القيادة العسكرية الإسرائيلية في الشمال تعدل خططها
في الوقت الذي تنشغل فيه المؤسسة السياسية الإسرائيلية في الأزمة الداخلية للحكومة، بعد انسحاب رئيسة الائتلاف عيديت سيلمان، والخطر الذي يهدد تفكيكها، تنشغل المؤسسة العسكرية في كيفية التعامل مع تصعيد أمني، مع الأخذ بالحسبان استغلال الوضع السياسي الحالي المتمثل بضعف الحكومة لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، وشملت أبحاث المؤسسة الأمنية حدوث تصعيد تجاه لبنان أو غزة ينعكس على الأوضاع الداخلية في إسرائيل، تحديداً “فلسطينيي 48″، وكيفية التعامل مع ذلك، كما شملت الأبحاث استعراض تقرير يدعي تغلغل إيران و”حزب الله” في الجولان وتداعيات ذلك على تلّ أبيب
وفي وقت أعلنت القيادة العسكرية أن الجيش الإسرائيلي بات مستعداً لمختلف السيناريوهات المتوقعة وأخطرها، أطلق قائد سلاح الجو المنتهية ولايته عميكام نوركين تصريحاً أحدث إرباكا بين متخذي القرارات الأمنية والعسكرية قال فيه إن “حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في لبنان تضررت خلال السنة الأخيرة ولم يعد بإمكانه العمل كما كان سابقاً”
العرب واليهود ضمن خطط القتال تجاه لبنان وسوريا
واعتبر الجيش الإسرائيلي العمليات الثلاث التي نفذت أواخر الشهر الماضي، بداية لسلسلة عمليات متوقع تنفيذها، ليس فقط من قبل “فلسطينيي 48” الناشطين في تنظيم “داعش”، إنما الأخطر من ذلك، وفق إسرائيل، تنفيذها على شكل سلسلة من قبل فلسطينيين في الضفة الغربية أو حتى غزة، كما لا يُسقط الإسرائيليون من حساباتهم احتمال تسلل عناصر من قبل لبنان أو سوريا وتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، في حال تصعيد الأوضاع الأمنية في القدس، خصوصاً، المسجد الأقصى وصلاة اليهود فيه أو استفزاز المسيرات الدينية اليهودية إلى الأقصى، واعتبر مسؤول أمني هذه الأحداث “مكونات استراتيجية سلبية صعبة جداً على الأمن بدرجة أكبر بكثير من إيران وحزب الله وأن تكون لهذه المكونات تأثيرات سلبية على القتال”
وفي أعقاب هذا التقدير الأمني الإسرائيلي، قررت قيادة الشمال في الجيش تحديث مخططاتها لقتال تجاه لبنان وسوريا في الشمال، وهذه التقديرات تأتي كواحدة من استخلاصات عبر عملية “حارس الأسوار” التي رافقتها احتجاجات من قبل “فلسطينيي 48″، ومسيرات داخل البلدات العربية وقعت خلالها مواجهات بين السكان وقوات الأمن، كما وقعت مواجهات عنيفة بين اليهود والعرب في المدن المختلطة عكا، وحيفا، واللد، والرملة وغيرها، وإزاء ذلك، قامت قيادة منطقة الشمال في الجيش الإسرائيلي بإدخال تعديلات على الخطط التنفيذية للقتال في الجبهة الشمالية، وتضمنت الوضع الداخلي في إسرائيل، “حيث تعطي رداً على معظم السيناريوهات المتوقعة والوضعية الناشئة منها، بدءاً من أحداث أمنية محددة مروراً بأيام قتال معدودة وانتهاء بحرب شاملة متعددة الساحات”، وفق الخطة الإسرائيلية
ومما عرضه الجيش من تحديث لخططه، فهي تشمل الاستعداد لسيناريو وقوع مواجهات بين “فلسطينيي 48” واليهود مع بداية القتال بين إسرائيل ولبنان أو سوريا أو حركة “حماس”، بحيث تبدأ المواجهات في المدن المختلطة تعرض حياة السكان للخطر، الأمر الذي يقتضي وصول قوات شرطة كبيرة
وبحسب مسؤول في الجيش الإسرائيلي، ستقوم أجهزة الشرطة وعناصرها بمعالجة الأحداث داخل إسرائيل، وبذلك لن تتيح لها إمكانية مساعدة الجيش في قتاله أو دفاعه أو حتى مساعدة المصابين والجبهة الداخلية، عموماً
صواريخ باليتسية وطائرات مسيرة
