الهجمات على الأميركيين في العراق ( رسالة ) قد تعكس نفاد صبر إيران وفق محللين
تحمل الهجمات الصاروخية المتجددة ضد منشآت أميركية في العراق مؤشرا على تصعيد من جانب الفصائل الموالية لإيران على حكومة بغداد، على خلفية نفاد صبر طهران تجاه الإدارة الاميركية الجديدة، وفق محللين ومسؤولين.
وسجلت ثلاث هجمات بالقذائف الصاروخية على مصالح غربية في العراق خلال أسبوع بعد هدوء استمر أربعة أشهر.
وقال مسؤول عسكري أميركي كبير في العراق لوكالة «فرانس برس»، غداة إطلاق قذائف صاروخية في اتجاه السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء في بغداد «يبدو أننا عدنا الى أحداث العام الماضي».
واستهدفت قاعدة بلد شمال بغداد بهجوم صاروخي أدى إلى إصابة متعاقد عراقي في شركة أميركية مكلفة بصيانة طائرات «اف-16» التي حصل عليها العراق من الولايات المتحدة، وفق ما أفادت مصادر أمنية.
وسبق ذلك هجوم مماثل استهدف قاعدة جوية في كردستان العراق في شمال البلاد تؤوي جنودا أميركيين، ما تسبب بمقتل مدني عراقي ومتعاقد مدني أجنبي وجرح آخرين بينهم عسكري أميركي.
وقال المسؤول الأميركي لـ «فرانس برس» ان الحوادث الاخيرة تشبه الهجمات التي وقعت العام الماضي، واستخدمت فيها عشرات الصواريخ من طراز 107 ملم التي تطلق من مركبات صغيرة.
الملفت للنظر الآن أن المجموعات المتهمة بتنفيذ هذه الهجمات كانت أول الجهات المستنكرة لها، لكن المصادر الأمنية لا تبدو مقتنعة بهذا التنديد.
وقال المسؤول الأميركي «المؤشرات تدل على أن الهجمات تعتمد الأسلوب السابق»، مضيفا: «المعلومات الاستخباراتية تقول إن هناك المزيد في المستقبل».
إيران والولايات المتحدة
ويرى محللون وخبراء أن استئناف الهجمات ضد المصالح الأميركية في العراق مرتبط بعوامل محلية ودولية.
على المستوى المحلي، تتحدى الفصائل المسلحة العراقية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي كان وعد بضبط هذه الفصائل، وفق ما تقول أنيسة البصيري من المعهد الملكي لخدمات الأمن والدفاع.
وتوضح لـ«فرانس برس»: «يريدون أن يذكروا الجميع بأنهم موجودون وأن يظهروا لرئيس الوزراء بأنهم يملكون حرية التحرك متى شاؤوا».
وتسعى هذه الفصائل التي لها ممثلون في البرلمان، الى إبراز عضلاتها مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي يجري التحضير لها في أكتوبر.
وتضيف البصيري «الانتخابات المقبلة تلعب دورا مفصليا. وهذه المجموعات تستعد لها».
وتشير الى أن الصواريخ قد تحمل أيضا رسالة من طهران إلى واشنطن حيث تسعى إدارة الرئيس جو بايدن الى إحياء الاتفاق النووي الذي نقضه الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018.
وبينما تطالب واشنطن بالعودة الى المفاوضات في شأن الاتفاق الذي تلى انسحاب واشنطن منه، فرض عقوبات أميركية على الجمهورية الإسلامية، تريد طهران رفع العقوبات قبل اي تفاوض جديد.
وحذر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي بأن بلاده ستخصب اليورانيوم بنسبة 60%، وهي نسبة أعلى بكثير من الحد الأقصى البالغ 3.67% الذي قبلت به إيران بموجب اتفاق 2015.
وتقول البصيري «الهجمات المتجددة قد تكون محاولة من المقربين من إيران لزيادة نفوذ حليفتهم في ضوء المحادثات التي تلوح في الأفق مع الولايات المتحدة».
أموال مجمدة
وقد تكون لدى إيران أسباب مالية للضغط على بغداد بشكل مباشر، وفق مسؤولين محليين وغربيين.
فمع تقلص اقتصادها وتداعيات العقوبات، تحتاج طهران الى الوصول الى حسابها في بنك التجارة العراقي المملوك للدولة، حيث كانت الحكومة العراقية تدفع لها ثمن الغاز الإيراني المستورد، لكن مسؤولين عراقيين قالوا إنهم يخشون دفع ديون مستحقة لطهران بقيمة حوالى ملياري دولار خشية أن يثير ذلك غضب الولايات المتحدة.
وأثيرت القضية في أواخر يناير عندما سافر وفد يضم وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ورئيس ديوان رئيس الوزراء رائد جوحي إلى طهران.
وبحسب مسؤول عراقي كبير مطلع على الرحلة، حمل جوحي رسالة من الكاظمي تطلب من طهران كبح جماح الجماعات المسلحة في العراق بعد هجمات صاروخية شملت السفارة الأميركية.
والتقيا إسماعيل قاآني الذي خلف قاسم سليماني في قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري بعد مقتل الأخير في غارة أميركية بطائرة مسيرة العام الماضي.
وصرح المسؤول لوكالة «فرانس برس» بأن «قاآني أبلغهما بأن ايران لن تتمكن من السيطرة على نشاطات الجماعات المسلحة في العراق ما لم تحصل على أموال من حساب المصرف العراقي للتجارة».
وأكد مسؤول عراقي ثان وديبلوماسي غربي أن المناقشات خلصت إلى ارتباط قضايا حساب مصرف التجارة العراقي بالهجمات الصاروخية.
هل سترد الولايات المتحدة على هذه الهجمات؟
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن الولايات المتحدة «ستحمل إيران المسؤولية عن تصرفات وكلائها الذين يهاجمون الأميركيين»، لكنها لن تخاطر بزعزعة استقرار العراق.
وأضاف «قدمنا خيارات (للرد)، بما في ذلك الضرب داخل وخارج العراق، لكننا لم نتسلم أي أوامر جديدة من الإدارة».