
في الشوارع رفعت بعض اللافتات التي كتب عليها «حياة السود مهمة» فيما طالب بعضها بوضع حد «للعنصرية المعممة».
وأطلق القس روبرت تورنر الذي كانت كنيسته من الأبنية القليلة في غرينوود التي سلمت من دمار العام 1921 عريضة تطالب بتعويضات. وقال لوكالة فرانس برس «أمل ان يهتم هذا البلد اخيرا بالمواطنين الذين أساء معاملتهم على مدى قرون وأعني بذلك السود».
وقدم رئيس بلدية تولسا جورج بينوم اعتذارات رسمية «لعجز البلدية عن حماية مجتمعنا في 1921».
وأمام مبنى من الطوب حضر إليه بايدن، تشارك الأميركيون السود في تولسا الأمل بأن تكشف تلك المأساة التي تم تجاهلها لفترة طويلة، بكل تفاصيلها.
من الرصيف المقابل، كانوا يأملون في رؤية الرئيس الديموقراطي الذي دخل سرا إلى الجانب الآخر من المبنى. لكنه هنا ومن أجل سكان مدينة أوكلاهوما، هذا كل ما يهم.
وقالت بيتي أندرسون البالغة 70 عاما «هذا أمر مذهل!» معبرة عن سعادتها لأن الأميركيين «أصبحوا يعلمون أخيرا ما حدث هنا وهو أمر تم إخفاؤه لفترة طويلة».
وأضافت لوكالة فرانس برس «إنه جرح مازال يسبب ألما».
وبايدن هو أول رئيس أميركي يأتي لإحياء ذكرى مجزرة تولسا التي دمر خلالها رجال بيض، قبل قرن، حي غرينوود الملقب «بلاك وول ستريت» لازدهاره الاقتصادي.
ووقعت تلك المجزرة بتواطؤ مع الشرطة المحلية بعد توترات نجمت عن توقيف ماسح أحذية أسود بتهمة الاعتداء على امرأة بيضاء.
وأسفرت الأعمال الوحشية عن مقتل ما يصل إلى 300 شخص وشردت 10 آلاف شخص ودمر خلالها معظم المباني، وبالتالي النشاط الاقتصادي في هذا الحي.
لم تتم إدانة أي شخص ورفضت شركات التأمين، بمزاعم أنها كانت أعمال شغب، دفع تعويضات لضحايا المأساة.
وصاحت امرأة وسط الحشد «قبل عشرين عاما، لم يكن أحد يقول إنها مجزرة، كان الناس يقولون إنها أعمال شغب!» ما أثار تصفيق الحضور.