ووفق السيناريوهات التي عرضها الجيش على المستوى السياسي بخصوص القتال المقبل في الشمال، فالتقدير سقوط آلاف الصواريخ بينها صواريخ باليستية وطائرات من دون طيار، التي سيطلقها “حزب الله” أو تنظيمات متماهية مع غزة وسوريا، وضمن استعدادات الجيش، اندلاع احتجاجات ومسيرات من قبل “فلسطينيي 48” ضد الحرب تشمل عراقيل في حركة السير لمنع وصول آليات حربية ووحدات عسكرية للجيش وقطع الطرق القريبة من تجمعات البلدات العربية، ما يعيق الجبهة الداخلية والشرطة في الوصول إلى مناطق سقوط الصواريخ ومساعدة المصابين، وخلال القتال، وفق الجيش، تكون الشرطة هي المسؤولة عن إخلاء الطرق للجيش وحماية المناطق والبيوت التي سيخليها السكان، وبحسب التقديرات، سيتم في الحرب المقبلة في الشمال إخلاء عشرات آلاف السكان من بيوتهم، لكن الشرطة لن تنجح في الوقوف إلى جانبهم بالقدر الذي فعلته في أحداث أمنية سابقة
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإزاء هذه التقديرات، يستعد الجيش لوضع طوارئ يتم فيه تحويل صلاحية الأعمال الشرطية إلى الشرطة العسكرية، وستعطى لرجال الشرطة العسكرية صلاحيات تنفيذ القانون حتى تجاه السكان المدنيين، وفي الوقت ذاته، في الحالات التي تجد الشرطة صعوبة في العمل بسرعة في المناطق التي سقطت فيها صواريخ، فإن قيادة الجبهة الداخلية وقوات الهندسة ستحل محلها
حرية سلاح الجو تضررت
والخطط الحربية التي وضعها الجيش الإسرائيلي لقتاله تجاه لبنان أو سوريا تعتمد بالأساس، على سلاح الجو، لكن في تصريح أربك المؤسستين العسكرية والأمنية، قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي المنتهية ولايته، عميكام نوركين، في مقابلة مع قناة “كان” أن “حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي تجاه لبنان لم تعد كما كانت في السابق وبأنها تضررت خلال السنة الأخيرة مع زيادة الترسانة الصاروخية لحزب الله ومشروعه للصواريخ الدقيقة وحيازة منظومات صاروخية متطورة مضادة للطائرات، والتي ستكون قادرة على استهداف طائرات حربية إسرائيلية واعتراض طائرات من دون طيار، يدرجها الجيش ضمن خططه الحربية تجاه لبنان”
التغييرات الديمغرافية في سوريا تحد جديد لإسرائيل
في تقرير إسرائيلي آخر، اعتبر ما سماها “التغييرات الديمغرافية التي أحدثتها الحرب الأهلية في سوريا” حيث زيادة نسبة الشيعة والعلويين، خصوصاً في منطقة الجولان من جهة سوريا، من شأنها فتح جبهة جديدة على إسرائيل التي تخشى، وفق التقرير، “من أن تستغل إيران وحزب الله الوضع لتجنيد مؤيدين ونشطاء من بين أبناء الطائفة الشيعية مثلما فعلوا في لبنان. كما أنه بفضل انتصار الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية التي تواصلت نحو عقد من الزمن، قد يحاول الأسد استعادة الاستقلال الكامل لدولته”
وفي التقرير الإسرائيلي، يتمركز عدد غير قليل من السوريين الداعمين للأسد في هضبة الجولان السورية المحاذية لإسرائيل، تحديداً قرى كرفا، والسيدة زينب، وسعسع وحوالى ثماني قرى أخرى، وتدعي تلّ أبيب أن إيران ستستغل الوضع الداخلي في سوريا، وما أحدثته هجرة السكان والفقر المدقع، والدخول إلى المناطق الرخوة المحاذية لإسرائيل، ويضيف التقرير، “بحسب التقديرات الإسرائيلية، يوجد منذ الآن بضع مئات ممن جندهم حزب الله أو إيران وفروعها في هذه المناطق”
وبحسب التقرير الإسرائيلي، نفّذ الجيش، خلال السنة الأخيرة، اجتياحات عدة، وبضع عشرات الكمائن وألقي القبض على نحو 15 سورياً اجتازوا الحدود، “بعضهم غير أبرياء”، وفق ما جاء في التقرير