فنون

«الطاهش».. النوايا الطيبة لا تصنع مسرحاً!

يحسب لمهرجان الدوحة المسرحي في دورته الـ 35، الذي ينظمه مركز شؤون المسرح، تقديم عروض مسرحية من إنتاج الجاليات العربية المقيمة في قطر جنبا إلى جنب مع العروض التي تتصدى لإنتاجها الفرق المسرحية الأهلية، والعروض التي تقوم بإنتاجها شركات الإنتاج الفني والجامعات والكليات على مستوى الدولة.

هذه «الخلطة» هدفها تكوين قاعدة جماهيرية مسرحية من مختلف الأعمار والأذواق، لكن لابد أن تكون العروض المختارة تحمل بين طياتها أفكارا ورؤى إخراجية تتماشى مع المتغيرات التي نعيشها حتى تلامس المتلقي من الداخل، وهذا يعنى أن نقدم عروضا تغوص في أعماق المتلقي حتى يشعر بها وألا تمر عليه مرور الكرام، ما يتطلب جهدا كبيرا من صناع العروض سواء من الفرق المسرحية الأهلية أو شركات الإنتاج الفني والجامعات والجاليات العربية لأن «النوايا الطيبة لا تصنع مسرحيا» بل الأفكار وكيفية التعامل معها حركيا وتقنيا وإخراجيا هي من تصنع لك مسرحا حتى وإن كانت الإمكانات محدودة!

في هذا الصدد، قدمت الجالية اليمنية في قطر عرضها المسرحي «الطاهش» المأخوذ عن نص «البطل»، تأليف الراحل د.عبدالغفار مكاوي، حيث شهد العرض عودة المخرج المسرحي اليمني القدير صفوت الغشم بعد غياب عن خشبة المسرح، كما شهد مشاركة العديد من المواهب الشابة والتي تحتاج الى الكثير من العمل حتى يتقنوا أدوارهم التي يقدمونها.

«الطاهش» قصة شعبية يمنية، تدور حول وحش كبير يقتل الإنسان، فيعلن السلطان عن جائزة كبيرة لمن يقضي عليه، ومع مرور الوقت يقتله «حسن سيف» وتصدقه زوجته لتعلن الخبر ويصبح «حسن» الرجل الساذج «فارسا» فيتغير حاله، ويعامل أهل القرية بكبرياء، فيقرروا الانتقام منه لأنه كذب على نفسه وصدق كذبته بمساعدة زوجته.

تحمل المسرحية إسقاطات كثيرة على واقعنا الحالي، ولكن ما شاهدناه كان عبارة عن «كرنفال غنائي»، ومشاهد غير مترابطة، وتصنع في أداء الممثلين إلا الممثل علي سيف الذي كان أبرزهم وأتقنهم لشخصيته، أما الآخرون فهم بحاجة إلى دورات مكثفة لمعرفة أساسيات المسرح في الحركة والأداء والتعبير الجسدي، كما كانت مشاهد الغناء مقحمة وغير متناسقة، ولو أنها حملت بين طياتها ترسيخ المحبة بين مدينتي صنعاء وعدن، حيث كان الأمر يحتاج من المخرج الى توظيف الأغاني بطريقة تناسب الحدث الرئيسي للعرض.

تبريرات المخرج صفوت الغشم بأنه قدم العرض بإمكانات محدودة دون دعم سواء من سفارة الجمهورية اليمنية في قطر او غيرها لم يكن لها أي داع، فالمخرج يقدم العرض على حسب الإمكانات المتاحة وإن شعر بأنه لا يستطيع يعتذر عنه، خصوصا أن الغشم أخرج العديد من العروض المسرحية الناجحة، ولكن للأسف في «الطاهش» لم يوفق على الرغم من «نيته الطيبة» في ترسيخ المحبة بين صنعاء وعدن، إلا أنه كما ذكرنا «النوايا الطيبة لا تصنع مسرحا».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى